عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 11-04-2009, 08:54 PM
 
الرسالة الرابعة : اللطف الباطني

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
أما بعد .. أحبتي في ربي ...

أسأل الله تعالى أن يرزقنا حبه وحب من يحبه ويرزقنا عملا صالحا يقربنا إلى حبه اللهم الطف بنا في تيسير كل عسير فإنّ تيسير كل عسير عليك يسير الهم الطف بنا وارحمنا واعف عنّا واجعلنا من أحب عبادك لك بمنك وفضلك يا أكرم من سئل .




كما تواعدنا على مذاكرة هذا المعنى النفيس في لطف الرحمن الرحيم لنغرس اليقين باسمه اللطيف فنزداد له حبا ونزداد له قربا ونتعبده بهذا الاسم واقعيا بصورة جديدة .

قد لا تتفهموا خطورة ما يقوله ابن القيم من أول وهلة ولكن والله كل من جرب وعرف الطريق إلى الله تعالى وعانى فيه سيدرك الخطر فالقصة قصة قلب ولطف من الله لتلك البواطن لو تفهمون ؟؟؟؟



قال ابن القيم في " الفوائد " : " العبد دائما متقلب بين أحكام الأوامر وأحكام النوازل فهو محتاج بل مضطر إلى العون عند الأوامر وإلى اللطف عند النوازل وعلى قدر قيامه بالأوامر يحصل له من اللطف عند النوازل فإن كمل القيام بالأوامر ظاهرا وباطنا ناله اللطف ظاهرا وباطنا وإن قام بصورها دون حقائقها وبواطنها ناله اللطف في الظاهر وقلّ نصيبه من اللطف في الباطن " أه


فهذا معنى " تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة " تعرف له بطاعتك له في الظاهر يلطف بك فيما خفي عليك من أمور تعرف له ليس بالصلاة والصيام والذكر الذي هو من أعمال الظاهر فقط بل تعرف له بخشوعك ومراقبتك له بتحسس قلبك ولكننا للأسف لما أهملنا قلوبنا واهتممنا بظاهر الأعمال غاب عنّا اللطف الباطني ومن هنا نشتكي من قسوة القلب والفتور والانتكاس وقلة الاستقامة ودوام زيغ القلب فإذا سألت ما العلاج قيل لك : أن يلطف بك اللطف الباطني .


قال ابن القيم : " فإن قلت : وما اللطف الباطن ؟

فهو ما يحصل للقلب عند النوازل من السكينة والطمأنينة وزوال القلق والاضطراب والجزع فيستخذى بين يدي سيده ذليلا له مستكينا ناظرا إليه بقلبه ساكنا إليه بروحه وسره قد شغله مشاهدة لطفه به عن شدة ما هو فيه من الألم وقد غيبه عن شهود ذلك معرفته بحسن اختياره له وأنه عبد محض يجري عليه سيده أحكامه رضى أو سخط فإن رضى نال الرضا وإن سخط فحظه السخط فهذا اللطف الباطن ثمرة تلك المعاملة الباطنة يزيد بزيادتها وينقص بنقصانها "


يعني أن من يكون الحال مع الله تعالى ويعامل ربه بقلبه ويكون له صلة بالله تعالى صلة خفية تحصل له تلك الألطاف الإلهية فيرزقك سكون القلب واستقامته ويدفع عنك القساوة وتراك في حال غير الحال ومن هنا تعرف أن الأنبياء لم يكونوا يشعرون بشدة الابتلاء لسلامة بواطنهم وإن نالهم في الظاهر الأذى هل تفهمون ؟؟




هذه عدة إيمانية واجبة كيف نستنزل اللطف الباطني :
أولا : تحسس قلبك وراقب ما فيه وليكن أعظم ما تهتم به .
ثانيا : لا تفتر عن الدعاء ب ( "يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك

ثالثا : تدبر القرآن من باب تنزيله على القلب واستشعار المعاني دون الاهتمام البالغ بالألفاظ لمجرد التلاوة وأخذ الأجر ( نزل به الروح الأمين على قلبك

فواجب عملي الآن : تدبر سورة الفجر لأنها السورة التي نزل فيها فضل أيام عشر ذي الحجة صلوا بها يوميا قيام الليل من الآن فصاعدا عسى أن ينور الله قلوبنا بمعانيها وأسرارها فينزل اللطف من اللطيف الخبير .

رابعا : تعلموا المناجاة كيف تكون ؟ لأنها من موجبات المعاملة الباطنة مناجاة في خفاء تستنزل اللطف الخفي .
استمعوا إلى حلقة ودرس : ( وقربناه نجيا ) لتعلم كيفية ذلك .





خامسا :تذكروا من أعظم أسباب اللطف الذل والانكسار فتضاعف ما استطعت فإنّ اللطف مع الضعف أكثر .




تنبيه :
تطالبونني بالأعمال وقد عودتكم على ذلك ولكن بالله كم منكم يستجيب في الحال ويطبق الواجب ولا يتكاسل ولا يتقاعس ومن منكم يبالي ولا تأخذه مشاغله ؟ ومن منكم لا يصده الكبر عن الإذعان لما يؤمر به ؟ اللهم الطف بنا
طهروا القلوب من معاصيها لتستقيم لكم أعمالكم .
محبكم في ربكم
هاني حلمي
رد مع اقتباس