الموضوع: مؤتمر الشياطين
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 11-30-2005, 02:44 PM
 
مؤتمر الشياطين

في بقعة غير معروفة في أعالي البحار..

وفي ليلة من أشد الليالي سوادا وظلمة ..

أخذ الشياطين والأبالسة يتوافدون بأعداد هائلة إلى تلك البقعة التي لم تكن سوى قصر الشيطان , أبوهم الأول

لم يقتصر الحضور في تلك الليلة على الشياطين الكبار فحسب بل حتى الشياطين الصغار أتت لتأخذ نصيبها من السماع لدروس جدهم الأقدم

" إبليس "



ولما اكتمل اجتماع الشياطين صغارا وكبارا , ذكورا وإناثا , أخذ

" إبليس " يحك قرنه بعصبية , بينما كان يقلب نظره في وجوه الشياطين المختلفة الجالسة أمامه ليتأكد من أن عدهم كاف ليبدأ كلامه.

ثم إن " إبليس " ابتسم ابتسامة حامضة , وهو يخرج زفرة حارة طويلة من منخره تعبيرا عن سروره بالعدد الكبير من الحضور .



بعد ذلك اعتدل " إبليس " في جلسته , وبدأ حديثه بصوت أجش ...

" أيها الشياطين الأعزاء , يا معشر الخبث والخبائث أحييكم بلعنة أبيكم إلى يوم الدين .. وأقدر لكم حضوركم من كل فج من فجاج الأرض , لتسمعوا إلى الكلام الخبيث الذي سأقوله لكم , والذي أقسم أنكم لن تجدوا أخبث منه , فأنا كما تعلمون الأكثر خبرة على الإطلاق , في فنون الحرب الشيطانية الضارية مع عدونا اللدود الأول والأخير.... ابن آدم "



ولما وصل " إبليس " إلى ذكر إبن آدم , جحظت عيناه , واحمر لونه , وغضب غضبا رهيبا جعل معه الكرسي الجالس فوقه ينتفض بشدة , ثم أخذ يصرّ أسنانه بغيظ , وضرب بيده على الكرسي بقوة أفزعت صغار الشياطين , وزعق وهو يخرج الكلمات بصعووبة من شدة حنقه ..



" ابن آدم !! ابن آدم !! ذلك هو عدوكم وعدو أبيكم ! فاحذروا أن يفوتكم ! ولا يكون حظه الجنة وحظكم النار , ونصيبه الرحمة ونصيبكم اللعنة , فإنكم تعلمون أن ما أصابني وأصابكم من اللعن والطرد عن رحمة الله , إنما هو بسببه , فابذلوا جهدكم – لا رحمكم الله – في أن تجعلوا ابن آدم رفيقنا في جهنم "



ثم سكت إبليس ليرى أثر كلامه على أعوانه , فلما رآهم منصتين لما يقول , تابع كلامه ..



" وإليكم أيها الرفاق بعض النصائح الغاليه , التي ستفيدكم كثيرا في حربكم مع ابن آدم.

عليكم أولا وقبل كل شئ أن تستغلوا كونكم محجوبين عن عين ابن آدم , فهو لا يراكم بالرغم من ملازمتكم له دائما , وبالتالي فهو كثيرا ما ينسى أنكم عدوه الأشد ضراوة وعداوة , ولذلك يغفل عنكم , وههذه



الغفلة

هي فرصتكم السانحة للانقضاض عليه , والنيل منه.



واعلموا أن أساس فساد ابن آدم هو قلبه , فهو الذي يتحكم بكل حركاته وسكناته وأفكاره , فإن استطعتم الوصول إليه والسيطرة عليه , فقد ربحتم المعركة و قهرتم ابن آدم !

ولكن لا تتصوروا أن تربحوا المعركة بهذه البساطة ! فابن آدم عنده كذلك أسلحة فعالة , إذا ما أحسن استخدامها لن تستطيعوا أنتم ولا أبوكم هزيمته.



فمن أسلحته



ذكر الله والاتصال به :



فإنكم لن تستطيعوا الوصول إليه مادام ذاكرا لربه , مشتغلا بعبادته , سائلا عونه . فإن ربه في هذه الحال يمد قلب ابن آدم بأسلحة إضافية من الإيمان به واليقين بما عنده , مما يجعله يثبت ثبات الجبال الراسيات أمام كيدنا ومكرنا .



