عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 07-24-2009, 02:36 AM
 
Post ما الفرق بين العادة و العبادة؟

مبدأ كل عمل هو الخواطر التي تستقر في القلوب,والنفس الإنسانية كما يقول الإمام ابن القيم رحمه الله دائرةٌ كالرحى التي لا تسكن أبدا,ولابد لهذه الرحى من حبٍ تقوم بطحنه و الأفكار و الخواطر هي بمثابة الحب الذي يوضع على الرحى,فمن الناس من تطحن رحاه رملاً وتبناً وحصى, ومنهم من تطحن رحاه دقيقاً ينفع به نفسه و غيره,فأنظر أخي القارئ أي نوع من الطحين تطحن

أمامك فأنظر أي نهجيك تنتهج طريقان شتى مستقيم و أعوج

ولهذا عظم الأئمة الأعلام حديث (إنما الأعمال بالنيات ) وبه سطر الإمام البخاري كتابه الجامع استفتح به و أقامه مقام الخطبة حتى قال إمام المحدثين في زمانه عبد الرحمن بن مهدي قال:لو صنفت كتاباً لجعلت في كل باب منة حديث(إنما الأعمال بالنيات) وجعله الإمام أحمد رحمة الله ثلث الدين وهذا محمول على أن ما يصدر من الإنسان من أقوال و أفعال إما يكون بلسانه وإما يكون بقلبه وإما يكون بجوارحه, فالنية أحد هذه الأقسام الثلاثة وربما يخرج كلام الإمام أحمد على معنى الأحاديث التي عليها مدار الإسلام وقواعد الدين هي ثلاثة أحاديث:
1) حديث عمر رضي الله عنه (إنما الأعمال بالنيات)
2) حديث عائشة رضي الله عنها (من أحدث من أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)
3) حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه( الحلال بين و الحرام بين و بينهما أمور متشابهات )
و الجملة الأولى من هذا الحديث تشير إلى أن صلاح الأعمال وفسادها مرتبط بصلاح النية و فسادها و الجملة الثانية تشير إلى أن الجزاء من الثواب وعقاب يترتب على النية وجوداً وعدما.
النية في اصطلاح الفقهاء عي تمييز العادة من العبادة،أما النية في كلام السلف وهو المعنى في مرادنا فهو محمول على قصد إرادة الله سبحانه و تعالى بالعمل ، وهو ما دلت عليه النصوص آنفة الذكر و كان سلفنا الصالح يعظمون شأن القصد و النية في سالف الأعمال.
ومن ذلك دعاء مطرف بن عبد الله الشخير و كان من تلاميذ عبد الله بن مسعود و أجلهم حيث كان يقول اللهم إني أستغفرك مما زعمت أنني أريد به وجهك فخالط قلبي منه ما قد علمت) و كتب أحد التابعين لأخ له قال له:أما بعد فإنك قد أصبت بظاهر علمك عند الناس منزلةً و شرفا ،فأطلب بباطن علمك عند الله منزلةً و زلفى ،و أعلم أن إحدى المنزلتين تمنع من الأخرى.وكان بعض الصالحين يقول: كم أجتهد في إسقاط الرياء عن قلبي و كأنه ينبت فيه على لون آخر .
فالنية أشد تقلباً في القلب من القدر إذا أستجمع الغليان.
و حديث (إنما الأعمال بالنيات) وإن كان أحادي السند لاعتبار أن عمر رضي الله عنه ممن أفرد بروايته من الصحابة و أنفرد بروايته عنه علقمة بن وقاص الليثي من التابعين و أنفرد بروايته عنه محمد بن إبراهيم التيمي ثم يحي بن الأنصاري إلا أنه متواتر من جهة المعنى فقد صح في شأن النية كثير من الأحاديث منها قوله صلى الله علية وسلم(إذا إلتقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل و المقتول في النار،قالوا هذا القاتل قد عرفناه فما بال المقتول قال:لأنه أراد قتل صاحبه) و في حديث الذي خرجه البخاري حين خرج رسول الله صلى الله علية وسلم في غزوة تبوك قال: ( لقد خلفنا في المدينة أقواماً ما سرنا مسيرةً ولا قطعنا وادياً إلا شاركونا في الأجر، قيل كيف ذلك قال حسبهم العذر) فشركوا بحس النية، و فيما خرجه الترمذي بسند مرفوع إلى النبي صلى الله علية وسلم أنه قال: ( الناس أربعةٌ رجلٌ آتاه الله علماً و مالاً فهو يعمل بعلمه في ماله فيقول رجل لو آتاني الله مثلما آتاه لعملت كما عمل فهما في الأجر سواء ، ورجل آتاه الله مالاً ولم يأته فهو يتخبط في ماله فيقول رجل لو آتاني الله مثلما آتاه لعملت كما عمل فهما في الوزر سواء)فأثيب صاحب النية الصالحة بصاحب العمل الصالح ووزر صاحب النية الفاسدة بصاحب العمل الفاسد.
و العلماء حين ذكروا قوام العمل الصالح على شرطي(الإخلاص و الصواب) أرادوا بالإخلاص إرادة وجه الله سبحانه و تعالى بالعمل،وبذلك فسر الفضيل بن عياض قوله تعالى( وهو الذي خلق الموت و الحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا) قال : إن أحسن العمل أخلصه و أصوبه قيل كيف ذلك يا أبا علي قال: إن العمل إذا كان خالصاً و لم يكون صواباً لم يقبل, وإن العمل إذا كان صواباً ولم يكن خالصاً لم يقبل.... أسأل الله أن يجعل أعمالنا خالصةً لوجه الكريم و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
رد مع اقتباس