سخروا منها لامانتها
كم تشرق السعادة في خاطر الإنسان ومعها تتسع أوداجه ، وتسر أيامه عندما يسمع أو يقرأ عن حدث أو خبر تفضي إلى نفسه تلك السعادة ، وخاصة إن كان ذلك الأمر مما يحسن أن يطلق عليه مسمى ( سمو الأخلاق ) ، ويشعر القلب بغصة عندما يرى من يأبى تلك المعاني السامية ، ويضعها تحت قائمة الغباء والسذاجة ، فهذه حكاية قد سمعتها بكل تفاصيلها ، وكم تسلل السرور إلى قلبي أن تتواجد أمثال تلك النماذج في هذه الأيام ، في حين حكم البعض على صاحبة هذه القصة بالسذاجة ، تدور أحداث تلك القصة بإجمال بسيط حول طالبة في قاعة الامتحان ، قد انتهت من الإجابة على أسئلتها ، وقامت لتسليم كراسة إجابتها ، وفي لحظة قيامها تسللت عينها لورقة زميلتها التي تجلس بجانبها ، وكانت إحدى الإجابات تخالف إجابتها ، وأيقنت تلك الطالبة أنها وقعت في الخطأ ، وعلى الرغم من ذلك فقد أبت أن تصحح خطأها ، لأنها أدركت أن ذلك لم يتم إلا بعد الاطلاع على ورقة زميلاتها ، وقد رفضت ذلك بحجة أن يقع تحت طائلة الغش ، وهكذا نقصت درجتها في هذه المادة بسبب ذلك السؤال الذي لم تعمل على تصحيحه .
أنهار من البشر والسعادة تبحر في قلبي عند سماع هذه الحكاية ، وقد رأيت هذه الطالبة قد تمثلت لقوله صلى الله عليه وسلم « من غشنا فليس منا » ، وأبت على نفسها أن تسرق جهود زميلتها ، وارتضت أن تعتمد على نفسها وإن أخطأت ، موقف جمع مثاليات كثيرة ، ومحاسن عديدة ، لو طفقت أعددها لما كفتها هذه المقال ، ولكن الأمر الذي عكر صفو سعادتي ما أبداه البعض عند سماع هذه القصة من تهكم وسخرية ، وتعريض بألفاظ الاستهزاء ، واتهامات توجه إلى شخص تلك الطالبة وتفكيرها بأنه سطحي ومعقد !!
وغبي وساذج ، عبارات لم أكن أتخيل أن تصدر بحق تلك الطالبة ، والتي استجابت لدينها ولفطرتها ولأخلاقها الدمثة الطيبة ، وقد أبت أن تتسلل الشوائب الفاسدة إلى سلوكياتها القويمة ، فتعمل على تشويه الجماليات الكامنة فيها .
وأنا هنا أسجل تعجبي واستغرابي من أولئك الأشخاص الذين وجدوا التمسك بالأخلاقيات وبالأمانة أمر ساذج وسخيف ، ونعتوا صاحبها بأوصاف منحطة يأبى اللسان أن يذكرها ، ومن أجل ماذا ؟! ، لأجل تمثله لأوامر دينه التي تدعو إلى سمو النفس ورقيها بالتعامل الحسن والخلق الكريم والتي معه يشع القلب ، وبدل من أن نكون أداة تشجيع وحث على التمسك بتلك المقومات والركائز السامية ، نجد من بيننا من يهاجمها وينعتها بأوصاف يمجها القلب ويطردها العقل ، كم كنت أتمنى أن أجد إجماعاً من قبل السامعين في شكر هذه الطالبة والدعاء لها ولغيرها بأن تتمسك بتلك الجماليات البديعة والتي ينشرح القلب لسماعها ، كم أتمنى أن نكون أداة بناء وتقويم ، وأن لا نكون معول هدم لنماذج نتمنى تواجدهم ولقائهم ، بل كلما حرصنا على زرع تلك القيم السامية في النفوس وغرسها في القلوب وسكبها في العقول ، كلما رأينا نماذج نرتضيها لأنفسنا ، ونحن أمة حثت شرائعها على التمسك بكل ما هو جميل وحسن ، فهل نسعى إلى تقويم تلك الركائز المحببة والسامية في النفوس ؟؟ ، أرجوا ذلك
__________________ كيف ابدى باحرفى ما اريد ..... او بماذا تراه يحكى القصيد كل يوم تدق بابى عظات........ ويهز الفؤاد خطب حديد ويح نفسى الم تفق من هواها......او ما هز خافقها الوعيد :7b: |