شكرا أخي الكريم ..على موضوعك
هل يمكننا التخلص من الذاتية المؤثرة في إجابتنا على سؤال كهذا .. هل نعتمد الموضوعية والصدق كاملا والتخلص من أثر التجارب التي عاشها كل منا ، لا أشك أبدا في ذلك .؟؟؟
هل يمكن أن يتدخل أحدهم ويحكي بصدق فشله أو نجاحه في قصة حب ما ، ويحاول أن يقدم أهم الأسباب في ذلك .؟ لا يوجد أحد ولا يتشجع أحد على فعل ذلك وأولهم أنا .
وهل نعرف منطق أو مبدأ النسبية الذي يضعنا أمام العجز الشبه كلي في إجابات عن أسئلة كهذه . والاختلاف من شخص إلى آخر في تحديد المعاني الكاملة للحب وضوابطه الأخلاقية .
فلسؤالك أخي وجهان يختلفان كل الاختلاف .
أولها كأنك تسألنا عن الحب بين الجنسين ثم تسألنا عن الحب بين الزوجين وثانيهما أن تربط سؤالك بارتكاب المعاصي . ونحن نعلم أن المعاصي يمكن أن ترتكب بين صديقين من نفس الجنس إذا كان ثالثهما الشيطان في رفقتهما . وإذا لم يكن الخوف من الله فالمعاصي والذنوب أكثر من حبات الرمل عددا في كل العلاقات الاجتماعية.
سأحاول أن أعبر عن وجهة نظري في نقطتين :
أولا : تعريفا الحب هو مجموعة من الأحاسيس و الميولات نحو شخص بعينه من الجنس الآخر نتيجة عاطفة إعجاب و انجذاب واستحسان وليدة نظرة أو استماع أو اتصال آخر كالكتابة مثلا أو اي صور من صور التعبير عن الذات فيكون الارتباط وجدانيا أولا . بعد أن يكون قد رسم صورة مسبقة لأوصاف الطرف الثاني سواء كانت أوصاف معنوية كالطيبة وطريقة التفكير أو مادية كالجمال والقدّ أو أوصاف تتعلق بالشخصية في حد ذاتها .
والقلب بريء من الحب رغم أنه ينسب له .فهي تنبض وتخفق بشدة قلوبنا أكثر حين تتدفق الكثير من الدماء بعد أوامر لا شعورية ولا إرادية من الدماغ .إذا فعقولنا مسؤولة بالدرجة الأولى عن الحب . ولا يمكن بأي حال من الأحوال اتهام العقل بعدم الصواب في قراراته فيصبح بعدها من الممكن أن يرتكب قصورا ما في التفكير وهذا مرفوض على الأقل لكونه هو العقل الجهاز الوحيد المسؤول عن إيجاد الحقيقة والصواب .
النتيجة الأولى – العيب ليس في الحب بين الجنسين بل العيب فيهما .
ثانيا : من يضمن أن بعد الزواج سيأتي الحب أولا ثم من يضمن أن طرق التفاهم بين الزوجين ستسمح بمروره هذا إن كان هناك تفاهم ، أو ربما ننتظر لتولده-الحب- المودة الحاصلة بينهما ثانيا. وهذا يعتمد بالدرجة قصوى على مدى درجة إقناع أحدهما للآخر ، وتمكنه من شغل حيز مهم في اهتماماته العاطفية .وإلا فإننا نطالب حينها أن يكون أحدهما الضحية الذي يحتمل الحياة فقط لأجل الإبقاء على العلاقة الزوجية قائمة بينهما أو من أجل تربية الأبناء فقط . وإلا كنتيجة حتمية يكون الانفصال .
أما إذا جاء – نركز على أداة الشرط (إذا) قبل كلمة (جاء) – الحب بعد الزواج وكأننا نغالط أنفسنا فهل يسأل الحبيب عن العيش مع حبيبه . إنها كل أمنيات الرجل أو المرأة .
النتيجة الثانية : العيب ليس فيما يحدثه رباط الزواج من اختلافات بل في الزوجين . وإن وجد الحب فهو أقوى ، لأن هذا الحب يتنزه عن النزوات شيطانية ، والتصرفات الصبيانية التي قد تحطم العلاقة من أساس بنيانها .
النتيجة النهائية بينهما : لا توجد مقارنة بين الحبين لأنهما واحد فقط بمرحلتين قد لا تكون إحداهما موجودة أصلا سواء قبل أو بعد الزواج والمحظوظ من يجدهما كلاهما ، رغم أن الحكم عن المرحلة الأولى قبل الزواج صعب بالنظر للفترة الزمنية التي يواكبها من عجز مادي أو معني – كالمراقهة عند الجنسين – أو اليأس عند أحدهما نتيجة ظرف معين دوما حسي أو مادي .
وفي الأخير أعبر عن رأيي الشخصي بأن أنقل لك مقولة الفيلسوف الفرنسي "اندريه موروا" حين سئل عن أكثر النساء أصالة وحبا ووفاء, هل هي صاحبة الشعر الأشقر أم الأسود الفاحم, أم الأحمر القاني؟ فقال: "صاحبة الشعر الأبيض هي أخلصهن وأوفاهن، لأن الإخلاص والوفاء والحب هم أبناء الزواج السعيد, والعشرة الطيبة والتفاهم المتبادل" وهو يقصد بصاحبة الشعر الأبيض الزوجة التي عاشت مع زوجها حياة طويلة إلى أن بلغا سن الشيخوخة، وهو هنا يعبر عن أن الحب الحقيقي هو الحب الذي يصنعه الزواج .
وفي الأخير ..الله أعلم
تعيقب بسيط : أكثر التدخلات التي أعجبتني هي تدخلات ربيحة الرفاعي لكن لا اتفق معها في كون الحب منهي عنه شرعا بل النهي عن ما تجلبه شهوات ونزوات الطرفين البعيدة عن الخلق الإسلامي الحسن .
فما أجمل الحب في الله