عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 10-04-2009, 08:05 AM
 
أداء جيد بين اللام وعلى

بسم الله الرحمن الرحيم

- ألفـت قراءة بعض الآيات ودراستها صباح كل يوم في كتاب الفصاحة والإعجاز، واني لا أزعم لنفسي التوقف عند كل آية لأطلع على أسرارها ومكنوناتها؛ ولكن شيئا ما يجعلني أقهر السرعة، فأعيد تلاوة بعض الآيات، وأنظر إلى تلك الآراء التي وضعها المفكر والمفسر اللغوي القرطبي أو السيوطي أو السعدي، أو غير هؤلاء جميعا، ثم أبحث في سلامة أقوالهم وفحوى ما قصدوا إليه، وهدف قول الله في هذا الموضع، غير مقدس لشيء إلا لقول الله جل وعلا.
الشيخ السعدي من المعاصرين الذين تناولوا هذين الحرفين (اللام وعلى) في آية واحدة، تلك الآية التي فرضت على المؤمنين الحج، ونرى الملبين حتى الآن يقولون عبارة علمهم اياها رسول الله ''لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والمللك لا شريك لك''، وسوف يقولون ذلك إلى ما شاء الله لهم أن يقولوا.
قال الشيخ السعدي: ''قال سبحانه وتعالى (على الناس) لأنه وجوب، والوجوب يقتضي (على) واما استعمال حرف الجر (اللام) مع قوله تعالى (لله) فالسبب إعطاء المعنى القوة فهي تعني: هذا حق واجب لله، لأن (اللام) هنا تفيد أنه جل وعلا هو الذي أوجب الشيء أي أمر بالحج، فتقديم الذات الإلهية أحق من الذي سيقوم بالعمل وأحق من العمل ذاته؛ لقد ظهر الترتيب في ثلاثة أمور: الأمر بالحج، والناس الذين يؤدون الواجب، فاستعمل (اللام)، لتخصيص الأمر بالله تعالى، واستعمل (على) ليفيد أن أمر الله عال ووقع على الناس استعلاء لأن هذا العلو يتناسب مع علوه سبحانه على خلقه، والأمر الثالث هو الحق الذي ينفذ الآن، وهو حق متعلق بالناس جميعا.
وهذا الترتيب المنطقي القوي السليم أي تقديم اسم الله يفيد تعظيم حرمة هذا الواجب وتخويفا من التقاعس عنه، إذ ليس ما يوجبه الله بمثابة ما يوجبه غيره، كلمة (من) هي بدل من كلمة (الناس)، ولو قلنا في علم النحو والإعراب ربما تكون كلمة (من) فاعلا لو قلنا ذلك لأعطينا معنى يخالف قدسية الحج، لأن المعنى يصبح هكذا. يحج البيت من استطاع، وبذلك يفهم من أراد أن يلوي النصوص عن مواقعها ان الحج فرض كفاية، الإعراب الخاطئ يؤدي إلى الفهم الخاطئ، واللغة والآيات والنحو والآيات معا تؤدي المعاني القرآنية أداء لا يدرك تماما إلا بهذه اللغة الشريفة.د. كامل جميل ولويل
رد مع اقتباس