جامع (الأزهر): القصر والجامع والمدينة بسم الله الرحمن الرحيم
{أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ يَسْتَوُونَ عِندَ اللّهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ }التوبة19
- يقول ''العاملي'' في كشكوله: ''لا ينبغي للعاقل ان يسكن بلداً ليس فيه خمسة اشياء: سلطان حازم، وقاض عادل، ونهر جار، وسوق قائم، ومسجد جامع..''.
حكمة ادركها حكام العرب والمسلمين قديماً، فأقاموا قصورهم بالتزامن مع بناء مساجد مدنهم، وربما بالقرب منها، ولعبت المساجد الكبرى ادوارها، مرة تخالف الحكام، ومرة تسير في ركابهم.. وان تغوّلوا عليها سدت ابوابها، اما اذا عدلوا ووازنوا، فتفتح محاريبها واروقتها، للدين والدنيا معاً. وان جاء الغزاة، وضاقت الدنيا على الاوطان، فليس للأمة غير من استعصم بمحاريب حكمتها.. و''ازهر العرب'' يشهد..؟!.
حقائق
* جامع ''الأزهر''، او الجامع الازهر، هو واحد من اهم مساجد مصر، واكثرها شهرة، فهو ''جامع وجامعة''، منذ اكثر من الف عام، حيث انشيء بهدف نشر ''المذهب الشيعي'' الفاطمي، حين فتحت مصر، على يد جوهر الصقلي، القائد العسكري للخليفة ''المعز لدين الله'' الفاطمي، اول الخلفاء الفاطميين في مصر، غير انه حالياً يدرّس الاسلام وفق ''المذهب السني''.
* ''الأزهر'' هو اول ''مسجد جامع'' اقيم في مدينة القاهرة، حيث كان يسمى ''جامع القاهرة''، تم انشاؤه في الفترة (359ه / 970م - 361ه /972م) بعد تأسيس مدينة القاهرة، لتكون عاصمة للدولة الفاطمية (358ه)، حيث تم وضع حجر الاساس لقصر الخليفة المعز، وحجر الاساس للأزهر في (14 رمضان 359ه / 970م).
* هناك خلاف تاريخي في اصل تسمية الازهر، وما هو مرجح ان الفاطميين سموه بذلك، تيمناً ب ''فاطمة الزهراء'' بنت الرسول العربي الكريم، كجامع ومدرسة، لتأهيل الدعاة الفاطميين، لنشر المذهب الاسماعيلي الشيعي ''مذهب الشيعة السبعية'' الذي كان الفاطميون يؤمنون به.
* يعتبر الازهر اقدم اثر فاطمي قائم في مصر والقاهرة الى اليوم، وهو في الاصل ''صحن تطل عليه ثلاثة اروقة، اكبرها رواق القبلة''.
ولاحقاً، اضيفت اليه ''مجموعة من الاروقة، والمدارس، والمحاريب والمآذن'' التي بدّلت معالمه الاصيلة، فقد اعتنى به السلاطين المماليك، بعدما اغلقه الايوبيون في عصرهم. واقيمت المئذنة ذات الرأسين، وهي اعلى مأذنة، في عهد السلطان قانصوه الغوري. كما تجددت عمارته في اكثر من عصر.
* اقيمت في الازهر اول صلاة جمعة في (7 رمضان 361ه / 972م)، وحين تولى صلاح الدين الايوبي سلطنة مصر، منع اقامة صلاة على التراث العربي'' منذ سقوط الخلافة العباسية في بغداد، وكذلك له فضل في ''الحفاظ على اللغة العربية'' من ''التتريك'' ايام الحكم العثماني لمصر، منذ العام 1517م.
*للأزهر مواقف مشهودة وبارزة، في التصدي للغزاة، ولظلم الحكام والسلاطين والمماليك، فقد كان علماء الازهر حينها هم ''اهل الحل والعقد''، فعلماء الازهر هم من اشعلوا الثورة ضد الفرنسيين بقيادة نابليون عند غزو مصر (1798م) في ثورتي القاهرة الاولى والثانية، بعد داست خيول القوات الفرنسية صحن الجامع الازهر، وعاثت فيه فساداً، وبعثرت مصاحفه، وهم من استطاعوا فرض ''الوالي محمد علي باشا'' على الخليفة العثماني، كوال على ''إيالة مصر العثمانية''.
* وفي العام 1956، صعد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر على منبر الأزهر، ليعلن القتال ضد العدوان الثلاثي (اسرائيل وبريطانيا وفرنسا).. وبعدها صدر القانون المصري رقم 103 لسنة 1961، بشأن تنظيم الأزهر وما يتبع له، وهو من اكثر القوانين تقدماً وتحضراً، التي حكمت عمل الازهر، طوال تاريخه، فقد جاء فيه:.
''الأزهر هو الهيئة العلمية الاسلامية الكبرى، التي تقوم على حفظ التراث الاسلامي ودراسته وتجليته ونشره، وتحمل امانة الرسالة الاسلامية الى كل الشعوب، وتعمل على اظهار حقيقة الاسلام، واثره في تقدم البشر ورقي الحضارة، وكفالة الأمن والطمأنينة وراحة النفس، لكل الناس، في الدنيا والآخرة. كما تهتم ببعث الحضارة العربية، والتراث العلمي والفكري، للأمة العربية، واظهار اثر العرب في تطور العلوم الانسانية وتقدمها.وتعمل على رقي الآداب، وتقدم العلوم والفنون، وخدمة المجتمع، والاهداف القومية والانسانية، والقيم الروحية، وتزويد العالم الاسلامي، والوطن العربي بالمختصين، واصحاب الرأي، فيما يتصل بالشريعة الاسلامية، والثقافة الدينية واللغة العربية، ولغة القرآن. وتخريج علماء، متفقهين في الدين، يجمعون الى الايمان بالله والثقة بالنفس وقوة الروح، كفاية علمية وعملية ومهنية، لتأكيد الصلة بين الدين والحياة، والربط بين العقيدة والسلوك، وتأهيل عالم للمشاركة في الدعوة الى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة، كما تهتم بتوثيق الروابط الثقافية والعلمية، مع الجامعات والهيئات الاسلامية والعربية والاجنبية. ومقره القاهرة، ويتبع رئاسة الجمهورية..''.
* اما اليوم، فجامع الأزهر يتبع، كمسجد، الى وزارة الاوقاف المصرية، ولا يتبع الى ''مشيخة الازهر''، الموجودة في مقرها الجديد، في ''حديقة الخالدين''، في ''الدرّاسة''.