الموضوع: عيد المولد
عرض مشاركة واحدة
  #15  
قديم 12-05-2006, 04:40 PM
 
رد: عيد المولد

أول شيء أنا أقصد هؤلاء الصوفية أرجو الإستماع
http://www.megaupload.com/?d=8ZXEPKJW
من هم الصوفية

تَصحيح الأفكار عنالتصوف


بين الحقيقةوالشريعة


تمهيدوتعريف:


لقد ورد في حديث جبريل المشهور الذي يرويه عمر بنالخطاب رضي الله عنه تقسيمُ الدين إِلى ثلاثة أركان، بدليل قول الرسول صلى اللهعليه وسلم لعمر: "فإِنه جبريل أتاكم يعلمُكُمْ دينَكمْ" [أخرجه مسلم في صحيحه فيكتاب الإِيمان. والإِمام أحمد في مسنده في باب الإِيمان والإِسلام والإِحسان ج1. 4].

1
ـ فركن الإِسلام: هو الجانب العملي ؛ من عبادات ومعاملات وأُمورتعبدية، ومحله الأعضاء الظاهرة الجسمانية. وقد اصطلح العلماء على تسميته بالشريعة،واختص بدراسته السادة الفقهاء.

2
ـ وركن الإِيمان: وهو الجانب الاعتقاديالقلبي ؛ من إِيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقضاء والقدر.. وقد اختص بدراسته السادة علماء التوحيد.

3
ـ وركن الإِحسان: وهو الجانبالروحي القلبي ؛ وهو أن تعبد الله كأنك تراه، فإِن لم تكن تراه فإِنه يراك، وماينتج عن ذلك من أحوال وأذواق وجدانية، ومقامات عرفانية، وعلوم وهبية، وقد اصطلحالعلماء على تسميته بالحقيقة، واختص ببحثه السادة الصوفية.
ولتوضيح الصلة بينالشريعة والحقيقة نضرب لذلك مثلاً الصلاة، فالإِتيان بحركاتها وأعمالها الظاهرة،والتزام أركانها وشروطها، وغير ذلك مما ذكره علماء الفقه، يمثل جانب الشريعة، وهوجسد الصلاة. وحضور القلب مع الله تعالى في الصلاة يمثل جانب الحقيقة، وهو روحالصلاة.

فأعمال الصلاة البدنية هي جسدها، والخشوع روحها. وما فائدة الجسدبلا روح ؟! وكما أن الروح تحتاج إِلى جسد تقوم فيه، فكذلك الجسد يحتاج إِلى روحيقوم بها، ولهذا قال الله تعالى: {أقيمُوا الصلاةَ وآتوا الزكاةَ} [البقرة: 110]. ولا تكون الإِقامة إِلا بجسد وروح، ولذا لم يقل: أوجدوا الصلاة.

ومن هذاندرك التلازم الوثيق بين الشريعة والحقيقة كتلازم الروح والجسد. والمؤمن الكامل هوالذي يجمع بين الشريعة والحقيقة، وهذا هو توجيه الصوفية للناس، مقتفين بذلك أثرالرسول عليه الصلاة والسلام وأصحابه الكرام.

وللوصول إِلى هذا المقامالرفيع، والإِيمان الكامل، لابد من سلوك الطريقة، وهي مجاهدة النفس، وتصعيد صفاتهاالناقصة إِلى صفات كاملة، والترقي في مقامات الكمال بصحبة المرشدين، فهي الجسرالموصل من الشريعة إِلى الحقيقة.

قال السيد رحمه الله تعالى في تعريفاته: (الطريقة هي السيرة المختصة بالسالكين إِلى الله تعالى،من قطع المنازل والترقي في المقامات) [تعريفات السيد 4].

فالشريعة هي الأساس، والطريقة هي الوسيلة،والحقيقة هي الثمرة وهذه الأشياء الثلاثة متكاملة منسجمة،فَمَنْ تمسَّكبالأولى منها سلك الثانية فوصل إِلى الثالثة، وليس بينها تعارض ولا تناقض. ولذلكيقول الصوفية في قواعدهم المشهورة: (كل حقيقة خالفت الشريعة فهي زندقة). وكيف تخالفالحقيقةُ الشريعةَ وهي إِنما نتجت من تطبيقها.

