الموضوع: غربةُ كفنْ ..!
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 08-16-2009, 11:58 PM
 
غربةُ كفنْ ..!

~~


أشعر أنني غريب
لاتحدني أية تضاريس عاطفية
ولاعواصف عشقية ترتاد جزر خرابي المستعرة !
في قنينة عطر جاثمة على صدري
تخبرني بمصير الأكاذيب التي أخيطها كل مساء
لماذا أكون على هذا القدر من الغباء
ولانواح يجتاحني كما يجتاح الحزن الغرباء
ولا قدر يقودني
لأعصف من أقداحي ثمالة الكبرياء ..!
يا ربة الخيلاء ..
أعطني قوت يومي من عشاء
وأبقيني مسبحاً عاجياً بيد العجائز
واحذر أن تلتقي بالبخلاء
حتى في ذكرهم لله بخلاء.. بخلاء!

هذا حتفي الوحيد أعيشه معزول الجبين
أضيء زيت نهاري في صومعة الدم !
يختلي بي قوام الليل
وأنا أهذي في ساحة الصمت
كما المعتوهين ..!
كطفل أخرس يتلعثم الكلام في مقلتيه
لكن يداه تعيان جيدا مايقول
أكتب وأكتب
وأصفع نفسي برصاصات الحبر الجهنمية
لأغفو وصوت القهر يمصني مصاً
فيا إله الكون أجرني ..!
أرحْ كآبتي ..
بعض الموت لأجلي .. لأجلي
أنفاسي أحاول إحصاءها
ومع كل نفس أنقطع ..
كي أزيد أنفاسي أو أنقصها
حسب النار التي ترتادني..!
لقيطُ الجبال ..
بعد غيمة من شجر
ينزل مطري .. غائب الصيحات
تلتقفني المحيطات كأب غاضب ..
تعصف الكهرباء في وجه المنارات
غائب صوتي ..
وقدري يسير عكس الريح
وشتاء مغناطيسي ..
ونوم يخونني في أحشاء الطبيعة
أين أنت من كل هذا ..؟
ياعشائي الوحيد واصبعي الوحيدة
احتفظ بالبكاء لنفسك ..
واعفني من مسحة الموت العتيقة ..!

كانت تختلق اللوحات رسمة ماثلة للسواد
إلى أن جاء صدري واختار البقعة الأكثر عتمة
ومات ..!
هناك ...
على لوحة زيتية وجسر معطوب القطبين
راحت تقص علي تفاصيل الوحوش المتمردة
وصغار الجن اللعين
على حصير الوقت ..
ركبت حشائش الموت ..
عانقت وسائد الأتربة وحفرت وجعي جيداً
كقبرٍ أنيق
لعنت الشيطان
واسترحت فيه..!
أعنِّي يادود الجثث .. على تفتيت جسدي بسرعة
فما زالت تلاحقني لعنة البقاء ..!
أين الماء .. أين الكهرباء..
أين صوتي في ساحة التعساء..!؟
أسئلة تراكمت في فمي
بعد أن حشاه التراب بالأكاذيب
حتى التراب يكذب ..
حتى السماء تكذب ..
والديدان تكذب
إنها تنهشني عن قرف .. عن تعب
عن لعنة تلاحقها ..
وتلاحقني لعنة البقاء.. فيا إله التعساء
لم كل هذا البلاء ..
في بلاد لاتستعر إلا بالشهوات ..
كانت كل النساء حول موائد الضجر
تشتهتي ثوبا يبلل جسدها
برجل يدق عنقها ..
يحطم الكبرياء منها ..
فجاء أنا ..
معدوم اليدين وخائر الكتفين ..
محمول على نعش من الفخار
الهوينة كنت أمشي .. كنت أمشي فوق رمشي
العظم يدك جزعي ..
ولا تفاحة جديدة
ولا من قهوة معتقة .. تنقح خطاياي الفريدة
ولا جدة حانية تجس شعري خوفا عليه من الأتربة
ياجدتي أوقفي توترك على صدري ..
فلم أعد طفلا .. ولا صرت رجلا
أنا عندكِ تحت نعش وكفن ..
أمزج التراب بالتراب
لأبقى خارج نفسي ..
وداخل كفن ..!




~~
__________________
..

المغالطة الرابعة
في فهم قوله تعالى :"إن الله لا يغير مابقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم "

المحاضرة العشرون

..