عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 12-02-2009, 10:10 AM
 
القوامة والقيادة ليست وقفا على الرجال


بسم الله الرحمن الرحيم



- كنت قد ذكرت أن القوامة مفهوم إسلامي يخطئ الكثيرون في فهم المقصود منه، ويظن البعض أن القوامة سلطة تحكم واستبداد أعطيت للرجل على حساب المرأة، والحقيقة أن القوامة تنطوي على معان راقية أشرت إلى عدد منها في المقال السابق وأكمل في هذا المقال فأقول: إن القوامة تنطوي على معنى الشراكة بين الزوجين في الحقوق ، يدل على ذلك ما جاء في قوله تعالى:ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة والله عزيز حكيم.
فالحقوق متبادلة، وهما أكفاء، وما من عمل تعمله المرأة إلا وللرجال عمل يقابله لها ، وإن لم يكن مثله في شخصه فهو مثله في جنسه .
فعلى الرجل أن يبذل المهر والنفقة، ويحسن العشرة، وعلى المرأة حفظ ماله، وقبول قوله في الطاعات، وهو ما دلت عليه تتمة آية القوامة:
الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله
فارتبط معنى الصلاح بالقنوت وهو لفظ عام يفيد الطاعة لله تعالى ثم للزوج فيما يرضي الله تعالى .
وإذا كانت القيادة للرجل فيما له به خبرة وجلد من الميادين ، فإن المرأة هي الراعية والقائدة في ميادينها المتفقة مع طبيعتها المتميزة ، سواء بسواء، وهو ما قرره الحديث الشريف :
كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته الإمام راع ومسئول عن رعيته والرجل راع في أهله وهو مسئول عن رعيته والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها والخادم راع في مال سيده ومسئول عن رعيته قال وحسبت أن قد قال والرجل راع في مال أبيه ومسئول عن رعيته وكلكم راع ومسئول عن رعيته
فالقيادة والقوامة ليست وقفا على الرجال، وإنما مرتبطة بتميز الطبيعة وتميز ميادينها . ثم إن قوامة الرجل وقيامه باتخاذ القرارات يقوم على أحد المبادئ الإسلامية الخالدة لبناء العلاقات الاجتماعية على جميع المستويات، وهو مبدأ الشورى وتبادل الرأي والمشاركة الإيجابية من جانب الأعضاء .
و الشورى كنظام ليس قاصرا على المستوى السياسي أو مستوى الدولة ، لكنه يمتد ليطبق على الأسرة، وقد ورد في القرآن الكريم ما يدل على هذا المبدأ ، قال تعالى:
والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف لا تكلف نفس إلا وسعها لا تضار والدة بولدها ولا مولود له بولده وعلى الوارث مثل ذلك فإن أرادا فصالا عن تراض منهما وتشاور فلا جناح عليهما وإن أردتم أن تسترضعوا أولادكم فلا جناح عليكم إذا سلمتم ما آتيتم بالمعروف واتقوا الله واعلموا أن الله بما تعملون بصير
فالتشاور جعل وسيلة للوصول إلى ما يؤدي إلى صلاح الصغير، وإذا كان القرآن الكريم قد وجه الرجل والمرأة إلى التشاور والتحاور في حال يريدان فيها الانفصال، وجعله وسيلة لحل النزاعات بالتعاون مع الأسرة الممتدة من خلال مفهوم الصلح، فإذا استمر الخلاف يتم اللجوء إلى التحكيم في سياق الأسرة الممتدة أيضا، فإنه ومن باب أولى أن يكون مبدأ الشورى هو المتبع في أمور الأسرة وهي قائمة . ........... د. رولا محمود الحيت

__________________
[
رد مع اقتباس