ساعة الرضاعة
من الأدب التركي
الاستاذ جنيد السعاوي
ترجمة اورخان محمد علي
كانت هناك قطعة عرجاء تعيش في حديقة محصورة بين العمارات الفخمة في ذلك الحي الراقي من المدينة. ونظراً لأن رجلها أصيبت في حادثة مرور في الشارع الرئيسي المزدحم بالسيارات فقد اضطرت إلى السكن في هذه الحديقة وبدأت تعيش على الأطعمة التي كان سكان العمارات يرمونها ... هنا عاشت هذه القطة ، وبعد سنة واحدة أصبحة أماً.
قبل ولادة أولادها وهبت لها أحاسيس كانت تقول لها بأن عليها أن تضحي بكل شيء في سبيلهم. ولم يتحمل سكان الحي جمال هذه الصغار فاقتسموها بينهم، ولم يبق هناك إلا أضعف قطة منها واقلها جمالاً، ولم تستطع القطة الأم شيئاً حيال هذا الأمر سوى تكثيف وتخصيص كل حنانها لصغيرتها هذه .
بعد مرور عدة مواسم رأى سكان الحي القطة الأم وابنتها وهما تلدان معاً ، ففى الوقت الذي سعدت فيه القطة الأم بالأمومة مرة ثانية كانت قد أصبحت جدة أيضاً. ولكن لكونها أصبحت قطة مجربة فإنها كانت ترضع صغارها فقط، وترسل أحفادها وحفيداتها التي تقبل عليها للرضاعة إلى أمهن ... طبعاً يجب على كل هذه المخلوقات الصغيرة أن ترضع من أمها وتتقاسم معها ذلك الحب الذي لا مثيل له بين الأم وبين الأبناء. وقد لاحظ سكان الحي هذا الأمر ورأوه شيئاً طبيعياً، حتى أن بعضهم راهن على أنها لن تقوم أبداً بإرضاع أحفادها وحفيداتها.
هذا الأمر وهذا المنظر الذى اعتاد على رؤيته كل من كان يتطلع ويتفرج على هذه الحديقة التي تعيش فيها هذه القطة تغير فجأة، وكان هذا مبعث دهشة من تطلع إلى هذه القطة العجوز وهى تأخذ أحفادها بين أولادها وترضع الجميع بكرم بالغ ودون أي تمييز بينهم. بل قامت اضافة إلى ذلك بمهمة تنظيفهم كذلك وذلك بلعقهم.. لم يعد أي صغير يختلف عن الآخر بالنسبة اليها.
وبينما كان الصغار تتمتع بهذا الحضن الهادش الحنون وتُرضع بعد سغب لم تكن تعرف ان امهم قد تعرضت لحادثة دهس في الشارع الرئيسي قبل أربع ساعات.