أطفالنا وديعة ..فلنحسن تربيتهم ونحبهم بسم الله الرحمن الرحيم - .. الى أي شيء اشار الخبراء، عندما قالوا ان من اهم حاجات الطفل الاساسية الشعور بالمحبة، وهي حاجة نفسية انسانية تحقق الامن والطمأنينة للطفل، وتشبع غرائزه الذاتية، حيث ان حاجة الطفل الى المحبة لا تقل اهمية عن حاجته الى الطعام، فالشعور بالانتماء لديه منذ بداية ادراكه لا يتحقق الا بإبداء المحبة له، وتوفير جو من الاحساس بالامن والاستقرار داخل الاسرة.
تتبادر في اذهاننا اسئلة كثيرة، ودائما نبحث لها عن اجابات، فأحيانا نسأل انفسنا كيف نحب اطفالنا؟ وكيف نستطيع ان نعبر لهم عن محبتنا؟ وكيف نوصلهم الى بر الامان والطمأنينة، ونجعلهم سعداء؟!.
وائل اب لطفلين يقول ''هناك بعض الاباء يتغافلون اهمية ان يوصلوا محبتهم لابنائهم بالطريقة الصحيحة، وان يرتبطوا بهم ويصبحوا جزءا مهما من حياتهم اليومية، فكثير من الاسر لا تتواصل مع ابنائها بمشاعر الحب، اعتقادا منهم ان العناية بالطفل عن طريق توفير افضل سبل الراحة والرفاهية هو اقصى الحب الذي يهبونه له، متناسين اهمية اظهار هذا الحب بالقول والتعبير''.
تؤكد الدراسات الاجتماعية ان الطفل يكتسب المحبة من خلال العاطفة والدفء الاسري من حوله، وابداء المحبة له يعلمه كيف يحب ويبني عاطفته، ويساهم في نموه السليم من جميع النواحي،كما ان حرمانه من هذه العاطفة منذ صغره يؤدي الى انعكاسات خطيرة على شخصيته تبدأ من ميول الى الانحراف او التقوقع والانطواء على الذات.
دانا دوقة ام لطفلة تقول'' التربية بالحب مهمة جدا، وفي نفس الوقت الحزم مطلوب،والاهم ان يكون الاهل متفقين على اسلوب التربية، لذلك استخدم في تربيتي لابنتي هذا الاسلوب،حيث انني اشعرها بالعاطفة والحب واعبر لها عن ذلك، وبنفس الوقت اغرس فيها التربية السليمة''.
وتلفت هبه عبدالله (32 عاما) الى ان''كثيراً ما يحتاج ابناؤنا ان يسمعوا منا كلمات حنونة ودافئة،ليتأكدوا من حبنا لهم،مثل (احبكم،افتخر بكم،اقدركم...)،وان ننظر لهم نظرة حب واستحسان،ويكفي انهم ابناؤنا لنحبهم بغض النظر عن مشكلاتهم وما يسببونه من ازعاج او فوضى او حتى تقصير''.
وينصح علماء النفس الوالدين بضرورة ان يجعلوا حبهم لاطفالهم حبا ايجابيا،حيث يساعد ذلك على افضل تنشئة صحية ونفسية ممكنة،ويحذرون من ان يكون هذا الحب وسيلة لافسادهم كالتدليل الزائد وعدم استخدام الاسلوب السليم لتوجيههم. عامر شاهين اب لثلاثة اطفال يروي''عندما رزقت بطفلي الاول لم اكن اعي تماما معنى التربية الصحيحة،حيث افرطت في تدليله ظنا مني ان هذا افضل تعبير لحبي له،ولكني تاكدت ان هذا الاسلوب غير ناجح وغير صحيح، فتداركت الامر مع اخوانه الباقين،وادركت انه لابد من التوازن بين الحب والدلال''.
