داعبت أنامله وتر الكمان ليعزف لحنه المفضل , حاول أن يسرق بعض
الهدوء بعد يوم حافل لكن النشاز الصادر عن عزفه ضاعف توتره , لم يجد
مخرجاً سوي تلك الحبة البغيضة .
ازدادت عقارب الساعة في دقاتها المزعجة , قطرات الماء المتسللة خلسة من
صنبور المياه باتت كشلالات هادرة ,إصرار تلك النملة المزعجة علي سرقة
قالب السكر أقلقت مجلسه - كم يكره السرقة حتى لو من تلك المخلوقة الضعيفة – .
النعاس يضرب بجذوره المترامية في أرض عقلة الواعي , تمرد علي جسده
الواهن , وارتحل بروحه خلف نجمة في السماء لمعت في ظلام يأسه , أشعلت
بعض أمنيات جميلة تصر علي الرحيل ..الجمهور يلهب الصالة بالتصفيق ,
عبارات الثناء تنهمر من الأفواه , عدسات الكاميرات تداعب وجهه الخجول ,
صفحات الجرائد تنادي بتتويجه علي عرش المستقبل , قلوب العذارى تتمايل
وتتشكل بين أوتاره .
عاد إلي أرض الجسد البائس , ليري هذا الوجه القبيح يحتل جسده , وروحه
تنزوي خلف الكواليس , تتابع في أسي لحظة الاغتصاب .
بعثر آخر ما تبقي معه من نقود في الهواء , تتساقط علي رأسه في ضربات
متوالية تعيده إلي أوتار الكمان ليسجل لحظة الإبداع .
أفاق علي جرس الباب لم يجد سوي رزمة النقود وذلك الخبر الرئيسي عن
الحفلة الموسيقية المرتقبة والتي يحييها عازفه المفضل .
وضع النقود دون إكتراث وعاد لحبته وأوتاره .
بقلمي / فارس الاحزان