08-04-2009, 08:37 AM
|
|
وليس الذكر كالأنثى بسم الله الرحمن الرحيم
- الاصطفاء والتكريم أنبأنا القرآن الكريم أن الله تعالى اصطفى من النساء كما اصطفى من الرجال، فقال: إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم، وقال: وإذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين، يا مريم اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين.
وروي عن النبي، صلى الله عليه وسلم أنه قال : أفضل نساء أهل الجنة خديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد ومريم بنت عمران وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون، وقال : كمل من الرجال كثير، ولم يكمل من النساء إلا آسية امرأة فرعون، ومريم بنت عمران، وإن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام. فظاهر القرآن والأحاديث يقتضي التكريم لمن ذكر في النصوص من النساء، وأن الاصطفاء والقربى من الله تعالى تشمل الرجال والنساء على حد سواء .
كما نجد في قصة امرأة عمران وابنتها السيدة مريم ما يصحح عرفا فاسدا كان قد عم بين الناس في تلك الفترة، وهو أن خدمة الأماكن المقدسة لا يقوم بها إلا الذكور، ذلك أن امرأة عمران لما حملت نذرت حملها للقيام بخدمة الأماكن المقدسة ، فلما وضعت أنثى تحسرت، وظنت بمقتضى العرف السائد إذ ذاك أنه قد فاتها الوفاء بالنذر، فأبطل الله عليها هذا الظن، وأنبأها أن المهمة التي نذرت ما في بطنها لأجلها يتقبل الأنثى كما يتقبل الرجل، وقد جاء في القرآن الكريم ما يوضح ذلك، فقال تعالى:إذ قالت امرأت عمران رب إني نذرت لك ما في بطني محررا فتقبل مني إنك أنت السميع العليم ، فلما وضعتها قالت رب إني وضعتها أنثى والله أعلم بما وضعت وليس الذكر كالأنثى وإني سميتها مريم وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم، فتقبلها ربها بقبول حسن وأنبتها نباتا حسنا وكفلها زكريا كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا قال يا مريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب.فالآيات تدل على مدى تقدير القرآن للمرأة، وأن ما يظنه الكثير من تفوق الرجل عليها لكونه رجلا فقط، لا لشيء آخر هو كلام غير صحيح، بل إن هناك من المفسرين من قال إن قوله تعالى : وليس الذكر كالأنثى معناه : إن رجلا من الرجال لا يصل في هذه المهمة إلى مرتبة هذه الأنثى التي اصطفاها الله لأمر أراده بعده .
كما أخبرت الآيات السابقة عن صفات عظيمة لهذه المرأة تمثلت بالعقل الرشيد، وسداد الإجابة، وكمال الثقة بالله تعالى، وهو ما أجابت به السيدة مريم عندما تعجب سيدنا زكريا عليه السلام من الرزق الذي يجده عندها كلما دخل عليها المحراب ، فقالت له : هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب.
لقد ابتدأ العالم بالسيدة مريم عليها السلام مرحلة جديدة من المراحل الإلهية، كان مظهرها البارز، ولسانها الناطق، وربانها الطاهر : عيسى، عليه السلام، كلمة الله . هذه المرحلة الجديدة بدأت بالسيدة مريم واختصت بها، ولم يكن للرجل ابتداء فيها نصيب، والآيات الكريمة تسجل دعاء سيدنا عيسى عليه السلام لأمه وبره بها، قال تعالى : قال إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيا وجعلني مباركا أين ما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا ،وبرا بوالدتي ولم يجعلني جبارا شقيا. د . رولا محمود الحيت |