يقول إِمام الصوفية أحمدزروق رحمه الله تعالى: (لا تصوف إِلا بفقه، إِذ لا تعرفأحكام الله الظاهرة إِلا منه. ولا فقه إِلا بتصوف، إِذ لا عمل إِلا بصدق وتوجه للهتعالى. ولا هما [التصوف والفقه] إِلا بإِيمان، إِذ لا يصح واحد منهما دونه. فلزمالجميع لتلازمها في الحكم، كتلازم الأجسام للأرواح، ولا وجود لها إِلا فيها، كما لاحياة لها إِلا بها، فافهم) ["قواعد التصوف" للشيخ أحمد زروق قاعدة 3. ].

ويقول الإِمام مالك رحمه الله تعالى: (مَنْ تصوفولم يتفقه فقد تزندق، ومن تفقه ولم يتصوف فقد تفسق، ومن جمع بينهما فقدتحقق) ["شرح عين العلم وزين الحلم" للإِمام مُلا علي القاري ج1. 3].

تزندق الأول لأنه نظر إِلى الحقيقة مجردة عن الشريعة، فقال بالجبر وأنالإِنسان لا خيار له في أمر من الأمور، فهو يتمثل قول القائل:

ألقاهُ فياليمِّ مكتوفاً وقال له إِياك إِياك أنْ تبتلَّ بالماءِ فعطَّل بذلك أحكام الشريعةوالعمل بها، وأبطل حكمتها والنظر إِليها. وتفسَّق الثاني لأنه لم يدخل قلبه نورُالتقوى، وسرُ الإِخلاص وواعظ المراقبة، وطريقة المحاسبة، حتى يحجب عن المعصية،ويتمسك بأهداب السنة. وتحقق الثالث لأنه جمع كل أركان الدين: الإِيمان، والإِسلام،والإِحسان، التي اجتمعت في حديث جبريل عليه السلام.

وكما حفظ علماء الظاهرحدود الشريعة، كذلك حفظ علماء التصوف آدابها وروحها، وكما أبيح لعلماء الظاهرالاجتهاد في استنباط الأدلة واستخراج الحدود والفروع، والحكم بالتحليل والتحريم علىما لم يَرِدْ فيه نص، فكذلك للعارفين أن يستنبطوا آداباً ومناهج لتربية المريدينوتهذيب السالكين.

ولقد تحقق السلف الصالح والصوفية الصادقون بالعبوديةالحقة والإِسلام الصحيح، إِذ جمعوا بين الشريعة والطريقة والحقيقة، فكانوامتشرِّعين متحققين، يهدون الناس إِلى الصراط المستقيم.

فالدين إِن خلا منحقيقته جفَّت أصولُه، وذوت أغصانه، وفسدت ثمرته." اهـ.

أما هؤلاء المعترضون على السادة الصوفية:

ـ إِنكانوا ينكرون هذا التقسيم إِلى [شريعة، وطريقة، وحقيقة] على النحو الذي بيَّناهآنفاً،فهم لاشك يريدون بذلك أن يفصلوا روحالإِسلام عن جسده، وأن يهدموا ركناً هاماً من أركان الدين الثلاثة الموضحة في حديثجبريل عليه السلام، ويخالفوا علماء الإِسلام وكبار فقهائه.

يقول ابن عابدين رحمه الله تعالى في حاشيته المشهورة (بِرَدِّالمحتار): (الطريقة: هي السيرة المختصة بالسالكين من قطع المنازل، والترقيفي المقامات). ويقول في الصفحة التي تليها: (فالحقيقة: هي مشاهدة الربوبية بالقلب،ويقال: هي سر معنوي لا حدَّ له ولا جهة. وهي والطريقة والشريعة متلازمة، لأن الطريقإِلى الله تعالى لها ظاهر وباطن، فظاهرها الشريعة والطريقة، وباطنها الحقيقة. فبطونالحقيقة في الشريعة والطريقة، كبطون الزبْد في لبنه، لا يُظفر من اللبن بزبده بدونمخضّه، والمراد من الثلاثة [الشريعة، والطريقة، والحقيقة] إِقامة العبودية علىالوجه المراد من العبد) [حاشية ابن عابدين ج3. 03].