كذلك من أسلحته القرآن



فإذا كان قارئا له , عارفا بمعانيه , عاملا به , فإنكم يا أبنائي تواجهون مشكلة حقيقية ! وربما كان صعودكم إلى السماء لاستراق السمع أهون بكثير من مجرد التفكير في محاولة إغواء هذا الصنف من بني آدم ! أيضا لا تنسوا أن هناك جنودا من الملائكة يعينون ابن آدم الطائع لربه , ويثبتونه ويأمرونه بالخير, ويعدونه بكرامة الله له , وهذا بلا شك يشوش عليكم وسوستكم على ابن آدم , ويضاعف العبء عليكم في إغوائه .



ولكن لا تيأسوا أبدا – يا رفاقي الشياطين – من ابن آدم مادام على قيد الحياة , فبالرغم من امتلاكه لكل هذه الأسلحة , فإنه لابد أن يغفل عن سلاحه في لحظة ما , وهذه اللحظة هي فرصتكم الذهبية للهجوم على قلبه , فإنه مكشوف لكم حين ذاك , ولتبدأوا حربكم معه من جهة نفسه , ادخلوا عليها من مرادها , وانظروا ما تحب , فزينوه لها واجعلوه شغلها الشاغل.



فإن كانت تحب المال ..



فاشغلوها بجمعه ليل نهار من كل طريق , حتى يصبح همها الأوحد , من أجله تحب , وتبغض وتقاتل , وزينوا لها أن اشتغالها بجمع المال إنما هو لتحصيل الرزق والاستعفاف!



وإن كان رجلا أو امرأة ممن يعشقون الصور ..



فاجعلوا صورة أحدهما لا تفارق الآخر , حتى يتمنى كل منهما الوصال من كل طريق ولو كان حراما .



وإن كانت نفس ابن آدم لها تطلع للشهرة والجاه ..



فاشغلوه بتحصيل ذلك بكل سبيل , وزينوا لها أن غمز الناس والتنقص منهم وغيبتهم إنما هو إنكار منكر يؤجرون عليه !

وهكذا كل نفس ادخلوا عليها مما تحبه من الشهوات , وما سبق إنما ذكرته لكم على سبيل المثال فقط



بل وحتى لو كان ابن آدم منصرفا عن الشهوات ومشتغلا بالطاعات من صلاة أو صدقة أو طلب علم أو غيرها , فاجتهدوا أن تفسدوا عليه طاعته بالسهو والرياء والعجب , وإذا أردتم مثالا حيا فدونكم أخوكم " خنزب "

إسألوه كيف يفسد على ابن آدم صلاته , فقد علمته كثيرا من الحيل حتى صار بارعا في إلهاء ابن آدم عن صلاته ... وهكذا كل بحسبه يا أحبائي الشياطين !



ولا يفوتني أن أؤكد عليكم أن تلزموا ثغور ابن آدم التي يمكنكم إذا استوليتم عليها أن تصلوا إلى قلبه بسهولة , وأعني بهذه الثغور العين والأذن واللسان



أما العين

فاحذروا أن ينظر بها ابن آدم نظرة تدبر واعتبار , وكرهوا إليه النظر إلى ما فيه ذكر الله , واشغلوه بالنظر إلى العورات والملاهي , وتذكروا أنكم إذا ملكتم هذا الثغر , فإن سهامكم لن تخطئ قلب ابن آدم فشدوا عليه بسهام النظر إلى الفواحش والحرام , وبالغوا في جرح قلبه , فلعل سهما من سهامكم يكون فيه مقتله , وعندها يكون ابن آدم ميت القلب , ويصبح من عبيدنا.



وأما أذن ابن آدم ,

فاصرفوها عن سماع الحق والخير , وألقوا فيها كل باطل من الغناء والغيبة والفحش. واجعلوها تنصت إلى البدع والشبه التي تجعل ابن آدم يتشكك في دينه . ولا تنسوا أن تغلفوا ذلك بالألفاظ والعبارات الجميلة , وتلبسوه لباس المنطق والحجة , حتى لا يستطيع قلب ابن آدم الغافل تمييزها وإذا حصل أن دخل شئ من الذكر والخير إلى أذن ابن آدم رغما عنكم فعليكم بصرف قلبه عن فهم ذلك الخير والتفكر فيه.



