كُنتُ هنا
وكان الإعصار وحيا
يجتاحني
كل نهار
يبتدئ ببرق راقص
وينتهي بمطر ثم عمار
كُنتُ هنا
وكان البرد مدفئتي
والليل وليفي
والقمر سامري
والنجوم بعض مني
سنابل ماسية
خطت على عباءة مخملية
كُنتُ هنا
في عصر الراعي والمزمار
الناي يبكي في شجن حال الرعية
والراعي يزحف وبطنه محتك بالأرض
وملئ عيونه حبات من التراب
كُنتُ هنا
توشحت كلمات ثائرة
وحروف منتفضة
زينت بوحي بقلم ذهبي
قلم متموج يسطر
مدا وجزرا
على صفحات مزاجية
تركض عكس الريح
عكس التيار المتماثل
كُنتُ هنا
وما زلت أسافر
ألهو وأعبث
بين غروب وشروق
بين ليل ونهار
بين حب وحرب ودمار
كُنتُ هنا
في عصر الإلياذة
في عصر المعلقات
ثملت من بحر الحب
ونقشت أسفار العشق
على صفائح التاريخ العمياء
كُنتُ هنا
ومازال رحيق كلماتي
يعلو المكان
وينهمر كالسيل الجارف
على صخور الوجدان
كنت هنا
تساقطت كالثلوج
على أجساد مبهمة
تتخبط في غبار الزمن
انصهرت الثلوج
ورقصت الأجساد في الوحل
رقصات غجرية
على إيقاعات دف أصم
عمياء هي القلوب
في انعدام قمر الحب
وشمس الحكمة
كُنتُ هنا
ومازالت كلماتي من ذهب
وحروفي ماس وزبرجد
لها بريق مبهرج يشد أوصال العقول
قبل غيا بات القلوب.
كُنتُ هنا
ومازلت كالطيف
يناشد وصال من يحب
يناجيه في الخفاء
على أوتار قيثارة الشجن
كُنتُ هنا
وكان الصمت الرخامي
نتاج حبي
سكون رهيب
وغموض يتأبط خمول العاطفة