ويقول الشيخ عبد الله اليافعي رحمه الله تعالى: (إِنالحقيقة هي مشاهدة أسرار الربوبية. ولها طريقة هي عزائم الشريعة، فمن سلك الطريقةوصل إِلى الحقيقة. فالحقيقة نهاية عزائم الشريعة. ونهاية الشيء غير مخالفة له،فالحقيقة غير مخالفة لعزائم الشريعة) [نشر المحاسن الغالية ج1. 54].

وقال صاحب كشف الظنون في حديثه عن علمالتصوف: (ويقال: علم التصوف علم الحقيقة أيضاً، وهو علم الطريقة، أي تزكيةالنفس عن الأخلاق الردية، وتصفية القلب عن الأغراض الدَّنية. وعلم الشريعة بلا علمالحقيقة عاطل، وعلم الحقيقة بلا علم الشريعة باطل. علم الشريعة وما يتعلق بإِصلاحالظاهر بمنزلة العلم بلوازم الحج. وعلم الطريقة وما يتعلق بإِصلاح الباطن بمنزلةالعلم بالمنازل، وعقبات الطريق. فكما أن مجرد علم اللوازم، ومجرد علم المنازل لايكفيان في الحج الصوري بدون إِعداد اللوازم وسلوك المنازل، كذلك مجرد العلم بأحكامالشريعة وآداب الطريقة لا يكفيان في الحج المعنوي، بدون العمل بموجبيهما) [كشفالظنون عن أسامي الكتب والفنون، لحاجي خليفة ج1. 13].

ـ وإِن كان المعترضون يقرّون فكرة التقسيم السالفة الذكر،ولكنهم ينكرون هذه التسمية: [الشريعة، والطريقة، والحقيقة].

نقول لهم: هذا تعبير درج عليه العلماء، وجرى عليه الفقهاء كمابيَّنا وهو اصطلاح، ولا مشاحة في الاصطلاحات.

ـ وإِن كانوا يقرون التقسيم والتسمية، ولكنهم ينكرون علىالصوفية أحوالهم القلبية، وأذواقهم الوجدانية، وعلومهم الوهبية.

نقول لهم: إِن هذه أمور يكرم الله تعالى بهاعباده المخلصين، وأحبابه الصادقين، ولا حجر على القدرة الإِلهية. " اهـ.

إِنما هي أذواق ومفاهيم، وكشوفات وفتوحات، منحهم الله إِياها، فقد ثبت عن رسول اللهصلى الله عليه وسلم أنه قال: "العلم علمان: علم فيالقلب، وفي رواية: علم ثابت في القلب، فذلك العلم النافع. وعلم على اللسان، فذلكحجة الله على خلقه" [رواه الحافظ أبو بكر الخطيب في تاريخه بإِسناد حسن،ورواه ابن عبد البر النمري في كتاب العلم عن الحسن مرسلاً بإِسناد صحيح كما فيالترغيب والترهيب ج1. 7].

ويدل على ذلك حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه،فقد أخرج أبو نعيم في الحلية عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن معاذ بن جبل دخل علىرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "كيف أصبحتَ يامعاذ ؟".قال: أصبحتُ مؤمناً بالله تعالى. قال: "إِن لكل قول مصداقاً، ولكل حقحقيقة، فما مصداق ما تقول ؟". قال: يا نبي الله! ما أصبحت صباحاً قط إِلا ظننت أنيلا أمسي، وما أمسيت مساء قط إِلا ظننت أني لا أصبح، ولا خطوت خطوة إِلا ظننت أني لاأتبعها أخرى، وكأني أنظر إِلى كل أمة جاثية تدعى إِلى كتابها، معها نبيها وأوثانهاالتي كانت تعبد من دون الله وكأني أنظر إِلى عقوبة أهل النار، وثواب أهل الجنة. قال: "عرفت فالزم" [أخرجه أبو نعيم في الحلية ج1. 42].

فلم يصل الصالحون إِلى هذه الكشوفات والمعارفإِلا بتمسكهم بالكتاب والسنة، واقتفائهم أثر الرسول الأعظم وأصحابه الكرام،ومجاهدتهم لأنفسهم، من صيام وقيام، وزهدهم في هذه الدنيا الفانية، كما أكرم اللهمعاذاً رضي الله عنه بهذا الكشف الذي أقره عليه رسول الله صلى الله عليه وسلمبقوله: "عرفتَ فالزم".

