العلم نو و الجهل ضلام ارجو الدخول بلييييييييييييييييييييز
منزلة العلم واحترام المعلم عند الرازي
روى ياقوت الحموي في كتابه (معجم الأدباء) عن أبي طالب عزيز الدين (من أدباء وعلماء القرن السادس الهجري) قال: في اليوم الذي ورد الفخر الرازي إلى مرو كانت له منزلة كبيرة وصيت ذائع وأبهة عظيمة، حتى أن أحداً لم يكن يستطيع أن يقاطع كلامه، وكنت قد حضرت عنده للاستفادة منه.
فقال لي يوماً: أحب أن تكتب لي كتاباً في سلسلة الطالبيين (أولاد أبي طالب) حتى أقرأه، ولا أبقى جاهلاً في هذا الصدد.
فقلت له: تريد أن أرسمه على شكل مشجرات الأنساب أو أكتبه بشكل نثر؟
فقال: أريد شيئاً أتمكن من حفظه، وكتابة المشجرات لا تفي بهذا الغرض.نِلْتَ ولم أنل
قال شقيق البلخي: كنت أحضر مع أبي يوسف القاضي مجلس أبي حنيفة، وبعد الفراغ من التحصيل افترقت عن أبي يوسف مدة ليست بالقصيرة، ولما قدمت بغداد رأيت أبا يوسف جالساً في مجلس الفتوى والقضاء، والناس مجتمعون حوله، فلما أبصرني عرفني، وقال لي: أيها الشيخ! ما الذي حملك على تغيير زيك؟ (حيث كنت لابساً السواد).
فقلت له: ما كنت تتوقع من طلب العلم قد نلته يعني الرياسة والمال والجاه ـ ومقصودي من طلب العلم ـ يعني المعرفة ـ لم أنله، فلبست السواد، وإذا أردت أن تعرف الرجل فانظر إلى ما وعده الله ووعده الناس، بأيهما يكون قلبه أوثق، فلما سمع أبو يوسف هذا الكلام بكى بكاءً شديداً.
فقلت: سمعاً وطاعة! وذهبت وكتبت الكتاب بعد أن أسميته (الفخري) وجئت به إليه.
وبعد أن رأى الكتاب نزل من مسنده الشخصي وجلس على الحصير، وقال لي: اجلس أنت على هذا المسند.
فرأيت بجلوسي على المسند بحضوره فيه نوع من التجاسر، إلا أنه خاطبني بقوة وقال: اجلس في المكان الذي أقوله لك.
وعلى مهابته وبدون اختيار جلست في المكان الذي عينه لي، وجلس هو مقابلي، وقرأ الكتاب بحضوري، وكان يسأل مني بعض الكلمات غير المفهومة والصعبة حتى قرأ الكتاب بكامله عندي، ثم قال لي: الآن اجلس أي مكان تريده، لأن في هذا الكتاب علماً، وأنت في هذا العلم أستاذي وأنا تلميذك، وأتتلمذ في حضورك لأستفيد وليس من الأدب أن يبتعد التلميذ عن الأستاذ ولا يقابله، ويجلس بعيداً عنه أو فوقه. وبعد ذلك طلبت منه أن يجلس على مسنده، وأنا أجلس في المكان الذي جلس منه لأقرأ أنا عليه وأستفيد من علومه.
|