اتهم والد فتاة ستة شبان باغتصاب ابنته التي تدرس في المرحلة الثانوية بعد التسلل لمنزله خلسة وحقن ابنته بالمخدرات وتصويرها في أوضاع مخلة وتهديدها بالصور لتحقيق مآربهم المشينة .
وقال والد الفتاة في شكوى تقدم بها ل "الرياض" ان الجهات الأمنية ألقت القبض على اثنين من الجناة بعد تقديم البلاغ لكن أربعة آخرين لم يطلهم العقاب ولا يزال البحث جارياً عنهم .
الشباب الستة على حسب رواية والد الفتاة ل"الرياض" لم يرتدعوا عن عملهم المشين بل انهم قاموا بتهديد ابنته بين فترة وأخرى وتزويدها بالمخدرات حتى تستسلم لمآربهم الشيطانية وقاموا بالتردد عليها في المنزل حتى انهارت الفتاة في ذلك اليوم لتصارح والدتها بالكارثة التي تعرضت لها وعدم احتمالها ما يجري لها بعد أن فقدت كل شيء في الحياة!
عن تلك الحكاية المؤلمة التي تعيش فصول قصصها أسرة مكونة من أبوين وعدد من الأطفال وابنتهم (الضحية) التي أصيبت بالجنون وفقدت عقلها بعد اعتراف لأمها بتفاصيل حكايتها المريرة التي لم تستطع إخفاءها طوال الأشهر الماضية يقول والد الفتاة ل"الرياض" كنت عائدا من العمل لأجد زوجتي تكفف دموعها أسرعت لأتفقد أبنائي هل مات أحدهم؟ قالت الموضوع أكبر من وفاة أحدهم أن الوفاة قد تستغرق أياماً وتنتهي لكن مصيبتنا أكبر من ذلك!
وأخذت تخبرني أن ابنتنا (....) تتعاطى المخدرات وأن مجموعة من الشباب تسللوا للمنزل وأعطوها المخدرات واغتصبوها وقاموا بتصويرها يواصل الأب حديثه ل"الرياض" قائلاً لم أستطع أن أتحمل تلك القصة ولم أصدقها هرولت إلى ابنتي مسرعاً سألتها عن الحكاية وكانت منهارة لم تجبن وكأنها قد فقدت عقلها !! عدت لأسمع الحكاية من أمها قالت ان ابنتي قالت لي ان شخصاً طرق الباب وقال أنا ابن الجيران ولدي (أغراض) لوالدتك خذيها من عند الباب وعندما فتحت الباب دفع الشخص الباب وكانوا مجموعة من الأشخاص أحدهم ربط فمها والآخر ضربها بإبرة وقاموا بسحبها لمجلس المنزل واغتصبوها وقاموا بتصويرها ثم هربوا بعد ذلك أخذوا يهددونها بالصور ويزودونها بالمخدرات والإبر حتى أدمنت ولم تعد تستطيع مقاومتهم ويواصل والد الفتاة حكايته الحزينة مع ابنته ويقول حالة ابنتي أخذت تزداد يوماً بعد يوم سوءاً لقد أصيبت بانهيار عصبي ولم تستطع أن تتحمل أخذناها للمستشفى لكن دون فائدة مهدئات وغيرها لا تفيد، قررت أن أقدم بلاغاً لمركز الشرطة لتقتص لي من الجناة فأنا لا أستطيع أن أكتم آلامي أمام منظر ابنتي البائس وقامت الجهات المختصة بتسجيل البلاغ وتم ضبط اثنين من الجناة لكن البقية لا تزال تسرح وتمرح دون أن يتم القبض عليهم وطالب والد الفتاة بالقبض على بقية الأشخاص وتطبيق أقصى العقوبات بهم فكيف يغررون بفتاة لا ذنب لها وكيف يقومون بتصويرها وابتزازها وكيف يتسللون إلى منزل الأسرة خلال تلك الأيام التي لا نعلم كم بلغت إلى اليوم ما ذنب ابنتنا ومن يعيدها للحياة! وكيف ستواجه حياتها الجديدة أسئلة أخذ يرددها الأب المكلوم ولا يزال يبحث لها عن إجابة!!