وهذا الإِمام الشعراني رحمه الله تعالى يتحدثعن إِكرام الله تعالى للصوفية الذين ساروا على نهج رسول الله صلى الله عليه وسلموأصحابه من أمثال معاذ رضي الله عنه فيقول:

(
اعلم يا أخي أن علم التصوف عبارة عن علم انقدح في قلوبالأولياء حين استنارت بالعمل بالكتاب والسنة، فكل من عمل بهما انقدح له من ذلك علوموآداب وأسرار وحقائق، تعجز الألسنة عنها، نظير ما انقدح لعلماء الشريعة من أحكام،حين عملوا بما علموه من أحكامها) ["التصوف الإِسلامي والإِمام الشعراني لطهعبد الباقي سرور 0].

وقد كانعلماء السلف الصالح رضي الله عنهم يعملون بكل ما يعلمون على وجه الإِخلاص للهتعالى، فاستنارت قلوبهم، وخلصت من العلل القادحة أعمالهم، فلما ذهبوا وخلف من بعدهمأقوام لا يعتنون بالإِخلاص في علمهم ولا في عملهم أظلمت قلوبهم، وحُجبت عن أحوالالقوم فأنكروها. " اهـ.



"وهناك مغرضون يتحاملون على الصوفية مستشهدين بكلام ابن تيمية وغيره، ويتهمونهمزوراً وبهتاناً، بأنهم يهتمون بالحقيقة فقط، ويهملون جانب الشريعة، وأنهم يعتمدونعلى كشفهم ومفاهيمهم ولو خالفت الشريعة، فهذا كله افتراء باطل، يشهد على بطلانهكلام ابن تيمية نفسه. فقد تحدث ابن تيمية رحمه الله تعالىعن تمسك السادة الصوفية بالكتاب والسنة في قسم علم السلوك من فتاواه فقال:

(
والشيخ عبدالقادر [الجيلاني رحمه الله تعالى] ونحوه من أعظم مشائخ زمانهم أمراً بالتزام الشرعوالأمر والنهي وتقديمه على الذوق والقدر، ومن أعظم المشائخ أمراً بترك الهوىوالإِرادة النفسية، فإِن الخطأ في الإِرادة من حيث هي إِرادة إِنما تقع من هذهالجهة، فهو يأمر السالك أن لا تكون له إِرادة من جهته هو أصلاً ؛ بل يريد ما يريدالربُّ عز وجل ؛ إِما إِرادة شرعية إِن تبين له ذلك، وإِلا جرى مع الإِرادةالقدرية، فهو إِما مع أمر الرب وإِما مع خلقه. وهو سبحانه له الخلق والأمر. وهذهطريقة شرعية صحيحة)[مجموع فتاوى أحمد بن تيمية ج10. 88ـ489].

وقال أيضاً: (فأما المستقيمون من السالكين كجمهور مشائخ السلف مثلالفضيل بن عياض، وإِبراهيم بن أدهم، وأبي سليمان الداراني، ومعروف الكرخي، والسريالسقطي، والجنيد بن محمد، وغيرهم من المتقدمين، ومثل الشيخ عبد القادر [الجيلاني]،والشيخ حماد، والشيخ أبي البيان، وغيرهم من المتأخرين، فهم لا يسوِّغون للسالك ولوطار في الهواء، أو مشى على الماء، أن يخرج عن الأمر والنهي الشرعيين، بل عليه أنيفعل المأمور، ويدع المحظور إِلى أن يموت. وهذا هو الحق الذي دل عليه الكتاب والسنةوإِجماع السلف وهذا كثير في كلامهم) ["مجموع فتاوى أحمد بن تيمية" ج10. 16ـ517].

وهذه نبذة يسيرةمن أقوال أئمة السادة الصوفية وتوجيهاتهم تشهد على: تمسكهم بالكتاب والسنة:


قال الشيخ عبد القادر الجيلاني رحمهالله تعالى: (كل حقيقة لا تشهد لها الشريعة فهيزندقة. طِرْ إِلى الحق عز وجل بجناحي الكتاب والسنة، ادخل عليه ويدك في يد الرسولصلى الله عليه وسلم) ["الفتح الرباني" للشيخ عبد القادري الجيلاني 9].

