بالله الصبر على أقدار الله
س: ما مناسبة هذا الباب لكتاب التوحيد؟ جـ: هي أن عدم الصبر على أقدار الله وتسخطها ينافي الوحيد والإيمان. س: عرف الصبر لغة وشرعًا واذكر أقسامه وبين حكمه ومنزلته من الإيمان؟ جـ: الصبر في اللغة: الحبس والمنع، وفي الشرح حبس النفس عن الجزع وحبس اللسان عن التشكي والتسخط وحبس الجوارح عن لطم الخدود وشق الجيوب ونحوهما عند المصيبة، والصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد والصبر ثلاثة أنواع: 1- صبر على ما أمر الله به. 2- وصبر عما نهى الله عنه. 3- وصبر على ما قدره الله من المصائب. وحكمه الوجوب. س: قال تعالى: }وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ{([1]) اشرح هذه الآية واذكر ما يستفاد منها وبين مناسبتها للباب. جـ: أي من أصابته مصيبة فعلم أنها بقدر الله فصبر واحتسب واستسلم لقضاء الله هدى الله قلبه وعوضه عما فاته من الدنيا وعما أصابه هدى في قلبه ويقينًا صادقًا فعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه. #
ويستفاد من هذه الآية: أن الصبر على المصيبة سبب لهداية القلوب وطمأنينتها وأنها من ثواب الصابرين. ومناسبة الآية للباب: أنها بينت ثواب الصبر والتحلي به والحث عليه. في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله r قال: «اثنتان في الناس هما بهم كفر الطعن في النسب والنياحة على الميت». س: ما معنى الطعن في النسب وما هي النياحة وضح درجة الكفر المذكور في الحديث، ثم اشرح الحديث وبين مناسبته للباب؟ جـ: الطعن في النسب عيبة والقدح فيه ومن ذلك أن يقال هذا ليس ابن فلان مع ثبوت نسبه وآل فلان ليس نسبهم جيدًا ونحو ذلك. والنياحة على الميت رفع الصوت بالبكاء وتعداد فضائل الميت. ودرجة الكفر المذكور في الحديث صغرى لأنه والله أعلم من الكفر الذي لا ينقل عن الملة. فقد أخبر الرسول r أن هاتين الخصلتين الطعن في النسب والنياحة على الميت كفر لأنهما من أعمال الكفار في الجاهلية. ومناسبة الحديث للباب: أنه دل على تحريم النياحة لما فيها من التسخط على القدر المنافي للصبر. عن ابن مسعود رضي الله عنه مرفوعًا «ليس منا من ضرب الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية» متفق عليه. س: اشرح هذا الحديث وبين مناسبته لهذا الباب، وما هي دعوى الجاهلية؟ جـ: هذا الحديث من نصوص الوعيد التي كره العلماء تأويلها ليكون أوقع في النفس وأبلغ في الزجر فقد برئ رسول الله r ممن فعل هذه الأشياء وهو يدل على أن عمل هذه الأشياء عند المصيبة من الكبائر. #
وضرب الخدود: لطمها جزعًا على الميت وخص الخد بذلك لكونه الغالب وإلا فضرب بقية البدن مثله، والجيوب: جمع جيب هو ما يدخل فيه الرأس من الثوب، وشقها تمزيقها جزعًا على الميت وهو من عادة أهل الجاهلية. ودعوى الجاهلية هي ندب الميت والدعاء بالويل والثبور وكذلك الدعاء إلى القبائل والعصبية للأنساب ومثله التعصب للمذاهب والطوائف والمشايخ. ومناسبة الحديث للباب: أنه أفاد تحريم هذه الأشياء وأنها تنافي الصبر والإيمان الواجب. عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله r قال: «إذا أراد الله بعبده الخير عجل له العقوبة في الدنيا وإذا أراد بعبده الشر أمسك عنه بذنبه حتى يوافي به يوم القيامة» رواه الترمذي وحسنه والحاكم. س: اشرح هذا الحديث وبين مناسبته للباب وما معنى أمسك عنه، يوافي به؟ جـ: يخبر الرسول r أن علامة إرادة الله بعبده الخير أن يصب عليه البلاء والمصائب فمرة في نفسه وأخرى في أهله وأولاده وتارة في ماله لما حصل منه من الذنوب فيخرج من الدنيا وليس عليه ذنب فيلقى الله وما عليه خطيئة يجازى بها يوم القيامة. وأن علامة إرادة الله بعبده الشر أن لا يجازيه بذنبه في الدنيا حتى يجيء في الآخرة وافر الذنوب فيستوفي ما يستحقه من العقاب. ومعنى أمسك عنه: أخر عقوبته ومعنى يوافي به: يجيء بذنبه يوم القيامة. ومناسبة الحديث للباب: أنه دل على أن المصائب التي يبتلى بها الإنسان مكفرات لذنوبه إذا صبر واحتسب. قال r: «إن عظم الجزاء منع عظم البلاء وإن الله تعالى إذا أحب قومًا #
ابتلاهم فمن رضي فله الرضاء ومن سخط فله السخط» حسنه الترمذي. س: اشرح الحديث وبين مناسبته للباب؟ جـ: أخبر الرسول r أن من كان ابتلاؤه أشد فجزاؤه أعظم وأن علامة حب الله لعباده أن يبتليهم بالمصائب لتكفر عنهم ذنوبهم وسيئاتهم ويزيد في حسناتهم ويعظم لهم الأجر والثواب فمن رضي عن الله بما قدره عليه وقضاه فله الرضاء من الله، ومن سخط أقدار الله سخط الله عليه. والرضاء والسخط من الله صفتان من صفاته يجب الإيمان بهما وإثباتهما لله على ما يليق بجلاله وعظمته كسائر صفاته والرضاء من الإنسان هو أن يسلم أمره لله ويحسن الظن به ويرغب في ثوابه. والسخط هو الكراهية للشيء وعدم الرضا به. ومناسبة الحديث للباب: أن فيه وعيد لمن سخط أقدار الله ولم يصبر على البلاء. س: اذكر ما يستفاد من هذا الباب؟ جـ: يستفاد منه: 1- وجوب الصبر وأنه من الإيمان. 2- فضل الصابرين وكثرة ثوابهم. 3- تحريم الطعن في النسب والنياحة على الميت. 4- شدة الوعيد على من ضرب الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية عند المصيبة. 5- تحريم السخط وثواب الرضا بالبلاء. ***#
([1]) سورة التغابن آية (11).