عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 08-09-2009, 06:26 PM
 
Post ليت الارض ابلعتني .........

هذه أخي القارىء قصة عجيبة لأحد الذين و قعوا في أفتك أنواع المخدرات و أشدها خطرا(( الهيروين ))و قد قدم لقصته بمقدمة رائعة نبعت من أحاسيسه و معاناته التي يشعر بها و هو يقضي مدة حكمه في السجن و اليك أخي القارىء هذه المقدمة****تختلف أوضاع الزمان، و تزهر أحلام الأيام و تذبل أوراق الليالي و يمضي العمر و كلنا ساعون الى أجل مسمى، فما الحياة سوى غربة يكابد فيها الانسان و يسعى، و يسعد فيها و ربما يشقى. يعيش أيام العمر يكافح، قد يكون غنيا أو فقيرا يعيش كما كتب على جبينه، ثم لا يلبث أن يفارق الحياة الدنيا و قد عاصر فيها أنواعا من التغيرات و الأوضاع، قد يذرف_ ذلك الانسان_ الدموع لفراق عزيز اما لسفر أو لأي ظرف اخر، و قد يبكي على حبيب عانق الثرى و توارى فيه، كل هذه الأنواع من البكاء تمر على كل انسان في هذه الحياة، و لكن هناك نوعا اخر لا يمر الا على أفراد من الناس، و يختلف اختلافا كبيرا عن جميع أنواع الحزن و البكاء على الذات، عندما يبكي الانسان على ذاته، لا يجد من يرى الدمعة، ولا يقوى على البوح بما يختلج في صدره كما أنه لا يجرؤ على الشكوى، هذا هو البكاء المؤلم الذي تفيض منه العين دموعا حارة يضخها ذلك القلب الأسير. فهل لمن قرأ قصتي هذه أن يعتبر فان السعيد من وعظ بغيره.ان مستواي قد لا يؤهلني لصياغة قصة أدبية تليق بالملتقي، و انما معاناتي قد تسد هذا الغرض و تفي بالغاية و الغاية هي العبرة.اليك أخي القارىء قصتي من بداية المأساة و أنا أكتب هذه السطور_ خلال دراستي الثانوية و في الصف الأول_ في تلك المرحلة التي يقول عنها أغلب علماء النفس انها أخطر مراحل العمر في حياة الانسان، كنت أعاني من قسوة والدي و كانت قسوة شديدة مع أن تلك القسوة كانت لغاية معروفة وهي مصلحتي لكنها كانت قسوة لدرجة تفوق المعقول، و اخيرا أفلت زمام الأمر من يد والدي، بل و أفلت زمام نفسي من يدي، و أصبحت في أيدي رفقاء السوء من ضحايا ذلك الوباء الذين سبقوني معرفة به، كنت أجتمع بهم في بداية الأمر بحجة المذاكرة الى أن اقترح علي أحدهم حبة من الحبوب المنشطة و كان لها تأثير مؤقت سرعان ما يزول، و ذلك التأثير يحدث ارباكا للمخ يخرج من خلاله الانسان الى عالم اخر حلوا كان أو مرا و يقلب موازين الفكر الى أن يتمادى الشخص و تزيد رغبته في مادة معادلة لتلك المادة من المهدئات مثل كبسولات(السيكونال الأحمر)لكي ينسى تلك الهموم التي يثيرها تناول المنشط عندما يعجز المتناول عن المواجهة الطبيعية التي وهبها الله اياه. وما أن يتناول المتعاطي تلك المادة المخدرة حتى يصاب بقساوة في قلبه تثنيه عن جميع اهتماماته الدينية و الدنيوية من جراء تأثيرها عليه وما يلبث ذلك التأثير للمخدر أن يزول الا و تشتد حاجته بعد المواجهة الطبيعية للأمور و المشاكل، و التي ربما لو أنه واجهها بشيء من الصبر و مشورة أهل الخير و لزوم الأخيار من الناس لأراح نفسه نهائيا. و بالفعل قمت بتناول مادة(السيكونال)حسب ارشادات رفقاء السوء و التعليل(أنسى وأدخل جوا ثانيا)، كنت أتناولها و لم أعلم أنني أسقط نحو الحضيض بالتدريج، الا أنني كنت أشعر بخوف من المجهول. و لكن متى ما ضعفت الارادة فان ذلك يعتبر من أخطر الأمور على الشخص حقا و اسألوا مجربا.وتزداد الأمور تعقيدا لأقع في بلاء أعظم، فأتناول (الحشيش)فبواستطها هربت من الواقع الى الخيال لأنسى نفسي و أتناسى في غمرة النسيان مستقبلي و حياتي، و غدي أنساه مع أمسي و قد أنساه من قبل أمسي. حقيقة مرة وواقع مؤلم مشبع بالألم لأني بت ثقيل الظل عالة على صديق السوء و في صديق السوء و أصولهيجب علي! أن أعمل أي شيء و أكسب بأي طريق والا بقيتاصارع مأساتي بنفسي الموبوءة بداء المخدرات و ضعف الأرادة و الغريب أن ارادتي المشلولة سارت نحو الهلاك بطريقة لو سارت بها نحو العودة للطريق المستقيم لما حدث ما حدث. لقد قبلت فكرة الترويج بلا تردد وبطريقة سريعة وقد ساعدني الاغراء المادي على تقبل هذه الفكرة ولقد كبرت خطواتي للسقوط في مغبة الهاوية بسب السرعة التي وجدتها في الكسب المادي وبت أجاري صديق السوء في تحضير مادة الحشيش حتى أطلق علي أصدقائي اللقب العامي(أبوها).