06-21-2009, 07:25 PM
|
|
رد: دراسة .. في شاعر .. شكرا لك اخي مجد اسمح لي ان اعبر عن اعجابي برفقة فنتمنى جميعا المواصلة على هذا الدرب للموضوع رؤيا جميلة ومن زاوية واسعة من اجل شيء لا يقدر بثمن
اخي مجد موضوع فعلا قيم وثرى جداااااا ..تسلم أيدك ****************** الفارس الشاعر والشاعر الفارس \ ابو فراس الحمداني حين تغلف الشاعرية شخصية الفارس بوشاح الشعر .. وتطغى عليها .. فلا تدعها تخلد ببطولاتها ومآتيها ... بل تتربع هي وحدها على سدرة المنتهى .. في علياء الخلود..
هكذا سأبدأ حديثي عن الشاعر الفارس والفارس الشاعر والذي يطيب لي أن أتحدث عنه بقليل من الإسهاب ألا وهو الشاعر والفارس أبو فراس الحمداني رمز الفروسية والشعر بجميع دروبه
حين يستطيع الأمير- البطل – أن يحول هذه الرموز إلى مصادر وحي ..ويتغنى بها شعرا رومانسيا يتحول إلى فارس كلمة ووجدان بدل أن يظل فارس ميدان .. فتتم له نقلة هائلة وراء الزمان والمكان.. وإذا به حاضر في كل زمان ومكان.. و بدل أن يظل عالمه محدودا بين سيف ومعركة وحصان يصبح عالمنا نحن .. جزءا هاما من عالمنا.. ننشد معه وننشج ونذوب حسرات من خلال حسراته على بطولات شبابنا الذين يموتون مثله في معركة قضيتهم قبل أن يحققوا المزيد من الانتصارات. . ونظل نخوض معه هاتفين في أعماقنا بلسانه: زين الشباب أبو فراس لم يمتع بالشباب
لكن مجد الشعر وسحر الكلمة منحاه عودة ...حياة أبقى .. ونفحات روح ملهمة دائمة النبض والإيحاء..
ونمضي معه في حدائه مماثلة.. ناسين تماما لمن هتف وجدانه؟ ومتى وكيف ولماذا؟ .. وهكذا ينقلب أبو فراس شاعر همس موصول بوجداننا يملأ كياننا ويطل من عيوننا ونكاد ننسى البطل العادي فيه والفارس والقائد و يردنا شعره إلى هذه الرموز فنعجب بها من خلاله من خلال كيانه الذائب شعرا رومانسيا مصفى لا من خلال سيرته ونوازع شخصيته.
هذه نبذة سريعة عن الشاعر الفارس أبو فراس الحمداني- إلي جانب عنترة والمتنبي وغيرهم من شعراء الفروسية- تمثل نظرة سريعة كيف يتأتى الشعر على لسان الفارس الذي تتوق الكلمة إلى الانفراج من قلبه وصدره وعقله .. حزنا وحلما .. ووهما.
تابعونا لتقرأوا بقية الدراسة...
*************** اعزائي ارجو ان يتسع صدركم لقراءة هذه النافذة التي تطل علينا من عبر تاريخ مقدارة الف سنة ..لنقرا ونتعرف على معنى الفروسية عند المسلمين من خلال تتبعكم لسيرة الفارس الشاعر والشاعر الفارس ابو فراس الحمداني في ذلك العهد الذي يعتبر عهد النهضة الاسلامية ..زمن الفروسية والنضال ضد هجمات الروم والفرس على المسلمين قاطبة وكيفية مواجهتها رغم قلة العدد والعتاد..سأقوم بنشرها تباعا حتى لا تملوا من القراةة ولو اني على يقين تام ان محبي التاريخ والفرسان منكم سيستمتعوا ايما استمتاع بما يلي... من هم الحمدانيون؟
الحمدانيون الذين منهم اميرهم وفارسهم ابو فراس الحمداني بدأ نجمهم يسطع حيث خبا نجم العباسين وغلب المركز (بغداد) على امره وأصبح مسرحا لكل طامع من الترك والديلم (بلاد الديلم او بلاد ديلان الواقعة في الدنوب الغربي من شاطئ بحر الخزر وقصبتها روزبار) يسيطر عليه قوادهم بل خدمهم ، ولم يعد الخليفة العباسي سوى لعبة حقيرة تتقاذفها ايدي الاماء، والخدم بتشجيع من هؤلاء القواد احيانا وبتدخل مباشر مهم احيانا اخرى فهم الذين ينصبون الخليفة العربي المسلم اذ كانت امه تركية او ديلمية..وهم الذين يخلعونه اذا انسوا منه بقية من نخوة عربية او حمية اسلامية او ثأرا لكرامة مهدورة .ويأتون بغيره ذا ايقنوا من هذا غفلة او جهالة او ضعفا او ميلا للخنوع والمجون والاستسلام او في الاكثر مقدرة على جباية الاموال لهم باسمه..