وقال منكراً على من يعتقد أن التكاليف الشرعية تسقط عن السالك في حال منالأحوال: (ترك العبادات المفروضة زندقة. وارتكابالمحظورات معصية، لا تسقط الفرائض عن أحد في حال من الأحوال) ["الفتحالرباني" للشيخ عبد القادري الجيلاني 9]." اهـ.



"ويقول سهل التستري رحمه الله تعالى: (أصولناسبعة أشياء: التمسك بكتاب الله تعالى، والاقتداء بسنة رسوله صلى الله عليه وسلم،وأكل الحلال، وكفِ الأذى، واجتناب الآثام، والتوبة، وأداء الحقوق) ["طبقات الصوفية" للسلمي 10].

وكان الشيخ أبو الحسن الشاذليرحمه الله تعالى يقول: (إِذا عارض كشفُك الصحيح الكتابَ والسنة فاعملبالكتاب والسنة ودع الكشف، وقل لنفسك: إِن الله تعالى ضمن لي العصمة في الكتابوالسنة، ولم يضمنها لي في جانب الكشف والإِلهام) ["إِيقاظ الهمم" ج2. 02ـ303].

وقال أبو سعيد الخراز رحمه الله تعالى: (كلُّ باطنٍ يخالفه ظاهرٌ فهو باطلٌ) ["الرسالة القشيرية" 7].

وقال أبو الحسين الوراق رحمه الله تعالى: (لا يصلالعبد إِلى الله إِلا بالله، وبموافقة حبيبه صلى الله عليه وسلم في شرائعه، ومَنْجعل الطريق إِلى الوصول في غير الاقتداء يضل من حيث يظن أنه مهتد) ["طبقات الصوفية" للسلمي 00].

وقال الشيخ عبد الوهاب الشعرانيرحمه الله تعالى: (إِن طريق القوم محررة على الكتاب والسنة كتحرير الذهبوالجوهر، فيحتاج سالكها إِلى ميزان شرعي في كل حركة وسكون) ["لطائف المنن والأخلاق" للشعراني ج1. ].

وقال أيضاً: (إِنحقيقة طريق القوم علم وعمل، سداها ولحمتها شريعة، وحقيقة، لا أحدهما فقط) ["لطائفالمنن والأخلاق" للشعراني ج1 5].

وقالالشعراني أيضاً: (فَمَنْ دقَّق النظر عَلِمَ أنه لا يخرج شيء من علوم أهلالله تعالى عن الشريعة. وكيف يخرج والشريعة صلتهم إِلى الله عز وجل في كل لحظة) ["التصوف الإِسلامي والإِمام الشعراني" لطه عبد الباقي سرور 1].

وسئل أبو يزيد البسطامي رحمه الله تعالى عن الصوفيفقال: (هو الذي يأخذ كتاب الله بيمينه وسنة رسوله بشماله، وينظر بإِحدىعينيه إِلى الجنة، وبالأخرى إِلى النار، ويأتزر بالدنيا، ويرتدي بالآخرة، ويلبي منبينهما للمولى: لبيك اللهم لبيك) ["شطحات الصوفية" لعبد الرحمن البدوي 6].

ومن جملة توجيه أبي يزيد رحمه اللهتعالى: (عشرة أشياء فريضة على البدن: أداء الفرائض، واجتناب المحارم،والتواضع لله، وكف الأذى عن الإِخوان، والنصيحة للبَرِّ والفاجر، وطلب مرضاة اللهفي جميع أموره، وطلب المغفرة، وترك الغضب، والكبرُ والبغيُ والمجادلةُ من ظهورالجفا، وأن يكون وصي نفسه يتهيأُ للموت) ["شطحات الصوفية" 03].

ومع كل هذا نجد الحاقدين على التصوف إِذا سمعوابشيء من أخلاق القوم قالوا: [هذا منزع صوفي، لا شرعي] فيتوهم السامع أن التصوف أمرخارج عن أصل الشريعة، والحال أنه لب الشريعة كما رأيت. وإِنَّ مَنْ يطالع كتب القومالسليمة من الدس ؛ مثل: كتاب الحلية لأبي نعيم، والرسالة القشيرية، وكتاب التعرفلمذهب أهل التصوف للكلاباذي، واللمع للطوسي، والإِحياء للغزالي، وطبقات الصوفيةللسلمي، والرعاية لحقوق الله للمحاسبي، والوصايا للشيخ محي الدين بن عربي، وغير ذلكمن كتب الصوفية، لا يكاد يجد خُلُقاً مما فيها يخالف الشريعة أبداً، لكثرة محاسبةالصوفية لأنفسهم وأخذهم بالعزائم، فإِن حقيقة طريق القوم علم وعمل، سداها ولحمتهاشريعة وحقيقة." اهـ.



