التهنئة بالعيد جرى عليها عمل السلف الصالح من أهل القرون المفضلة وعلى رأسهم الصحابة رضي الله عنهم.
قال الإمام الآجري ـ رحمه الله ـ عن التهنئة بالعيد:
فعل الصحابة وقول العلماء.اهـ
وقال الإمام مالك بن أنس ـ رحمه الله ـ عن هذه التهنئة:
لم يزل يُعرف هذا بالمدينة.اهـ
وقال الحافظ ابن حجر ـ رحمه الله ـ في "فتح الباري" (2/446) وفي "جزء التهنئة"(34-40)
وَرُوِّينَا في "المحامليات" بإسناد حسن عن جبير بن نفير أنه قال:
(( كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا التقوا يوم العيد يقول بعضهم لبعض: تقبل الله منا ومنك )).اهـ
وقال أيضا:
وَرُوِّينَا في كتاب " التحفة " بسند حسن إلى محمد بن زياد الألهاني أنه قال:
(( رأيت أبا أمامة الباهلي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في العيد لأصحابه: تقبل الله منا ومنكم )).
وقال الإمام أحمد بن حنبل ـ رحمه الله ـ:
إسناد حديث أبي أمامة إسناد جيد.اهـ
تنبيه وتذكير:
بعض الناس قد يُهنئ بالعيد قبل حلوله بيوم أو أكثر أو يهنئ به في ليلته، والمنقول عن السلف الصالح ـ رضي الله عنهم ـ أنهم كانوا يُهنئون في نهار يوم العيد، والأحب فعلهم."
فإن صح هذا المنقول عن السلف أنهم كانوا لا يهنئون إلا في نهار العيد أن نأخر التهنئة ليوم العيد ؛وإذا كان النقل غير صحيح أو هناك كلام لأهل العلم في هذه المسألة أن يطرحها الإخوة.
ومن باب الفائدة
قال العلامة ابن باز في مجموع فتاويه :
التهنئة بالعيد
س: الأخ: ص.م.م. من واشنطن , يقول في سؤاله: يقول الناس في تهنئة بعضهم البعض يوم العيد ( تقبل الله منا ومنكم الأعمال الصالحة) أليس من الأفضل يا سماحة الوالد أن يدعو الإنسان بتقبل جميع الأعمال , وهل هناك دعاء مشروع في مثل هذه المناسبة؟ (1)
ج: لا حرج أن يقول المسلم لأخيه في يوم العيد أو غيره تقبل الله منا ومنك أعمالنا الصالحة , ولا أعلم في هذا شيئا منصوصا , وإنما يدعو المؤمن لأخيه بالدعوات الطيبة; لأدلة كثيرة وردت في ذلك. والله الموفق .
__________
(1) من ضمن الأسئلة الموجهة من ( المجلة العربية ) .
وقال العلامة في "مجموع فتاوى ورسائل" :
سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: هل هناك صيغة محفوظة عن السلف في التهنئة بالعيد؟ وما هو الثابت في خطبة العيد الجلوس بعد الخطبة الأولى ثم خطبة ثانية أو عدم الجلوس؟
فأجاب فضيلته بقوله: التهنئة بالعيد قد وقعت من بعض الصحابة رضي الله عنهم، وعلى فرض أنها لم تقع فإنها الا?ن من الأمور العادية التي اعتادها الناس، يهنىء بعضهم بعضاً ببلوغ العيد واستكمال الصوم والقيام.
لكن الذي قد يؤذي ولا داعي له هو مسألة التقبيل، فإن بعض الناس إذا هنأ بالعيد يقبل، وهذا لا وجه له، ولا حاجة إليه فتكفي المصافحة والتهنئة.
وأما سؤاله عن خطبة العيد فإن العلماء اختلفوا في ذلك:
فمنهم من قال: إن العيد له خطبتان يجلس بينهما.
ومنهم من قال: ليس له إلا خطبة واحدة، ولكن إذا كان النساء لا يسمعن الخطيب فإنه يخصص لهن خطبة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما خطب الناس يوم العيد نزل إلى النساء فوعظهن وذكرهن، وهذا التخصيص في وقتنا الحاضر لا نحتاج إليه.
