عندما قررت الرحيل في تلك الليلة كان ضوء القمر خافتاً
وكانت الرياح تعزف ألحان حزن قاتلة
كانت الأشجار تنعي غياب الصيف وتنوح على عواطفها
كنت أبكي لوداعك وعند عتبة الباب وقفت وحيدة وبينما
كنت تمضي سألتك :هل ستعود لي
أجبت قائلاً:لابد للمسافر من العودة إلى وطنه
ولابد لي من الرجوع إليك
لكن الشمس لاتشرق كل يوم فإذا كثرت
أيام الغياب لابد لك من الاحتماء بضوء القمر
تنهدت قليلاً,وفي تلك اللحظة لم أحاول سماع كلماته بوضوح
فقد كنت مشغولة بتوديعه على طريقتي
كانت عيوني تمر على أجزاء جسده ببطء يختصر سنوات
عشقي له
وكانت دموعي تنهمر لعلها تطفأ لوعتي بفقدان ابني البكر
نعم هو ابني وصديقي ورجلي وأبي وأيام فرحي وحزني
هكذا مر الوداع كلمحة بصر لم تتركه ليقول لي
أحببتك وسأحبك.
لكنه اكتفى ببضع كلمات كانت قد فاضت من فمه دون قلبه
فرماها أمامي دون تكلف ومضى.
مرت أيام الورق الأصفر وبعدها أتت أشهر باردة طالت أيامها
وكم احتجت فيها إليه وعندها دارت على ذاكرتي كلماته ورجعت
للبحث في حروفها وفهمت معنى الاحتماء بضوء القمر إذا طالت
أيام الغياب
هاأنت تطيل الغياب يا حبيبي وتصبح أيامي في غيابك سديمية دائما
إن مرارة الانتظار جعلت القمر كئيبا ولم يعد يعني لي الكثير
وضاعت عني أركان الطبيعة القديمة
فقدت أجمل إحساس قد تشعر به إمرأة وهي بقرب رجل
ضاع مني الصفاء الذهني وتهتكت أمامي جدران العادات والمحرمات
أصبحت في بعدك إمرأة بلا عنوان ولا نهاية
ممزقة العاطفة,لاتبكي ولا تضحك ولا تعرف أسماء الأيام
رسمت لنفسي دستوراً في هجران دولتك يمنع الفرح
وانتسبت بعدك إلى دولة الشك والحرمان.