كانت هكذا تقوم الدويلات في الاقاليموكان اكثر اراها وملوكها من غير العرب كبنى بويه الديلميين في الري الذين تحكموا بمصائر خمسة خلفاء عباسين هم المستكفي والمطيع والطائع والقادر والقام ومن دهائمهم انهم كانوا يخطبون باسمهم وقامت دويلة القرامطة في عمان والبحرين واليمامة وبادية البصرة .زف الاندلس امتد سلطان بني امية على لاسواحل الاسبانية بقيادة عبد الرحمن الناصر او ا لداخل ولقب بأمير المؤمنين وهو لقب الخليفة اعلانا لاستقلاليته عن بغداد واستهتارا بذلك الخليفة العباسي الذي لم يعد اهلا لهذا اللقب بعد ان انقلب دمية بيد الاتراك والديالمة وسواهم (حتى ان بعض العباسيين الخلفاء بلغ فيهم الخوف والهوان درجة لم يجرؤوا معها من البقاء في بغداد كالمتقي مثلا ..)
وكالفطر كانت تنبت الدويلات في القرن الرابع الهجري فهذه دويلة العبيد في افريقيا تنبت على انقاض الاغالبة والادارسة وعلى رأسهم احد مؤسسيها اسماعيل بن منصور الذي خذا حذو عبد الرحمن الداخل في الاندلس فاستقل عن بغداد ولقب بأمير المؤمنين.
وهذه دويلة الاخشيدين تقوم في مصر والشام برئاسة اميرهم انوجور بن محمد الاخشيد لكن هؤلاء لم يستقلوا عن بغداد ولو صوريا ل ظلوا يخطبون على منابرهم باسمالخليفة العباسي ..اما الدويلة او الامارة العربية الصرف فكانت في الموصل او الجزيرة الفراتية بقيادة الامير العربي ناصر الدولة الحسن بن عبدالله بن حمدان الشيباني الذي لم ينفصل بدوره عنبغداد وبقي يخطب للخليفة وهو ااخو سيف الدلة علي بن عبد الله بن حمدان الشيباني الذي استقل بامارة حلب وثغورها ( اي حدوها وكانت قرى وقلاعا متاخمة شمالا لبلاد الروم اليزنطية (تركيا اليوم) وكانت كلها في حوزة سيف الدولة بالاضافة الى حلب وديار بكر).وظل اخيه يخطب باسم الخليف..
وناصر الدولة هو الذي فتك بعمه سعيد والد ابي فراس بعد ان ارتاب في ولائه وكان شاعرنا يوم فقد اباه في الثالة من عمره فنزحت به امه الى حلب فاحتضنه ابنعمه سيف الدولة اخو ناصر الدولة وتكفل بتربيته وتنشئته واصهر له...اي تزوج اخت الامير الفارس ابو فراس الحمداني. نجوى ورومانسية بعض ملامح شاعرية ابو فراس الحمداني : يعكس ابو فراس في شعره بشكل عام يسمى اليوم بالطفولة الشعرية او براءة الفتوة الشاعرة وعفوية الفارس الواثق..
