اجترار ماضي في صبيحة نهار صيفي
كانت جالسة في حجرتها ساهمة مهمومة
في يوم كله فراغ ...............!
الغرفة خاوية إلا منها..
بعض الأمتعة مكدسة فوق بعضها
رصت بطريقة منظمة .
.أوراق وكتب وضعت في المكان الذي تركه ...
كراسي خشبية ,ومائدة طويلة ,
راقبتها وهي تخطو بحرص شديد
الكل ذهب إلى عمله ..
تململت وهي تنظر شاردة من زاوية معتمة .
......
اقتربت منها ,وعينيها متحشرجة.
احتبست بقايا الدمع فيها
كملح أجاج في ماء عذب !!...
قالت أما كفاك مراقبتي أيتها الفضولية الحشرية ؟؟!!
قلت هلا سمحتي لي أن أغوص ولو لحظة في صميمك
..ألمك ...وحشتك ...شوقك ..غضبك ..نفورك ..
دعيني أحس بك ؟!
هل تخشين أن يسقط هذا القناع الدفين في غياهب جب أحزانك؟؟؟
قالت:
مآبك تثرثرين؟!
قلت الكلام مجاني لم يضعوا عليه ضريبة بعد ؟!!
إن شئت اسمعي لأكسر وحشة صمتك
وإلا اتركيني أسلي نفسي
اقتربت أكثر منها...
ووجهها مستقبل النافذة المطلة على بعض الحقول
القريبة من منزلها
وأخذت أنظر لسرب الطيور المحلقة في الفضاء
وعصافير اتخذت من بعض أشجار حديقتها أعشاشا لها
وأشجار أخرى ملقاة على الأرض منزوعة من جذورها
أطلقت عناني لسحابة ملونة بزرقة داكنة
تخيلتها هي الأخرى حزينة مثلي على تلك الأشجار المسجاة
كأنها أعجاز نخل خاوية
ثم رجعت أداعبها ....
مددت يدي أربت على كتفها
العزلة والوحدة تتجسد أمامها..
تجتر ذكرياتها الماضية مع رفيق دربها
ساعات قليلة واقترب أفول النهار.....
وقفت أتأمل ذلك الجبروت ...ياألله
تتخيل الحياة أمامها غائمة بلا أمطار وأرض بلا عشب
عمرها شارف نصفه .. ذهنها متوقد
وذاكرتها قوية تعمل بآلية منتظمة تسترجع تلك السنين
المنصرمة بلحظاتها الشاردة في أعماق حزنها الدفين
تبث ماضيها وتبحث عن ثناياه لتكتشف
أنها معبأة بفيض من الحنين لهذا الماضي
تتنفسه وتبحث عن تفاصيله الذي ذهب مع رياح عمرها
حدثتها.... همست لي.... أيامي ولت ابنتي طواها الزمن وما تبقى منه
فقد حفرته السنون عميقا في جسدي
تأملتها وهي واقفة ساندة رأسها على حافة النافذة .
حدثت نفسي وأنا أتحسر
آآآه وددت أن أضيف عمري لعمرك
الذي يزحف نحو المنطقة الفاصلة بين حياة انقضت
ومستقبل غامض انزوى
استرقت النظر لدموعها وهي تنزلق من بين أجفانها المتهدلة تسترسل
و تستعرض شريط ذكرياتها الذي رسمته أيامها داخل جدران منزلها؟؟!! بقلم عطاف المالكي |