التحذير من الفصل بين الحقيقةوالشريعة:



"
هناك أُناس ادَّعَوْا التصوف كذباًونفاقاً، انحرفوا عن الإِسلام، وقالوا: إِن المقصود من الدين هو الحقيقة فقط،وعطلوا أحكام الشريعة، فأسقطوا عن أنفسهم التكاليف، وأباحوا المخالفات، وقالوا: إِنالمُعَوَّل عليه صلاح القلب، ويقولون: [نحن أهل الباطن، وهم أهل الظاهر]. فهؤلاءضالون منحرفون زنادقة، لا يجوز أن نأخذ أعمالهم وأحوالهم حجة على السادة الصوفيةالصادقين المخلصين.

وإِن السادةأئمة الصوفية قد نبهوا إِلى خطرهم، وحذروا من صحبتهم ومجالستهم، وتبرؤوا من سيرهموانحرافهم.

قال أبو يزيد البسطامي رحمهالله تعالى لبعض أصحابه: (قم بنا حتى ننظر إِلى هذا الرجل الذي قد شهر نفسهبالولاية، وكان رجلاً مقصوداً مشهوراً بالزهد، فمضينا إِليه، فلما خرج من بيته ودخلالمسجد رمى ببصاقه تجاه القبلة، فانصرف أبو يزيد ولم يسلّم عليه، وقال: هذا غيرمأمون على أدب من آداب رسول الله صلى الله عليه وسلم فكيف يكون مأموناً على مايدعيه) ["الرسالة القشيرية" 6]. وقال أيضاً: (لو نظرتم إِلى رجل أعطي من الكراماتحتى يرتقي في الهواء فلا تغتروا به حتى تنظروا كيف تجدونه عند الأمر والنهي وحفظالحدود وأداء الشريعة) ["الرسالة القشيرية" 6].

وقال الشيخ أحمد زروق رحمه الله تعالى في قواعده: (وكلشيخ لم يظهر بالسنة فلا يصح اتباعه لعدم تحقق حاله، وإِن صح في نفسه وظهر عليه ألفألف كرامة من أمره) ["قواعد التصوف" للشيخ أحمد رزوق 6].

وقال سهل بن عبد الله التستري رحمه الله تعالى: (احذرصحبة ثلاث من أصناف الناس: الجبابرة الغافلين، والقُرَّاء المداهنين، والمتصوفةالجاهلين) ["شرح الحكم" لابن عجيبة ج1. 6].

وقال السيد أحمد الرفاعي رحمه الله تعالى: (لا تقولواكما يقول بعض المتصوفة: [نحن أهل الباطن، وهم أهل الظاهر]. هذا الدين الجامع باطنهلب ظاهره، وظاهره ظرف باطنه، لولا الظاهر لما بطن، لولا الظاهر لما كان الباطن ولماصح. القلب لا يقوم بلا جسد، بل لولا الجسد لفسد، والقلب نور الجسد. هذا العلم الذيسماه بعضهم بعلم الباطن، هو إِصلاح القلب، فالأول عمل بالأركان وتصديق بالجَنان. إِذا انفرد قلبك بحسن نيته وطهارة طويته، وقتلْتَ وسرقْتَ وزنيتَ، وأكلتَ الربا،وشربتَ الخمر، وكذبت وتكبرت وأغلظت القول، فما الفائدة من نيتك وطهارة قلبك ؟ وإِذاعبدت الله وتعففت، وصمت وتصدقت وتواضعت، وأبطن قلبُكَ الرياء والفساد، فما الفائدةمن عملك ؟) ["البرهان المؤيد" للسيد أحمد الرفاعي رحمه الله تعالى. توفي سنة 578هـبأم عبيدة بالعراق 8].