من هنا بدا لي حاملا طابع الحداثة في الروح والاسلوب مما يجعله خفيف الظل ، حتى في تعاليه وتغنيه بارستوقراطيته التي نكرهها في اعماقنا ولكننا نقبلها منه/ لانه كثيرا ما غلفها بغلاف شعبي ورواها بفيض من روح ديموقراطية ظهرت في اخوانياته وتعامله مع الآخرين..ولا سيما في أسره ومواقفه القومية السليمة تجاه العدو..وفي غزله الاليف الانوف..
وكان كان فارسا اصيلا كان شاعرا اصيلا فهو انسان وجد نفسه وعرف موقعه فلم يقلد ولم يتكسب وظل ممثلا صادقا لطبقته وقيمها وخير من يتحدث عن البراءة والطفولة والامومة والفتوة والشعرية على أنها حديث روح وقلب ووجدان لا سلعة معروضة للبيع وهي اقرب الى النوع لا الى الكم..وان القيم والشخصية الحرة هي التي يجب ان تتكلم في الشعر وليس اي شئ سواها...
فلا ازدواجية عنده كما نقول اليوم ولا تناقص بين قوله وفعله //بين سلوكه كانسان ومواقفه كشاعر..يشبه ابن الرومي من هذه الناحية : ناحية السلوك الشعري او الالتزام ان صح القول فهو يعايش المعاني ويبرز معها ولا يختبىء وراء صوره او يخبىء شخصية اخرى غير شخصيته الحقيقية..
امه في الوفاء ..
وكما كان لخصمه اللدود المتنبي امة في رجل ( وهو اللقب الذ اطلق على المتنبي في كتاب تحت عنوان المتنبي امة في رجل) من حيث قوة الشخصية واحتضان الذات وانعكاس كل ملامح الامة والعصر في ملامحه وشعره وروحه كان ابو فراس امة وحده في الوفاء
قال:
جملت على ضنى به، سوء ظنه
وأيقنت أني بالوفاء ..امة وحدي
لا لأنه نعت نفسه في هذا البيت بأنه في الوفاء امة وحده بل لأن كل مواقفه في الاسر وقبل الاسر تدل على الوفاء سواء كان هذا الوفاء اما سيف الدولة ..اذ كثيرا ما أغراه الروم وجادلوه وهددوه فلم يرضخ.
وهكذا وجدنا ابا فراس في شعره وفي حياته الوفاء المجسد والصراحة الصريحة والاحساس المرهف ينطق بما يحس تماما ولو كان ما ينطق به جارحا او انانيا..لا بأس اذ كيف يعقل في نظره ان يموت ظمآنا حبا وغيره من العشاق مرتوون؟
معللتي بالوصل والموت دونه
إذا مت ظمآنا..فلا نزل القطر...
أنها حسرة حرى ترسال ارسالا فلا زيف عنده ولا اصكناع ولا تورية ولا مداورة او مراعاة ..والموقف نفسه مع باقي الاحبة: سيف الدولة ، امه ، ابنته ، سيفه ، نفسه ، صديقه ، بلدته ، قبيلته... كل هؤلاء لا تجوز خيانتهم كما لا يجوز الكذب عليهم انهم يملأون قلبه وكيانه ...هذا صحيح..وهو ايضا يملأ قلبهم ووجدانهم بجدارة الشاعرية والفتوة وكرم المحتد وكيب الاحدوثة..
فلا فاضل ولا مفضول..والحب من ظرف واحد مرفوض..من هنا كان موقفه من بعض هؤلاء الاحبة صريحا وشهما ووفيا في آن..فلا تخاذل ولا استجداء لرضا او فداء...واذاكان قد ضعف امام سيف الدولة في طلب الفداء وتضرع وتذلل فليس ذلك منه عن سجية او جبلة ..بل عن دافعين لا ثالث لهما:
على هذا كله دارت اخوانيات ابي فراس ورومياته.. : تلك الرسائل الشعرية الملتهبة حبا ووفاءا ولوعة وإباء..والتي اوحت بها تجربة خصبة ومثيرة هي تجربة الاسر..حيث صفى الالم وجدان الشاعر وعرى للفارس الامير كثيرا من الحقائق والقيم والاشخاص...
والى لقاء وقصيدته الرائعة :
أراك عصي الدمع شيمتك الغدر أما للهوى نهي عليك ولا أمر تحياتي اشواق |