من جانبه روت والدة الفتاة معاناة ابنتها قائلة: كانت ابنتي مطيعة تؤدي الصلاة في أوقاتها محافظة على دراستها تهتم بمساعدتي في تدبير شؤون المنزل لكن في الأسابيع الأخيرة بدأت تظهر منعزلة لا تتحدث مع أحد لا تؤدي الصلاة عصبية المزاج كثيرة الحركة في المنزل يظهر على وجهها الشحوب لا تتناول الطعام إلا قليلاً عصبية المزاج كثيرة الشجار مع أخوتها الصغار لا تستجيب لطلباتي لكن في ذلك اليوم جاءتني على غير حالتها فانهارت بالبكاء وقالت (اقتلوني) أنا أريد الموت!! لا أريد الحياة وأخذت تصرخ وعندما حاولت تهدئتها وسألتها عن سبب معاناتها أخبرتني بقصتها مع الشباب الذين كانوا قد تسللوا لمنزلنا واغتصبوها وقاموا بتصويرها وتزويدها بالمخدرات حتى أصبحت على ما هي عليه اليوم وكنت كلما أحاول أن أخبر والدها بالقصة ترفض حتى جاء الوقت الذي زادت فيه حالة ابنتها ولم استطع كتمان هذا السر وأخبرت والدها بالقصة والذي بدوره أبلغ الجهات الأمنية بالحكاية لكننا ندعو الله سبحانه وتعالى أن يقتص لنا من الجناة الذين دمروا حياة ابنتنا ودمروا حياتنا بتدمير حياة ابنتنا الصغيرة التي كانت تجهل تلك الأمور حتى فقدت عقلها اليوم!
وطالب والد ووالدة الفتاة في شكوى لهم تقدما بها ل"الرياض" الجهات الأمنية المسئولة بالقبض على بقية الجناة الذين دمروا حياة ابنتهم حيث لا يزال هناك أربعة آخرين لم يتم القبض عليهم .
كما ناشد والدا الفتاة فاعلي الخير بعلاج ابنتهم من الادمان خارج المملكة لتعود إلى حالتها الطبيعة وإعادة تأهيلها مما أصابها من آلام قد لا تستطيع أن تواجهها مستقبلاً حيث ان إمكانيات الأسرة المادية بسيطة ولا تستطيع علاجها بالخارج .
وبعض المستشفيات التي قامت بعرض ابنتهم عليها قد تكون المهدئات والمسكنات فقط هي العلاج الذي يصرف لها في الوقت الحالي.
@ القبض على أربعة شبان والبقية في الطريق @
من جانبه أوضح المتحدث الرسمي لشرطة منطقة الرياض الرائد سامي بن محمد الشويرخ في تصريح ل"الرياض" عن هذه الحادثة أن الأجهزة الأمنية المختصة بشرطة منطقة الرياض تحركت فور تلقيها بلاغا من أحد المواطنين عن قيام ستة أشخاص بالتسبب في اغواء ابنته وادمانها للمخدرات من عدة أشخاص تم تكثيف البحث والتحري عنهم وبفضل من الله تم القبض على أربعة أشخاص منهم وأحيلوا لهيئة التحقيق والادعاء العام لاستكمال التحقيق معهم وجارٍ العمل على احضار الاثنين الآخرين.
@ مراحل التعاطي @
حول خطورة تعاطي المخدرات ودورها في انحراف الأحداث يقول العميد الدكتور عبدالله بن مرزوق العتيبي عضو هيئة التدريس بكلية الملك فهد الأمنية والمتخصص في علاج المخدرات ان هنالك ثلاث مراحل لتعاطي المخدرات وإدمانها يمر فيها المتعاطي حتى يصل لمرحلة الإدمان وهي:
المرحلة الأولى مرحلة التجربة أو مرحلة اللهو بالمادة المخدرة بعد ذلك مرحلة الاستمتاع بالمادة ثم مرحلة الدخول فيها ليصبح أسيرة للمادة أو الدخول في دائرة الإدمان .