وينكر الشيخ عبد القادرالجيلاني رحمه الله تعالىعلى من يعتقد أن التكاليف الشرعية تسقط عن السالكفي حال من الأحوال، كما مَرَّ بك قوله: (ترك العبادات المفروضة زندقة، وارتكابالمحظورات معصية. لا تسقط الفرائض عن أحد في حال من الأحوال) ["الفتح الرباني" للشيخ عبد القادر الجيلاني 9].

وقال شيخالصوفية الإِمام الجنيد رحمه الله تعالى: (مذهبنا هذا مقيد بأصول الكتابوالسنة) ["طبقات الصوفية" للسلمي 59].

وقالأيضاً: (الطرق كلها مسدودة على الخلق إِلا على من اقتفى أثر الرسول عليهالصلاة والسلام، واتبع سنته ولزم طريقته، فإِنَّ طرق الخيرات كلها مفتوحة عليه) ["طبقات الصوفية" للسلمي 59].

وذكر رجل عندهالمعرفة فقال:أهل المعرفة بالله يصلون إِلى ترك الحركات [الأعمال] من بابالبر والتقرب إِلى الله عز وجل. فقال الجنيد رحمه الله تعالى: (إِن هذا قول قومتكلموا بإِسقاط الأعمال [الصالحة التكليفية] وهو عندي عظيمة، والذي يسرق ويزني أحسنحالاً من الذي يقول هذا، فإِن العارفين بالله تعالى أخذوا الأعمال عن الله تعالى،وإِليه رجعوا فيها، ولو بقيتُ ألف عام لم أنقص من أعمال البر ذرة إِلا أن يحال بيدونها) ["الرسالة القشيرية" 2]. وقال أيضاً: (ما أخذنا التصوف عن القيل والقاللكن عن الجوع [الصوم] وترك الدنيا وقطع المألوفات والمستحسنات) ["الرسالة القشيرية" 2].

وقال إِبراهيم بن محمد النصر أباذي رحمهالله تعالى: (أصل التصوف ملازمة الكتاب والسنة، وترك الأهواء والبدع، وتعظيمحرمات المشايخ، ورؤية أعذار الخلق، وحسن صحبة الرفقاء، والقيام بخدمتهم، واستعمالالأخلاق الجميلة، والمداومة على الأوراد وترك ارتكاب الرخص والتأويلات، وما ضل أحدفي هذا الطريق إِلا بفساد الابتداء، فإِن فساد الابتداء يؤثر في الانتهاء) [طبقاتالصوفية للسلمي 88]." اهـ.




الفقهاء الصوفية:



"
لقد كان علماء الشريعة الإِسلامية من الفقهاءوالمحدِّثين، يسيرون على أثر الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم، فيجمعون بينالشريعة والطريقة والحقيقة، ويؤدون العبادات العملية متحققين بسر الإِخلاص فيها،متذوقين حلاوتها، مدركين أسرارها، وقد كانت لهم مجاهدات لتهذيب نفوسهم وإِصلاحقلوبهم. ولِمَا تحلَّوْا به من صلاح وتقوى ومعرفة نالوا هذه المراتب العلمية،ومنحهم الله تعالى هذا الفهم لكتابه والتعمق في شرعه، ونفع الله الأمة بعلومهم علىمرِّ السنين والأيام، فكأنهم أحياء بآثارهم الخالدة وجهودهم العلميةالمباركة.

نقل الفقيه الحنفي الحصكفيصاحب الدر:أن أبا علي الدقاق رحمه الله تعالى قال: (أنا أخذتُ هذه الطريقةمن أبي القاسم النصر أباذي، وقال أبو القاسم: أنا أخذتها من الشبلي، وهو من السريالسقطي، وهو من معروف الكرخي، وهو من داود الطائي،وهوأخذ العلم والطريقة من أبي حنيفة رضي الله عنه،وكلٌ منهم أثنى عليه وأقرّبفضله..)

ثم قال صاحب الدر معلقاً: (فياعجباً لك يا أخي! ألم يكن لك أسوة حسنة في هؤلاء السادات الكبار ؟ أكانوا مُتَّهمينفي هذا الإِقرار والافتخار، وهم أئمة هذه الطريقة وأرباب الشريعة والحقيقة ؟ ومَنبعدهم في هذا الأمر فلهم تبع، وكل ما خالف ما اعتمدوه مردود مبتدع) [الدر المختارج1. 3. وعليه حاشية ابن عابدين وهو محمد أمين بن عمر بن عبد العزيز عابدينالدمشقي فقيه الديار الشامية وإِمام الحنفية في عصره، له من التآليف [رد المحتارعلى الدر المختار] في خمسة مجلدات يعرف بحاشية ابن عابدين، وله رفع الأنظار عماأورده الحلبي على الدر المختار، والعقود الدرية في تنقيح الفتاوى الحامدية جزءان،ونسمات الأسحار شرح المنار، ومجموعة الرسائل.. مولده ووفاته في دمشق سنة 1198ـ1252هـ].

