قاتل الله بعض الرجال تزاحمت الأحزان في رأسها ودعت افراحها وأحلامها اللؤلؤية والذهبية التي ذابت وتلاشت مع آخر أهزوجة زفافها ودعتها كذرات طلع متطايرة تسبح مع أشعة الشمس البنفسجية. الدموع الخانقة في جوفها والأخرى تسكبها مدراراً. نعم اشتدت الخطوب والنوائب. وطيوف أحزانها السوداء كتمتها فلم يعد لها متسع من كثرتها والأخرى تراها أمام عينها كلما التفتت. جلست أمامي واستعادت زفرات انفاسها المتلاحقة وهمست كلمات مخنوقة ذات شجون وسردت حكايتها. رضيت به على علاته وعيوبه الخلقية والاخلاقية وأمراضه النفسية والجسمية وعلومه المتواضعة البسيطة وعلى الرغم من ذلك لم أتوان ولو لحظة في مساندته. ومعالجته والوقوف بجانبه ليتخلص من علله وأنا الواعية المتعلمة رماني القدر لأقترن به فهو ابن عمي وزوجي وووو هكذا سيقارعني أهلي ومجتمعي ويلتمسون الأعذار عن كل أخطائه الجبلية ويبحثون عن هفواتي ليضعوها تحت المجهر لتكبر وتصبح أعظم من مدينة؟؟!! أول أخطائه التي لا تغتفر فصله من عمله واختلاقه الحجج الواهية وصرت كمن احتمى ببيت العنكبوت (وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ) وهكذا ودعت أحلامي الوردية مع ظهوره بحياتي تحملت المسؤولية وأنا ابنة الخامسة عشرة وواصلت تعليمي الجامعي بجانب تربية أخواني وابناء أخي المتوفى إضافة إلى بيتي الجديد المتهالك قبل بنائه. أنا الراعي والرعية. تعاظمت المسؤوليات أرهقت كاهلي. اشتريت له سيارة وقلت في نفسي ربما يكون زوجي أفضل من السائق الغريب ويخفف عني أعبائي ويساندني ولو بجزء بسيط ومرت الأيام وجرت رياحي المعاندة عكس التيار. السيارة الاولى أصبحت في خبر كان والثانية والثالثة والرابعة والخامسة كلها رحمة الله عليهن ونهايتهن التشليح وأعظم منها أنه لا يركبها إلا هو ومن على شاكلته. فاشل بكل المقاييس مصروفه اليومي والشهري والسنوي كلفت به جبراً وقصراً ليأخذها عنوة. أعود مساء من عملي لأسمع نفس الاسطوانة المملة أين الفطور أين الغداء. لماذا لم تعديه ما دورك يا فاشلة (يرميني بدائه وينسل) وإذا مرض أنا الممرضة أما! إذا احتجته لم أجده؟؟!! الهموم كبرتني عشرات السنين أنظر اليه هل هو الزوج المعين!؟ أم طفل التقطته من أحد الملاجئ لأتبناه؟! أم ضيف ثقيل. الظل زارني وزادني إرهاقاً وصعوداً؟! قاطعتها وقلت هل تصدقين أن أحدهم قال قاتل الله النساء . قالت لي أنقلي حكايتي له فهي ليست من نسج الخيال وقولي معي قاتل الله بعض الرجال ورددت آآآآمين ثم استرسلت أنا امرأة من عرض النساء ابتليت برجل حائط مايل اعتراه التشقق والاهتراء لمسة إصبع تكفيه كي ينهار.. وإصبعي لا يتحمل إقامة حائط ناقض وتستطرد هل أرفع أمري للمحكمة وماذا ستفتي وتجتهد مع أني أعرف مسبقاً الاجتهادات التي ستصدرها؟؟!! ومجتمعي الذي لن يرحمني ومما يزيد همي هؤلاء البشر الذين يرشون على موتي سكراً ويسكبون على أحزاني عسلاً مصفى وينعقون ويهيأ لهم أنهم يغردون ويعترضون على ضرباتي والتي يعدونها العد التنازلي ومتلقي الضربات ليس كمن يعدها. ولو سردت المحن والمصائب التي تقع على النساء العاملات وغير العاملات والسياط النفسية اللاتي يتلقينها من بعض الرجال لما اكتفيت من سرد القصص التي تدمي الفؤاد وتوهن النفس، ولكن كلها في طي الكتمان خوفاً من فضح وكشف وجه الخصوصية المختمرة التي وضعنا على رأسها سيفاً حاداً وحجراً ثقيلاً لندفنها في التراب العميق كي نخفيها فانتشرت خمائرها في باطن الأرض فخصبت وازدادت الأوبئة والأمراض وتصاعدت روائحها دون ظهور رأسها الذي قطع تحت كثبان الرمال فهل من مجيب؟ ! بقلم ((**عطاف المالكي **)) |