المستوى الأول يبدأ بشيء بسيط قد لا يلاحظه الأهل ولا المحيطين بالأسرة لنظرتهم البريئة للأصدقاء والجيران ولمن يختلط بالعائلة يرون أنهم أناس عاديون وأنه لا يوجد مشكلة لأن هذا الشيء لا يمكن أن يدخل أسرتنا أو بيتنا فمن هذه الزاوية تبدأ الثقة أحياناً قد تكون ثقة عمياء سواء من الجيران ولذلك نحب أن نؤكد في هذا الجانب على أهمية رقابة الأبناء وخاصة في سن المراهقة ففي هذه الحادثة مثلاً يبدو أنها بدأت في تجربة المادة وبدأت في تكوين علاقات وبدأت في تكوين صداقات وبالتالي قادتها إلى عملية الاستعمال وبالتالي عملية الإدمان والمدمن يحتاج أن يؤمن نفسه ويحتاج إلى مبالغ قد تتجاوز (فسحتها) اليومية في هذه الحالة ولو طلبت من الأهل سوف يكتشف أمرها وبالتالي لجاءت إلى مصدر آخر وهو أحد أصدقائها او هذه المجموعة وظلت الأمور في خانة السر والكتمان حتى عجزت عن تغذية عادة التعاطي وبالتالي بدأت في مرحلة الابتزاز هذه المرحلة بدأ المروج والشخص الآخر الذي يمد المتعاطي بالمادة المخدرة يعرف أن هذه الضحية أصبحت في يده فبدأ في فرض شروطه وبدأوا يستغلون الفتاة جنسياً .
الجانب الثاني وهو المستوى الاجتماعي او الوسط الاجتماعي الذي تعيش فيه الضحية (المدمن أو المتعاطي) هذا الوسط سواء داخل الأسرة أو داخل الجيران هذان الوسطان يجب أن يعيش فيهما الفرد بحذر وبالتالي هي اكتسبت السلوك من البيئة المحيطة (الجيران) فلا يمكن أن يكتسب السلوك بين عشية وضحاها إلا أن يكون في وسط بيئة اجتماعية مساعدة على الاستمرارية في السلوك تكون بيئة مهيأة للتعاطي أو تكون بيئة غافلة غير واعية بتربية الأبناء .
المستوى الثالث وهو الأخطر وهو المستوى الأسري ويأتي دور الأسرة في اكتشاف العلامات والعوامل الأولية للتعاطي والانحراف مثل الخروج من المنزل بكثرة المبيت خارج المنزل بيوم أو يومين والحصول على مبالغ مالية غير معقولة والآثار الجسدية على الجسم وفترات النوم وطريقة الأكل وطريقة الحديث وغيرها .
خلاصة القول ان المادة المخدرة لا تعرف الفروق الاجتماعية ولا تعرف الفروق السنية (العمرية) المخدر يمر بسلسلة عمليات في النهاية تقود لمرحلة الإدمان هي مرحلة عمومية لكن لها مرحلتين المرحلة الأولى مرحلة التعاطي أو الاستعمال هذه المرحلة قد تتطور وتصبح إدمانا وقد لا تتطور وتبقى مرحلة استعمال وهناك المرحلة الثانية وهي صعود الإنسان إلى سلم الإدمان وهذه المرحلة تعتمد على نوع المادة ومدتها وجسم الشخص وعمره والمركبات البيلوجية والكيمائية داخل جسمه .
في المرحلة الثانية عندما ينتقل من التعاطي إلى الإدمان يدخل في مشكلة تسمى شبكة الإدمان أو حفرة الإدمان أو مصيدة الإدمان هذه المصيدة تعتمد على حاجتين ليس بمقدور الشخص التحكم فيها لأنه أصبح السلوك مسيطرا عليه بواسطة المادة المخدرة .
في النهاية الشيء الذي يجب أن نركز عليه هو أن الدخول في نفق المخدرات نهاية حتمية وهو تلف وانتهاء القدرات العقلية عند الإنسان سواء هذه القدرات العقلية يراها الشخص مباشرة أو لا يراها نقطة أخرى هناك عنصران رئيسيان يجب أن ينتبه لها كل الناس وهي البيئة المحيطة أو البيئة التي تحتظن الشخص المتعاطي وهذه التي يجب التركيز عليها حتى تحمي من تحب أو تحمي نفسك شخصياً بانتباهك من البيئة التي تفرخ التعاطي أو البيئة التي ينبت فيها التعاطي فهناك بيئات خصبة قابلة لظهور التعاطي وبالتالي الوصول للإدمان وهناك بيئات لديها قدرة من الحصانة وقدرة من المكافحة حيث انها ترفض مثل هذه السلوكيات .
