رد: ܓ۩ܓاقبل شهر الخيرات وفاح عطره (رمضان) ۩..۩ إذا عدنا الى القرآن وجدناه يحدد بكل وضوح الغرص والمقصد من رمضان هو تحقيق التقوى كما دل قوله تعالى : {يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون}" وهذا المقصد الكبير من الصيام تندرج تحته مقاصد تفصيلية لازمة له أي إذا اجتمعت وتحققت فإنها توصل صاحبها الى التقوى وإن تعطلت لم تتحقق التقوى . فلنقف مع مقاصد الصيام التي أرادها سبحانه والتي توصل العبد الى درجة التقوى . ۩..۩ رمضان وتجديد التوبة ۩..۩ وبين سبحانه أنه يحب أهلها " إن الله يحب التوابين " واعتبر الرسول صاحبها خير الخطائين . ومن أهم مقاصد الصيام أنه جاء ليكسب العبد هذه الصفة العظيمة التي يحتاجها في مسيرة حياته المملوءة بالأخطاء والتعثرات . فرمضان شهر ليس فقط ليتوب فيه المرء وإنما شهر يتدرب فيه المرء على اكتساب صفة التواب وإذا كانت التوبة المطلوب منها مغفرة الذنوب كما صرح القرآن {يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا عسى ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم" فإن رمضان جعل لهذا الغرض بالذات كما يتبن من خلال مجموعة من النصوص :" "من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه". من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه". من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه". فربط هذه الأعمال الكثيرة والمتكررة خلال الشهر بكامله بالمغفرة من الذنوب القصد منه أن يشعر المرء بأنه مذنب وأن يحتاج الى مغفرة أي توبة مستمرة وهذا التكرار اليومي من شأنه أن يربي المرء على صفة الإنابة المتجددة والتوية المستمرة حتى إذا خرج شهررمضان كانت ملازمة له ليكون من التوابين . ۩..۩ رمضان وتقوية الإرادة ۩..۩ من المقاصد الأساسية لرمضان أنه شرع ليربي الإرادة في الإنسان وذلك من خلال ثلاث أمور: أولها : كفه عن الشهوات والملذات وعن المعاصي طيلة شهر بكامله . ثانيها : حثه على الاجتهاد في الطاعات وفعل الخيرات. ثالثها : توافر الأجواء الإيمانية والنفحات الربانية التي تميز رمضان عن باقي الشهور الأخرى بحيث يجد المرء نفسه ذو إرادة قوية وهمة عالية لا يملكها في الشهور الأخرى . ومن المعلوم أن الإرادة هي الحافز والموجه الأساسي للإنسان على تسخير قدراته وطاقاته فبقدر ماتتقوى إرادته بقدر ما ينقاد للعمل والعكس بالعكس ۩..۩ رمضان وإخلاص النية واستحضار المراقبة من المقاصد الأساسية ۩..۩ لرمضان كذلك أنه يربي المرء على الإخلاص الذي يعتبر أساس قبول الأعمال كما قال تعالى "وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين" و يجتلي ذلك في أمرين الأول : مطالبة العبد بالنية في رمضان وهو شرط أساسي للصيام وأن هذه النية ينبغي تجديدها كل يوم قبل طلوع الفجر لقوله صلى الله عليه وسلم :" من لم يبيت الصيام قبل طلوع الفجر فلا صيام له" [حسنه السيوطي ] الثاني : الحديث القدسي:"كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به" وقد فسر كثير من العلماء قوله تعالى" إلا الصوم فإنه لي" على أنه عبادة قلما يدخلها الرياء لأن المرء يصوم ولا يطلع عليه إلا مولاه ويبين هذا المعنى ويؤكده قوله تعالى في بقية الحديث {إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به، يدع شهوته وطعامه من أجلي} أي أن الصائم يقوم بهذه العبادة لوجه الله تعالى مستحضرا مراقبته إذ لاأحد يطلع عليه لو أراد أن يأكل ويشرب... ولكن كثيرا من الناس لا ينتفعون من رمضان في شأن هذا الركن ولا يعطون لهذا الجانب حقه من المجاهدة فيخرج رمضان والرياء غالب على أحوالهم والغفلة تطبع أحوالهم . ۩..