* * *
0231 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: ما حكم المصافحة، والمعانقة والتهنئة بعد صلاة العيد؟
فأجاب فضيلته بقوله: هذه الأشياء لا بأس بها؛ لأن الناس لا يتخذونها على سبيل التعبد والتقرب إلى الله عز وجل، وإنما يتخذونها على سبيل العادة، والإكرام والاحترام، ومادامت عادة لم يرد الشرع بالنهي عنها فإن الأصل فيها الإباحة كما قيل:
والأصل في الأشياء حل ومنع عبادة إلا بإذن الشارع
2231 وسئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: ما حكم التهنئة بالعيد؟ وهل لها صيغة ميعنة؟
فأجاب فضيلته بقوله: التهنئة بالعيد جائزة، وليس لها تهنئة مخصوصة، بل ما اعتاده الناس فهو جائز ما لم يكن إثماً.
وقال أيضا :"...ومما يفعل في هذا العيد تهنئة الناس بعضهم بعضاً، بالتخلص برمضان من الذنوب، وفرق بين قولنا: التخلص من رمضان، والتخلص برمضان من الذنوب، فرق بين أن نقول: استرحنا بالصلاة، واسترحنا من الصلاة. والمحمود استرحنا بالصلاة، والمذموم استرحنا منها.
وفي التخلص من رمضان كلمة مذمومة."
وقال حرب :[ سئل أحمد عن قول الناس في العيدين : تقبل الله منا ومنكم قال : لا بأس به يرويه أهل الشام عن أبي أمامة قيل وواثلة بن الأسقع ؟ قال : نعم ، قيل فلا تكره أن يقال هذا يوم العيد : قال : لا ] المغني 2/295-296
قال العلامة الألباني-رحمه الله- في تمام المنة - :
"... وفي استحباب التهنئة بالعيد قوله : " عن جبير بن نفير قال : كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا التقوا يوم العيد يقول بعضهم لبعض : تقبل الله منا ومنك
قال الحافظ : إسناده حسن "
قلت : المراد ب ( الحافظ ) عند الإطلاق ابن حجر العسقلاني ولم أقف على هذا التحسين في شئ من كتبه وإنما وجدته للحافظ السيوطي في رسالته : " وصول الأماني في أصول التهاني " ( ص 109 ) من الجزء الأول من " الحاوي
للفتاوي " وقد عزاه لزاهر بن طاهر في " كتاب تحفة عيد الفطر " وأبي أحمد الفرضي
ورواه المحاملي في " كتاب صلاة العيدين " ( 2 / 129 / 2 ) بإسناد رجاله كلهم ثقات رجال " التهذيب " غير شيخه المهنى بن يحيى وهو ثقة نبيل كما قال الدارقطني وهو مترجم في " تاريخ بغداد " ( 13 / 266 - 268 ) فالإسناد صحيح لكن خالفه حاجب بن الوليد في إسناده فلم يرفعه إلى أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقال : حدثنا مبشر بن إسماعيل الحلبي عن صفوان بن عمرو السكسكي قال : " سمعت عبد الله بن بسرو عبد الرحمن بن عائذ وجبير بن نفير وخالد بن معدان يقال لهم في أيام الأعياد : تقبل الله منا ومنكم
ويقولون ذلك لغيرهم "
أخرجه أبو القاسم الأصبهاني في كتابه " الترغيب والترهيب " ( ق 41 / 2 - 42 / 1 )
فإن صح السند بهذا إلى الحاجب فإن في الطريق إليه من يحتاج إلى الكشف عن حاله فلعل مبشر بن إسماعيل حدث بهذا وهذا وبخاصة أن عبد الله بن بسر هذا - وهو المازني - صحابي صغير ولأبيه صحبة فيبعد أن يقول هو والتابعون المذكورون معه شيئا دون أن يتلقوه عن الصحابة فتكون الروايتان صحيحتين فالصحابة فعلوا ذلك فاتبعهم عليه التابعون المذكورون
والله سبحانه وتعالى أعلم
ويؤيد الرواية الأولى ما ذكره ابن التركماني في " الجوهر النقي " ( 3 / 320 ) من رواية محمد بن زياد قال : كنت مع أبي أمامة الباهلي وغيره من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فكانوا إذا رجعوا يقول بعضهم لبعض : تقبل الله منا ومنك
قال أحمد بن حنبل : إسناده جيد
ولم يذكر من رواه وقد عزاه السيوطي لزاهر أيضا بسند حسن عن محمد بن زياد الألهاني قال : رأيت أبا أمامة الباهلي يقول في العيد لأصحابه : تقبل الله منا ومنكم