@ أولياء الأمور لا يعرفون كيفية التواصل مع أبنائهم @
الدكتور أحسن مبارك طالب عضو هيئة التدريس بجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية يقول ل"الرياض" حول هذه القضية ان انحراف الشباب قضية تمس جميع المجتمعات العربية قاطبة وانحراف الشباب أو إدمان الشباب موجود وللأسف بكثرة وازداد في السنوات الأخيرة في كل المجتمعات العربية وأشدد هنا على كلمة (كل) المجتمعات العربية فقط الاختلاف يكمن في الدرجة والنسبة ولو أردنا الإجابة على سؤالك لماذا تكثر مثل هذه الأشياء في اعتقادي تحدث من عامل هام جداً وهو عدم التواصل بين الأب والأم والأطفال بصورة عامة والشباب هذه النقطة الأولى بحيث أصبح لدينا الكثير من أولياء الأمور لا يعرفون ماذا يفعل أبناؤهم لماذا لايعرفون لأنهم لا يتواصلون بهم ولا يوجد اتصال مباشر أقصد اتصالا مباشرا وليس عن طريق الخادمة مثلاً وهذه مشكلة كبيرة جداً يجب أن نعيد الاتصال مع أبنائنا مرة أخرى.. السبب الثاني هو أن الأسرة تركت مهمة التربية والتنشئة وتخلت عن أبنائها ففوضت المدرسة فيها لأنهم يعتقدون أن المدرسة ستقوم بتنشئة أبنائهم لهم لكن المدرسة ليست مؤهلة أولا لكي تقوم بالتنشئة الاجتماعية فقط تستطيع المدرسة القيام بدورها الأساسي وهو التعليم وحبذا لو قامت وكان هناك مجال لها أن تقوم بالتربية ومفروض أنها تقوم بالتربية بجانب التعليم.
إذن هناك شيئان أساسيان هما عدم التواصل والتخلي عن الدور الأصلي للأسرة فالأسرة تخلت أو فوضت غيرها في المهام الأساسية التي هي التربية والتنشئة الاجتماعية والأهم من هذا وذاك هو كذلك لما نقول عدم التواصل تفيد أن أولادهم يلتقون بأيدٍ آثمة ويصحبون صحبة غير جيدة أي منهم على شاكلتهم أو أسوأ نتيجة للفراغ ربما الذي يوجد عند التلميذ وهناك قاعدة أساسية تقول (الطبيعة لا تقبل بالفراغ) فإذا كان يوجد هناك فراغ فكري تربوي علمي روحي ديني ثقافي لا تملؤه الأسرة كما يجب فسوف يأتي من يملؤه المهم الآن أن نبحث عمن يملأ ذلك الفراغ الموجود أو الذي قد يكون موجودا عند شبابنا من الجنسين وهذا طبعاً يؤدي لكثير من العواقب الأليمة العواقب غير المطلوبة والعواقب غير المرضى عنها فإذن هذه هي الأزمات التي نعيشها في وقتنا الحاضر في العصر الذي نحن فيه .
وكذلك نقطة رابعة وهي أن الأسرة العربية بصورة عامة ونحن في مجتمعاتنا العربية انتقلنا مباشرة من نمط معين في الحياة إلى نمط جديد هو ما يسمى بالنمط العصري بدون أن نأخذ حذرنا منه جيدا أو على الأقل دون أن نأخذ في الاعتبار بأن نحضر أنفسنا نحن كأولياء أمور ونحضر أبناءنا لهذا النمط من العيش وهذا طبعاً يحتاج إلى تريث وإلى تربية ويحتاج إلى تخطيط مدروس عملي وأؤكد في نهاية حديثي على التواصل لأن التواصل مهم جداً وهو النقطة الأساسية لأن الشباب اذا أحسوا أنه ليس هناك تواصل بينهم وبين أولياء أمورهم يتولد لديهم انطباع بأنهم مرفوضون من أسرهم وبذلك سوف يتجهون إلى مكان آخر وإلى صحبة أخرى يحسوا فيها أنهم مقبولون وهذا مهم جداً وهذه النقطة هي أم المشاكل .