۩ رمضان والتسلح بالصبر ۩..۩ من الصفات الهامة التي يحققها رمضان صفة الصبر وهي صفة ضرورية لأداء العبادات وضرورية لاجتناب المنكرات وضرورية عند نزول المصائب والنكبات .. وشهر رمضان فرصة كبيرة لتحقيق هذا الغرض لأنه يتمثل فيه الصبران صبر الطاعة وصبر المعصية .ولهذا سماه الرسول شهر الصبر حيث يصبر فيه المسلم على الاجتهاد في الطاعات من صيام وصلاة وقيام وذكر وتلاوة ودعاء ويصبر كذلك على الشهوات وعلى ترك المنكرات . ۩..۩ رمضان و التدريب على الطاعات ۩..۩ لقد جعل الله تعالى شهر رمضان محطة يدرب فيها الإنسان نفسه على الطاعات ولهذا فتح الله تعالى أمامه أبواب الاجتهاد في كثير من الطاعات المختلفة من صلاة وقيام وتلاوة وذكر واعتكاف وجود وإحساان وجهاد ...وذلك حتى يستقيم عليها بعد رمضان وذلك هو المقصود كما كان هدي النبي صلى الله عليه وسلم حيث الاستمرار في هذه العبادات كلها دون أن ينقطع أو يترك بعضها أو جلها . ولكن عدم إدراك كثيرمن الناس لهذا الغرض والمقصد جعل الكثير منهم يجتهد في رمضان فقط حتى إذا خرج الشهر منهم من ينقلب على عقبيه فيرتكب المعاصي و يترك الطاعات ومنهم من يقصر في الطاعات ويتهاون فيها .. ۩..۩رمضان و تقويم الأخلاق ۩..۩ جعل شهر رمضان فرصة لتربية النفس على الأخلاق الفاضلة وتجنيبها الأخلاق الفاسدة ويتجلى ذلك في حقيقة الصوم نفسه وهو أن يصوم المرء عن كل مالايليق وأن تحكمه أخلاق التقوى وهو مابينه الرسول في أحاديث عدة منها : "وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَصْخَبْ فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ" البخاري فنهى رسول الله الصائم عن أخلاق مذمومة لأنها تتنافى مع حقيقة الصيام وهي : الرفث أي الكلام الفاحش والجهل والصخب أي الصياح والشتم بمعنى أن الصائم يجب أن يكون ذو أخلاق عالية وهي أخلاق التقوى من كظم الغيظ وضبط اللسان والعفو عن الناس والإحسان إليهم.. ولكن للأسف أن كثيرا من الناس ممن لا يدركون حقيقة الصيام وأبعاده والذي حصروه في الجوع والعطش نرى أخلاقهم تفسد في رمضان أكثر من غيره بحجة أنهم صائمون فتراهم يصيحون بأعلى الأصوات ويسبون ويشتمون ويتكلون بالكلام الفاحش ويغضبون لأقل الأسباب .. ۩..۩ رمضان واتقاء المعاصي ۩..۩ جاء رمضان ليربي المرء على الابتعاد عن المعاصي جملة وتفصيلا ويتجلى هذا في عدة أمور منها : ۩ -- أن رمضان يعود المرء على ترك شهواته المباحة وذلك حتى يكون على ترك الشهوات الحرام أقدر . ۩ -- أن حقيقة الصيام تقتضي ترك المعاصي وهو صيام الجوارح من سمع وبصر ولسان وهو مابينه الرسول في أحاديث عدة منها : (من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه). وقد تضافرت أقوال الصحابة في هذا المعنى وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي عن جابر بن عبد الله قال: إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب والمحارم ودع أذى الخادم، وليكن عليك وقار وسكينة يوم صيامك، ولا تجعل فطرك وصومك سواء. هذه جملة من المقاصد جاء الصيام لتحقيقها وإذا تحققت تحقق الغرض الأكبر الآ وهو التقوى. |