ولا تنسوا بعد ذلك كله لسان ابن آدم ,

فإنني قد أرديت كثيرا من بني آدم بسببه ! فعليكم بلسانه , زينوا له الكلام فيما يعنيه وما لا يعنيه وفيما يعلم وما لا يعلم , وجرؤوه على الكلام في دينه بما لا يعلم , وهونوا عليه الولوغ في أعراض الناس والكلام فيهم , فلعلكم بعد ذلك تظفرون منه بكلمة من سخط ربه يهوي بها في النار – داركم ودار أبيكم – سبعين خريفا. "



سكت الشيطان بعد ذلك برهة ليبتلع ريقه , ثم واصل..

" أيها الأعزاء , إننا لسنا وحدنا في معركتنا مع ابن آدم , بل هناك كثير من المتعاونين المخلصين معنا من إخواننا الإنس , الذين من خلالهم نستطيع أن نؤذي ابن آدم بأكثر من مجرد الوسوسة. فمن خلال أصواتهم نذيع الكفر والشهوات والإباحية على الناس , وعلى سواعدهم ننشر الشرك والبدعة والرذيلة , وبقوتهم نحارب الخير وأهله ونسفك دمائهم. وبأموالهم نبني صروح الفساد والحرام , وبعقولهم نبتكر كل مافيه فسادهم من أشكال الإنحراف والشذوذ. وأنتم ترون اليوم , أن أكثر ما صنعه ابن آدم من مخترعات وأجهزة قد وظفناها لصالحنا , وجعلنا في خدمة مانحب من الفجور.



ولا تظنوا أنه عندما يتعاون معنا شياطين الإنس فإننا نحبهم



كلا وألف كلا !!



نحن نستخدمهم فقط , حتى إذا قامت القيامة , فإنني سوف أتبرأ منهم بطريقتي الخاصة ؛ ولكن هذا موضوع آخر سأذكره في حينه , فلكل مقام مقال كما تعلمون !

فاستعينوا بإخوانكم من شياطين الإنس على حرب أهل الخير والصلاح واعلموا أن أهل الخير هؤلاء يقومون بما أمرهم ربهم , من الصبر والمصابرة والمرابطة والتقوى , فإياكم أن تفت همتكم , أو تضعف عزيمتكم ! بل اهجموا عليهم من بين أيديهم ومن خلفهم , وعن أيمانهم وعن شمائلهم , واجتهدوا أن تنسوهم ذكر ربهم .

ثم احملوا على ثغورهم – التي بينتها لكم – بخيلكم ورجلكم , فلعلكم أن تظفروا بطريق سالكة إلى قلوبهم.



ومتى ما وصلتم إلى قلب ابن آدم , فانفثوا فيه أمراض الشبهة والشهوة لتصرفوه بذلك عن النظر إلى ربه وعبادته , ولا يزال هذا دأبكم حتى تميتوا قلبه , وعند ذلك تكونوا قد أضفتم إلى حزبنا عضوا جديدا !



والآن..

حان وقت العمل ! فانطلقوا جميعا – لا بارك الله فيكم – ولاتنسوا حرفا مما قلته لكم , وتذكروه دائما .

وإلى لقاء يجمعنا في أمنا الهاوية , مع أتباعنا من بني آدم ! "



انطلقت الشياطين من عند قصر " إبليس " لتنتشر في أرجاء المعمورة , تنشر الفساد والضلال بين العباد , وتغوي من بني آدم الكثير والكثير ممن ابتعدوا عن طريق ربهم ..

وأؤلائك هم الذين صدق عليهم ابليس ظنه

إلا نفرا من بني آدم لم تقدر الشياطين على إغوائهم مع ضراوة حربها عليهم , أولئك الذين حفظوا حدود الله فحفظهم الله , أولئك عباد الله المخلصين.



ـــــــــــــــــــــــــــــــ

سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر اللهم

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

ــــــــــــــــــــــــــــــــ
__________________
"اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيرا ، ولايغفر الذنوب الا انت
.فاغفر لي مغفرة من عندك ،وارحمني انك انت الغفور الرحيم "