@ على الأسرة أن تراقب التغيرات التي تحدث في السلوك المدرسي
وحول أهمية الوقاية من تلك الجرائم يشاركنا الحوار مدير التعاون الدولي بجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية الدكتور صقر بن محمد المقيد بقوله: نحن الآن أمام قضية معقدة، وهذه القضية هي بمثابة اعتداء على الضرورات الخمس التي أجمع عليها العلماء، فضلاً عن اعتداء هؤلاء الشبان على أنفسهم، وقبل أن أدلج في هذه الواقعة، أود ان أوضح ان الجريمة ظاهرة كونية، ومهمة الشرطة في جميع دول العالم هي ضبط الجريمة، أما مكافحة الجريمة فهي قضية أخرى مختلفة تماماً وهي مسئولية مشتركة بين فئات المجتمع ومؤسساته، وحتى في أزهى عصور الإسلام اغتيل ثلاثة من الخلفاء الأربعة، ومعلوم للجميع أن بدايات الكون كانت بجريمة قتل اثر خلاف بين هابيل وقابيل على اختيهما لبودا واقليما.
وفي خضم التحديات الراهنة، والعولمة، والقنوات الفضائية، والطغيان المادي الجارف، فإن السياسة الجنائية العالمية تمر بأزمات ومشكلات، ولابد لهذه من مواجهة الانحدار القيمي والتقني الهائل سيما وان المجتمعات غدت تتسم بالنزعة المادية والانكماش في الحياة المادية فضلاً عن النزعة نحو الأنمانية وانحسار الشعور الإنساني. ومن هنا فإن الانحراف عن القيم الاستراتيجية في المجتمع يوجب تدخل الضبط الاجتماعي الايجابي الذي يعمل على إعادة التوازن لصد الإنجراف، وعادة ما يشكل الضبط الاجتماعي خط الدفاع الأول لقمع الانحراف والتصدي له، ومثال ذلك ما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء" ويبين هذا الحديث الشريف ان زواج الشباب يترتب عليه ضوابط اجتماعية وقائية تكون وجاء لبعض السلوكيات المنحرفة.. كما ان القدوة الحسنة لها أثر جلي في شخصية الشباب خاصة (من هم في سن المراهقة) عادة ما ينظر المراهق أو المراهقة للقدوة الحسنة على انها مثال يحتذى ومن ثم فإن انحراف القدوة له آثار سلبية كبيرة في نفس المراهق أو المراهقة مما يدفعه أو يدفعها في النهاية إلى العديد من المخالفات السلوكية، وتعد المدرسة المصدر الثاني بعد الأسرة في الاقتداء نظراً لما يمثله المدرس أو المدرسة من شخصية محورية أمام الطلاب والطالبات خاصة في مرحلة المراهقة وهي المرحلة الحرجة ما بين مرحلة الطفولة ومرحلة النضج، ويرى علماء النفس ان الانحراف سلوك مناقض للمجتمع تسيطر عليه الحاجات الغريزية على الفرد نتيجة فشل التربية في تحويل هذه إلى كائن اجتماعي.
ويبقى فاعل المنكر معول هدم في المجتمع ويجب ردعه بالأحكام الشرعية، وإقامة الحدود على العابثين هي رسالة الإسلام التي تحفظ الحقوق وتستقيم بها الحياة، ولابد على ذلك من الاهتمام بالنشء وبالمراهقين على الأخص، فالأبناء ثروة لا يجب التفريط بها، فلابد لولي الأمر من أن يكون عيناً ساهرة على ابنائه من رفقاء السوء والانحلال فكم رفيق أوقع رفاقه في مزالق الهوى وحبائل الشيطان ومهاوي الرذيلة، وهذا العصر زاخر بالمغريات ووسائل الانحراف الأخلاقي والفكري، والافراط يقود إلى افساد الابنة والتغاضي عن اخطائهم واهمالهم ربما يقودهم إلى أن يكونوا لقمة سائغة للذئاب البشرية.