ولعلك تستغرب عندما تسمع أنالإِمام الكبير، أبا حنيفة النعمان رحمه الله تعالى، يعطي الطريقة لأمثال هؤلاءالأكابر من الأولياء والصالحين من الصوفية!.

فهلاَّ تأسى الفقهاء بهذا الإِمام، فساروا علىنهجه، وجمعوا بين الشريعة والحقيقة، لينفع الله بعلمهم، كما نفع بإِمامهم الأعظم،الإِمام الكبير، معدن التقوى والورع أبي حنيفة رحمه الله تعالى
!

يقول ابن عابدين رحمه الله تعالى في حاشيتهمتحدثاً عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى، تعليقاً على كلام صاحب الدر الآنفالذكر: (هو فارس هذا الميدان، فإِن مبنى علم الحقيقة على العلم والعملوتصفية النفس، وقد وصفه بذلك عامة السلف، فقال أحمد بن حنبل [رحمه الله تعالى] فيحقه: إِنه كان من العلم والورع والزهد وإِيثار الآخرة بمحل لا يدركه أحد، ولقدضُرِب بالسياط لِيَلِيَ القضاء، فلم يفعل. وقال عبد الله بن المبارك [رحمه اللهتعالى]: ليس أحد أحق من أن يُقْتَدى به من أبي حنيفة، لأنه كان إِماماً تقياً نقياًورعاً عالماً فقيهاً، كشف العلم كشفاً لم يكشفه أحد ببصر وفهم وفطنة وتقى. وقالالثوري لمن قال له: جئتُ من عند أبي حنيفة: لقد جئتَ من عند أعبد أهل الأرض) ["حاشية ابن عابدين" ج1. 3].

ومن هذا نعلم أنالأئمة المجتهدين والعلماء العاملين، هم الصوفية حقيقة.

فإِن قال قائل: لو أن طريق التصوف أمر مشروع، لوضع فيه الأئمةالمجتهدون كتباً، ولا نرى لهم قط كتاباً في ذلك ؟


يجيب الشعراني رحمه الله تعالى على هذا فيقول: (إِنمالم يضع المجتهدون في ذلك كتاباً لقلة الأمراض في أهل عصرهم، وكثرة سلامتهم منالرياء والنفاق. ثم بتقدير عدم سلامة أهل عصرهم من ذلك، فكان ذلك في بعض أناسقليلين، لا يكاد يظهر لهم عيب. وكان معظم همة المجتهدين إِذ ذاك إِنما هو في جمعالأدلة المنتشرة في المدائن والثغور مع أئمة التابعين وتابعيهم، التي هي مادة كلعلم، وبها يُعرف موازين جميع الأحكام، فكان ذلك أهم من الاشتغال بمناقشة بعض أناسفي أعمالهم القلبية التي لا يظهر بها شعار الدين، وقد لا يقعون بها في حكم الأصل.

ولا يقول عاقل قط: إِن مثل الإِمامأبي حنيفة أو مالك أو الشافعي أو أحمد رضي الله عنهم، يعلم أحدهم من نفسه رياءً أوعُجباًأو كبراً أو حسداً أو نفاقاً ثم لا يجاهد نفسه ولا يناقشها أبداً. ولولاأنهم يعلمون سلامتهم من تلك الآفات والأمراض لقدموا الاشتغال بعلاجها على كلعلم) ["لطائف المنن والأخلاق" للشعراني ج1 5ـ26]. " اهـ.

(
حقائقعن التصوف لعبد القادر عيسى - الباب الخامس - تصحيح الأفكار عن التصوف - 73- 486)


__________________



مجموعة من الخطب والدروس ومقاطع الصوت الرائعة مع الإضافة باستمرار

http://www.arabseyes.com/vb/showthread.php?t=13295