الى أن أراد الله جلت قدرته ووقعنا في يد رجال مكافحة المخدرات لأدخل السجن ولأول مرة في حياتي، ويا ألم و حرقة دخول السجن كانت كافية في عقابي ولم أرى ما حصل من أهلي و أقاربي، لقد اتسعت مغبة السقوط لأسقط من أعين جميع الناس، لأسقط من أعين أهلي و أقاربي للأبد؛ لأن مجتمعنا شديد النظرة و قلما يغفر الخطأ أو يقبل أي عذر أو مبرر، وانما يقابل المخطىء بالاستهجان و الانكار_ كل ذلك أخي القارىء بسبب تأثير المخدرات و ضعف الارادة و غفلة الضمير، لقد أمضيت مدة السجن سنتين و خرجت بعدها مرة أخرى لأتجرع نظرات المجتمع ونبذ الأهل و الأقارب ولم أعد أزن لديهم أي شيء. كل ذلك جعلني أعزم على السفر الى الخارج لأبدأ عمل شيء جديد استقيته من خلال وجودي في السجن.فهناك كما يقال(تضع رأسك في رجليك)حيث لا رقابة أو نظرة مجتمع هذه هي حدود و غاية ارادتي الموبوءة. لقد تعرفت على ما هو أشد فتكا و خطرا(الهيروين)انه أداة لتدمير الشباب و قتله غالبا في البلاد الغربية بالاضافة الى أمراض الجنس و الخوف و القلق بين أحضان البغايا الاتي لا ترد أيديهن يد لامس ما دامت تلك اليد مليئة بالمادة.فاذا ما افترقت يد الامس من المادة فانها ترد بكسرها أو بشل حركة الروح التي تحمل تلك اليد و ذلك أسهل شيء و بلا تردد اذا لا بد من المزيد من المادة بأي طريقة حتى و لو كان بالسرقة و الاختلاس بأي طريقة، ان الغاية تبرر الوسيلة و المصاب بالداء أرعن في البحث والحصول على الدواء . قد لا يصدق أحد عندما أورد هذه المعلومة و هي أن الضحية الأولى لي هي والدتي فقد احتلت عليها و أخذت كل ما كان بحوزتها اذ لم يكفي ما قدمته برضاها، و بواسطة حيلتي دفعتني الرعونة الى سرقة بعض ثمائن حليها و بعتها و سافرت بها بعد أن تسببت في انفصالها عن والدي بسبب الحاحها عليه أن يبعث الي المزيد من المال، لكي أحصل به على مادة الهيروين التي باتت هي روحي و غايتي و مناط أفكاري فبدونها لست الا كأتفه حيوان و قد يكون للحيوان قيمة و غاية أما أنا فلم يعد لدي غاية الا الحصول على هذه المادة،ثم بعد ذلك عدت من تلك البلاد بعد أن حملت معضلة كبيرة ليس من جراء ما فعلت بنفسي،بل مما لحق بأهلي عند رؤيتي مما حدا بأحد أقاربي(ابن خالي و زوج أختي)الى أن يحاول اقناعي بدخول احدى المستشفيات للعلاج و لكن دون جدوى.وليك أخي القارىء هذه المعلومة التي ربما تكون غريبة عندك و لكنها أمر طبيعي عند مستعمل هذه السموم كنت أنا وزوج أختي في سيارته وبينما نحن نسير وهو يتحدث اذا بي أرى الوسيلة _الفلوس_معه في درج سيلرته،انه يتحدث و ينصح وأنا أخطط لسرقة ما بالدرج ..ويا ليتني مت قبل هذا الفعل،كنت أتمنى أن الأرض ابتلعتني ولم أفعل ما فعلت لقد طلق زوجته_أختي_المسكينة لقد دمرت منزلها من حيث لا تدري ولا تعلم؛لأن ما فعلت معه قد أفقده صوابه. سافرت بعدها لأعود محمولا على أكتاف زملاء العلة موبوءا مكروها،منبوذا،عاطلا،تعجز الطرقات و الأرصفة و حتى أماكن تجمع النفايات أن تتحمل سيري أو ايمائي.أرضع الرداءة و ألوك مسامير الوقاحة المتبقية في حذاء مهترئة, انها الكرامة التي بقيت لي. أهذي فلا أميز هل مواء أم نباح ولكنه أقرب الى النهيق،وقد يكون النهيق مألوفا و لكن بكائي نشاز، لأن مصدره نشاز بجسد نشاز قلبا و قالبا.و أخيرا أهتدي الى باب مكافحة المخدرات لأبوح لهم بمعلومات هم في غنى عنها لأن محياي يدل علي و يترجم كل ما أخفي.لقد قبض علي و أدخلت مستشفى الأمل،و الحمد لله فقد لقيت كل اهتمام عولجت و عوقبت على أخطاء ارتكبتها و عانقت الأمل من جديد،ولكني الى الان أبحث عن المهم و هو عودة المياه الى مجاريها بيني و بين أهلي،فبعد أن أمضيت 3سنوات في السجن تغيرت نظرتي للحياة فهل يقبلني أهلي و مجتمعي.وأخيرا هل من معتبر ... هذا ما أتمناه و أرجوه****وأتمنى أن تستفيدوا أصدقائي من هذه القصة المثيرة و التي تحمل عبرة مفيدة أرجو أن تكتشفوها و تكتبوها ... باذن الله ....
__________________
لا سقف غير السمـــاء لطـمـوحـــاتي