ويتفق المختصون على ان هناك عدة قواعد مهمة لاظهار الحب لاطفالنا حيث يشيرون الى ضرورة الانصات والانتباه لهم،وان يكون الوالدين مستمعين جيدين في جو من الحوار الهادف الفعال،واشعارهم بالاهتمام لما يقولونه،ايضا يجب قضاء وقت كاف معهم حتى نشبع رغبتهم في وجود الوالدين بجوارهم،والاحساس بحبهم وحنانهم الغامر، بالاضافة الى مشاركتهم اهتماماتهم والخروج معهم الى النزهات والرحلات، ويؤكد المختصون الى اهمية استخدام الاهل ادوات الحب اللفظية،فكثيرا ما يحتاج الابناء ان يسمعوا كلمات رقيقة وحنونة، واستخدام ادوات الحب البدنية،كالعناق والقبل واللمس والمسح على الشعر،فهذه الادوات لها تأثير ايجابي في نفوس اطفالنا.
ايهاب احمد(35 عاما) يقول'' للاسف كثيرا من الاباء لا يلمسون خدود ابنائهم الا حين الصفع، وهذا خطأ كبير، فخطابنا لاطفالنا ينبغي ان يكون خطاب مودة ورحمة، فما اجمل من ان يحنو الاباء على اطفالهم ويقبلونهم ويمسحوا على رؤوسهم وخدودهم، فلا يخفى على احد ما للمس الطفل من اثر مهم في التربية''. وفي دراسة المانية حديثة اظهرت ان نشأة الاطفال بين والديهم في جو اسري مفعم بالحب والرعاية تعد من العوامل الرئيسة لطفولة سعيدة، وان تربية الوالدين وطريقة تعاملهما مع اطفالهم تنعكس عليهم في المستقبل، وقد ثبت لدى الباحثين بشكل قاطع تأثير السنين الاولى من العمر في باقي حياة الطفل، فاللحظات السعيدة التي يقضيها الطفل مع والديه توطد العلاقة الحميمة بينهما وتشعرهما بالسعادة والمتعة. ليندا عمر تؤكد هذه الدراسة وتقول'' ان الجو الاسري الملئ بالعاطفة له دور كبير في نشأة الطفل بشكل صحي وسليم، فالطفل يحتاج الى الامان،وان نحوطه بالحب ومصارحته بأننا نحبه في كل وقت ومناسبة،وعن نفسي اوصل حبي لابني باحتضانه دائما،وقضاء الوقت المفيد معه ومشاركته الحديث والاهتمامات''. ليث مريش (38 عاما) يقول'' يجب ان يشعر الطفل ان حب الوالدين له ليس مشروطا، وليس عرضة للتغيير او الضياع لاي سبب حتى لو اخطأ، فحين يخطئ ابني مثلا لا اشعره بأنه فقد حبي واحترامي له،فقط اخبره بأنني كرهت العمل الذي قام به،وبأنني لم اتوقع منه مثل هذا العمل،فبهذا الاسلوب اعتقد انني ابني مع طفلي جسرا من الحب القوي والامان والثقة مهما حدث،وسوف يضطر لان يصارحني بأي شئ لانه متأكد من حبي له''.
وقد حث الاسلام على اهمية التربية بالحب، واوصى على اهمية اظهار المحبة للطفل،واشعاره بمكانته وتشجيعه الدائم،ومدحه على ما ينجزه من اعمال،والتجاوز عن بعض الهفوات،وعدم تسفيه اقواله او اعماله،وضرورة استعمال افضل الوسائل لاشعاره بالحب والحنان كالتقبيل والاحتضان، فقد قال رسولنا الكريم''اكثروا من قبلة اولادكم،فإن لكم بكل قبلة درجة في الجنة''. اطفالنا امانة لدينا، ولنتذكر بأن هذا الطفل سوف يكبر ويغادر منزل والديه ليؤسس بدوره حياته المستقبلية، والتي ستكون صورة مشابهة لما عاشه في طفولته، لذا علينا ان نحسن تربيته وان نجعل هذه المرحلة مليئة بالسعادة والحب والعطاء، فأطفالنا كالتربة الخصبة تقبل كل ما تزرعه فيها، فإذا زرعنا الورود سنقطف حتما هذه الورود في المستقبل.سائدة السيد
__________________
|