وغني عن القول ان مشكلة المخدرات والإدمان، والذي نحن اليوم أمام قضية من قضاياها اصبحت مصدر قلق يهدد البشرية وباتت الحكومات تسعى إلى استغلال كل مناسبة للحث على البعد عن المخدرات والتوعية من أخطارها المدمرة وتبذل وزارة الداخلية ورئاسة الحرس الوطني ووزارة الدفاع والرئاسة العامة لرعاية الشباب جهوداً مضنية في التصدي لهذه الظاهرة. وطالعنا وسائل الإعلام العربية والأجنبية بقصص عن وفيات وجرائم جراء تعاطي المخدرات، ومن الطبيعي ألا يقوم المجتمع باهمال هذه القصص بل ولابد من العمل على توظيفها في سبيل توعية النشء من أخطار هذه الآفة المدمرة، ومن الثابت ان الشباب الذين يتعاطون المخدرات ربما يكون أصدقاؤهم يتعاطونها وليس بالضرورة أن يكون قد ضغط عليهم من قبل أصدقائهم وإنما يتعاطونها بسبب الفضول وحب المعرفة، لذا فإن انتشار المخدرات يكون دائماً وأبداً عبر رفاق السوء والمشكلة ان غالبية الأهالي تجهل حقيقة المخدرات، والمخدرات بشكل بسيط هي تلك المواد التي تسبب تحولا في عمل العقل أو في أعضاء الجسم ومنها الحشيش، الهيروين، الكوكايين، الكراك، الاكستازي، المهلوسات، الامفيتامينات فضلاً من المذيبات الطيارة.
وهناك العديد من الأسباب التي تدفع الشباب لتعاطي المخدرات ومنها:
1- الاعتقاد الخاطئ بأن ذلك يجلب المتعة.
2- التقرب إلى بعض الأصدقاء الذين يستخدمونها.
3- لعدم وجود ما يشغلهم.
4- الفضول وحب المعرفة والتجريب.
5- الرغبة في الوصول إلى سن النضوج المبكرة.
6- الرغبة في المغامرة.
7- الرغبة في الهروب من المشاكل.
8- الرغبة في الانتقام من العائلة.
ومن هذا المنطلق فإن على الأسرة ان تراقب التغيرات في السلوك المدرسي مثل انخفاض المعدل وكذلك التعرف على الأصدقاء الجدد ثم التنبه عند فقدان أي نقود أو أغراض نفيسة من المنزل، وكذلك ملاحظة وجود زيادة في بعض المصروفات للابن، وعلى الأسرة ايضاً التنبه للانطوائية والميل للسلوك السري وسرعة الانفعال والعدوانية والكسل والخمول وانعدام الشهية. وفي حال اكتشاف أحد الضحايا لهذه الظاهرة المقيتة على الأهل محاورة الضحية بأسلوب ودي وابداء الرغبة في خروجه من هذه الأزمة وعدم اشعاره بالذنب ومساعدته للحصول على العلاج كما يجب مساعدته في تخليصه من الورطة القانونية وايجاد الدعم المناسب له والتنسيق مع الأجهزة المعنية بالعلاج، أما من ناحية الجهات المعنية فعليها اتباع أساليب وقائية منها الإعلام الوقائي عبر حملات التوعية العامة. إن هؤلاء الشباب بارتكابهم هذا العمل المشين ضد ضحيتهم فهم ابتداء ارتكبوا جريمة بحق أنفسهم، وحق وطنهم، وحق دينهم، وحق أسرهم، وحق القيم المجتمعية برمتها.. وهم ايضاً ضحايا - بلاشك - لرفاق السوء - الذين يقفون وراء اشاعة الفساد عبر ترويج مثل هذه المواد الخطرة مما يجعلهم يتفننون في ارتكاب جرائمهم بعد تخمر عقولهم وأرى أن تطرح هذه القضية كقضية رأي عام، ولعل مبادرة جريدة "الرياض" لهذا التحقيق دليل على النضج الصحفي لهذه الصحيفة المتألقة التي دأبت على معالجة قضايا المجتمع من منظور مهني متميز.