شرح كتب السنه شرح كتاب السنه شرح الكتاب شرح كتب شرح كتب شرح كتاب شرح الكتاب شرح كتب السنة للامام المزني بسم الله الرّحمان الرّحيم
الحمد لله ربّ العالمين ، والصّلاة والسّلام على أشرف المرسلين .
أمّا بعد :
ـ شرح كتاب السّنّة للإمام المزنيّ رحمه الله تعالى ـ
للشّيخ إبراهيم الرّحيلي
حفظه الله تعالى
وهـذا جزء من مقدّمة الشّرح :
..بقي الصّراع بين أهل السّنّة و بين هذه الفرق،و أصبح لأهل البدع نُظّار و علماء يذبّون عن عقيدتهم و يدافعون عنها و يؤلّفون لها ، حتّى إذا ما جاء عهد المأمون الخليفة العبّاسيّ الذي أولع بالعلم و الحكمة و بنشر الكتب التّي جلبها من كلّ حدب و صوب فيها من كتب الفلاسفة فلاسفة اليونان و من أقوال اليهود و النّصارى ، حتّى إذا ما عكف على تلك الكتب طائفة كبيرة من النّظّار الذين تشغّلوا ببعض البدع اشتدّت الفتنة ، فرفعت المعتزلة رأسها في عهده و أقنعت الخليفة بخلق القرآن ، فامتُحِن الأئمّة في ذلك امتحانا عظيما ،وعُذّب من عُذّب بسبب هذه الفتنة،وصمد الأئمّة وعلى رأسهم الإمام أحمد في تقرير عقيدة أهل السّنّة في أنّ القرآن كلام الله غير مخلوق منزّل ،من الله بدأ وإليه يعود .
وقد كان أهل السّنّة في تلك العصور يردّون على أهل البدع عن طريق الدّروس ونشر العلم وعن طريق الكتب المؤلّفة ، وقد كثرت الكتب التي ردّت على هذه البدع ، وكان من طريقة السّلف في التّأليف أنّهم يسمّون كتبهم بـ'السّنّة' في الرّدّ على المخالفين ، يقرّرون المسألة بدليلها من غير ذكر للمبتدع ،وكان لهم هدف من هذا؛ وهو أنّهم ما كانوا يرون ذكر البدعة وذكر المبتدع حتّى لا يتقوّى أهل الشّرّ بذلك ،وإنّما كانوا يردّون الشّبهة بالدّليل من غير تفصيل فيها ، وقد كانت هذه السّمة هي السّائدة وهي الطّريقة السّائدة بين أهل العلم ، فكثرت الكتب في الرّدّ على أهل البدع ، ومن هذه الكتب التي سمّيت بـ'السّنّة':
'السّنّة' للإمام الجليل إسماعيل بن يحيى بن إسماعيل المزنـيّ تلميذ الإمام الشّافعـيّ ، هذه الرّسالة العظيمة في تقرير معتقد أهل السّنّة ، والتي تدلّ على اتّفاق أهل العلم من أهل السّنّة والجماعة على تلك الأصول التي ذكرها الإمام في هذه الرّسالة ، وهذه سلسلة من سلسلة الرّسائل والكتب تحمل هذا العنوان :
كالسّنّة لابن أبي عاصم ،و السّنّة لأبي بكر الخلّال التي جمع فيها عقيدة الإمام أحمد وهي من أشمل الكتب في ذكر معتقد الإمام أحمد ، كالسّنّة للمروزيّ ، وشرح السّنّة للبربهاريّ ، وغيرها من الكتب التي هي على هذه الطّريقة ، وكانت هذه الكتب منها ما يعتمد المؤلّفون فيها على ذكر الرّوايات بسندها ومنها ما جاءت عرضا للمسائل دون ذكر الرّوايات ، ومنها هذه الرّسالة للإمام المزنـيّ – رحمه الله - .
الإمام المزنـيّ معروف ومشهور عند أهل العلم ،وهو التّلميذ المقرّب للإمام الشّافعـيّ ،ولد سنة سبع وخمسين ومائة وتوفّي سنة ستّ وثمانين ومائتين ، كان ملازما للإمام الشّافعـيّ ، نهل من علمه الشّيء الكثير وشهد له الأئمّة بالفضل وكان من شيوخه الإمام الشّافعـيّ ونُعيم بن حمّاد من أشهر شيوخه ،وتتلمذ عليه أيضا بعض الأئمّة الكبار كالإمام ابن خزيمة ،والإمام الطّحاويّ ،وغيرهم من الأئمّة ، وقد شهد أهل العلم والفضل لهذا الإمام الجليل بالعلم ،ورجاحة العقل، وقوّة الحجّة،وسعة الفهم ،والنّبوغ في الفهم والذّكاء ، وقد شهد له شيخه الإمام الشّافعـيّ بالعلم وقوّة المناظرة كما نقل المحقّق لهذه الرّسالة شيئا من ذلك .
والإمام المزنـيّ له كتب كثيرة ومشهورة من أشهرها وأكثرها نفعا وانتشارا المختصر المعروف بـ " مختصر المزنـيّ" في الفقه على مذهب الإمام الشّافعيّ وهو من أجلّ كتبه ، بقي في تأليفه أكثر من عشرين سنة ، وله كتب أخرى كالجامع الكبير والصّغير ، والأمر على رأي الشّافعيّ ، وغيرها من الكتب النّافعة .
وكان الإمام المزنـيّ زاهدا ورعا، شهد له أهل العلم بذلك، مبتعدا عن أهل الجاه والسّلطان، كان مؤثرا للخمول وعدم الشّهرة.
وهـذه الرّسالة التي بين أيدينا هي من مؤلّفاته التي أجاب فيها على سؤال ورد عليه من بعض أهل العلم ،وقد ذكر المحقّقون سبب تأليف هذه الرّسالة وهو أنّه نُسِب للإمام المزنـيّ أنّه كان يقول بخلق القرآن ، فاجتمع بعض أهل العلم يذكرون أهل العلم والفضل الذين نصروا السّنّة فكان في بعض الرّوايات التي جاءت في نقل ما دار في مجلسهم أنّهم قـالوا : ( ذكرنا أهل العلم ذكرنا أحمد ومالك والشّافعيّ والثّوريّ وغيرهم وذكرنا المزنـيّ ) وهذا يدلّ على جلالة المزنـيّ وأنّه في مصافّ هؤلاء العلماء ،فأنكر بعض الحاضرين ذلك وقال : "ليس من العلماء – يعني المزنـيّ – فإنّه كان يتوقّف في القرآن" ويُعنى بذلك أنّه ما كان يقول بقول أهل السّنّة ،وإنّما يتوقّف توقّف بعض المخالفين وهو من ذلك بريء ، وإنّما كان يكره أن يتكلّم في هذه المسألة خشية أن يجرّه ذلك إلى الجدل كما صرّح هو بذلك ، فسُئل هذا الإمام من قِبَل هؤلاء أن يبيّن لهم السّنّة،وكان سؤالهم على طريقة من الأدب الرّفيع ، فما نسبوا له شيئا وإنّما قالوا له : بيّن لنا السّنّة ، فألّف هذه الرّسالة العظيمة في بيان السّنّة ،ونصّ على المسألة التي نُسب له فيها القول الباطل وهي مسألة القرآن وصرّح فيها – رحمه الله – بمعتقد أهل السّنّة والجماعة .
– ارجو – أن تكون مباركة ونافعة، ونشرع في قراءتها ونسأل الله – عزّ وجلّ – التّوفيق للجميع.