هل يمكن للفرد الواحد أن يكون له قلبان ؟
جاء في بعض كتب التفسير أن النص الكريم الذي نحن بصدده نزل في رجل من قريش يدعى (جميل بن معمر الفهري) كان يدعى أن له قلبين في جوفه وكان من شدة دهائه يدعى ذا القلبين , وقيل أنها نزلت للرد على بعض المنافقين الذين ادعوا على رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالباطل أن له قلبين .
والعلوم الطبية تثبت أن مع المركزية العظمى للقلب في جسم الإنسان يستحيل أن يوجد لفرد واحد قلبان في جوفه , وقد ذكر الأخ الكريم الدكتور يحيى إبراهيم محمد (مساعد مدير مستشفى الدكتور سليمان فقيه بجدة) أن المراجع الطبية لم تسجل حالة واحدة لإنسان ذي قلبين , مع وجود العديد من حالات التشوه الخلقي , وذلك لاستحالة تكون قلبين لجنين واحد حتى في حالات التوائم الملتصقة المعروفة باسم التوائم السيامية , فقد يكون لكل واحد منهما قلبه , وقد يشتركان في قلب واحد .
وهذا السبق القرآني بتأكيد هذه الحقيقة العلمية يعتبر ومضة من ومضات الإعجاز العلمي في كتاب الله وذلك بقول ربنا ـ تبارك وتعالى ـ : "مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ " (الأحزاب:4) وتزداد هذه الومضة القرآنية المعجزة وضاءةً باستخدام هذا النص الكريم للفظة (رجل) دون سواها للإشارة إلى الإنسان , وذلك تحاشيا لإشراك المرأة في هذا المثل والتي قد تكون حاملا وتحمل في جوفها بالإضافة إلى قلبها قلب جنين أو قلوب أكثر من جنين واحد , خاصة وأن علم الأجنة يثبت أن قلوب الأجنة تبدأ في التخلق بصورة أولية مع بداية الأسبوع الثالث من أعمارها , وتبدأ في الانقباض والانبساط قبل وصولها إلى نهاية الأسبوع السادس .
والنص الكريم الذي نحن بصدده جاء في مقام التشبيه وضرب المثل , ولكن كعادة القرآن الكريم التزام الحق في كل شيء , تأتي الأمثال كما تأتي آيات القرآن كلها دقيقة دقة علمية فائقة حتى يبقي هذا الكتاب الخالد , مهيمنا على المعرفة الإنسانية مهما اتسعت دوائرها , وتبقى هذه الحقائق العلمية التي أنزلت من قبل أربعة عشر قرناً شاهدة لكل ذي بصيرة على أن القرآن الكريم هو كلام الله الخالق الذي أنزله بعلمه على خاتم أنبيائه ورسله , وحفظه بعهده الذي قطعه على ذاته العلية ـ ولم يقطعه لرسالة سابقة أبدا ـ وحفظه في نفس لغة وحيه(اللغة العربية) , وحفظه حفظاً كاملاً على مدى الأربعة عشر قرناً الماضية وتعهد ـ تبارك وتعالى ـ بذلك الحفظ إلى قيام الساعة حتى يبقى القرآن الكريم حجة على الناس كافة .
فالحمد لله على نعمة الإسلام , والحمد لله على نعمة القرآن , والحمد لله على بعثة خاتم الأنبياء والمرسلين , وسيد الأولين والآخرين , سيدنا محمد النبي الأمين الذي بلّغ الرسالة , وأدّى الأمانة ونصح الأمة , وجاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين فأسأل الله ـ تعالى ـ أن يجزيه خير ما جازى به نبيا عن أمته , ورسولا على حسن أداء رسالته , وأن يؤتيه الوسيلة والفضيلة والدرجة العالية الرفيعة في الجنة إن ربي لا يخلف الميعاد , وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
بقلم الدكتور / زغلول النجار