فضل الصيام والقيام، خاصة التاسع والعاشر من شهر الله المحرَّم فضل الصيام والقيام، خاصة التاسع والعاشر من شهر الله المحرَّم الحمد لله الذي أعزنا بالإسلام، وشرَّفنا بالانتساب إلى ملة خير الأنام، وجعل لساننا العربي خير وأفصح لسان، وختم بنبينا الكريم موكب الرسل والأنبياء العظام، صلّى الله وسلم وبارك عليه وعلى إخوانه الكرام، ورضي الله عن آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان، ولعائن الله المتتاليات على من سبَّ أوانتقص أحداً منهم، سيما العُمَرَان. وبعد.. فإن مواسم الخير على هذه الأمة كثيرة، وآلاء الله ونعمه المسداة إليها وفيرة، فهي لا تخرج من موسم إلا ويعقبه موسم آخر، ولا تقضي عبادة إلا وتنتظرها أخرى، ولا تغشاها غمة إلا وتلتها نعمة، وهكذا، فالمؤمن أمره كله خير، إن أصابته ضراء صبر، وإن أصابته سراء شكر، وليس ذلك إلا للمؤمن كما صح بذلك الخبر . من تلك المواسم العظيمة، والفرص الغالية الثمينة، حلول شهر الله المحرم علينا، ونزوله ضيفاً كريماً معطاءاً محملاً بكثير من الجوائز والهدايا إلينا؛ ولكثرة مالهذا الشهر من الفضائل والمزايا جعله الله من الشهور المحرمة المعظمة في الجاهلية والإسلام، وأضافه لنفسه، وافتتح به أول العام. لقد حبى الله هذه الأمة في هذا الشهر بهدايا ثلاثة كرام عظام، وهي: الأولى : فضَّل الصوم فيه على سائر الشهور والأيام، عدا رمضان. الثانية : وجعل قيامه بعد الفرضة أفضل القيام. الثالثة : وجعل صيام عاشره مكفراً لما اقترفناه من الذنوب والآثام فيما مضى من العام. ونفلنا زيادة على ذلك بصوم التاسع منه أو الحادي عشر، مخالفة ومراغمة لليهود اللئام، ومخالفتهم قربى من القربات التي يحبها الله ورسوله والصالحون من الإنس والجان. فهنيئاً لمن وفق في هذا الشهر الكريم إلى الصيام والقيام، وأمسك عن المعاصي والآثام، وحفظ جوارحه خاصة السمع، والبصر، والفرْج، واللسان؛ وحرص على صيام عاشوراء وتاسوعاء، فإن فاته صيام التاسع مع العاشر فلا يدع صيام الحادي عشر، إحياء لسنة من قال: "لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع"، وجدد التوبة وأكثر من الخيرات . فقد صح عنه أنه قال: "أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم، وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل"1. وعن مجيبة الباهلية عن أبيها أوعمها: "أنه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم انطلق فأتاه بعد سنة، وقد تغيرت حاله وهيئته، فقال: يا رسول الله أما تعرفني؟ قال: ومن أنت؟ قال: أنا الباهلي الذي جئتك عام الأول؛ قال: فما غيَّرك، وقد كنت حسن الهيئة؟ قال: ما أكلتُ طعاماً منذ فارقتك إلا بليل؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عذبتَ نفسك! ثم قال: صم شهر الصبر2، ويوماً من كل شهر"، قال: زدني؛ قال: صم من المحرم واترك، صم من المحرم واترك، صم من المحرم واترك "؛ وقال بأصابعه الثلاث فضمها، ثم أرسلها".3 وعن أبي قتادة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن صيام يوم عاشوراء، فقـال: "يكفر السنة الماضية".4 وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لئن بقيت إلى قابل لأصومنَّ التاسع"5. لقد كان صيام يوم عاشوراء واجباً قبل أن يفرض رمضان، فبعدما فُرض أصبح صيامه سنة، وذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم عندما هاجر إلى المدينة وجد اليهود يصومونه، لأنه اليوم الذي نجَّى الله فيه موسى وقومه من فرعون وملئه، وكان في أول أمره يحب موافقة أهل الكتاب، فلما تبين له كيدهم ومكرهم الذي كادت أن تزول منه الجبال أبغضهم، وتقرَّب إلى الله عز وجل بمخالفتهم، وعزم إن عاش لقابل ليصومنَّ التاسع مع العاشر، فقط من أجل مخالفة اليهود، ومن لم يتمكن من صوم التاسع مع العاشر صام الحادي عشر. روى الإمام أحمد في مسنده عن ابن عباس يرفعه: "صوموا يوم عاشوراء وخالفوا اليهود، صوموا قبله يوماً وبعده يوماً"، وجاء في رواية "أو بعده". قال الحـافظ ابن رجب الحنبلـي رحمه الله: (فأما أن تكـون "أو" للتخيير، أو يكـون شكاً من الراوي، هل قال: قبله أوبعده؟).6 وقد ذهب الناس في صيام عاشوراء ثلاثة مذاهب ، هي : 1. يصام يوم عاشوراء فقط . 2. عاشوراء وتاسوعاء . 3. عاشوراء وتاسوعاً ويوماً بعد عاشوراء، وهذا من باب التحوط . وكان ابن عباس يحرص على صيامه حتى في السفر، وكان يوالي بين اليومين خشية فواته، وكذلك روي عن بعض السلف أنه صام عاشوراء ويوماً قبله ويوماً بعده7. ولا يشترط لصوم عاشوراء وغيره من النوافل تبييت النية من الليل، بل من لم يطعم شيئاً له أن ينوي صيامه ولو في منتصف النهار. والتكفير للذنوب الذي ورد في صيام عاشوراء، هل هو خاص بالصغائر أم يشمل الكبائر؟ قولان لأهل العلم، وليس على الله بعزيز أن يشمل بذلك الكبائر مع الصغائر، والله هو الموفق للخيرات والمكفر للسيئات؛ والسلام استحباب صيام تاسوعاء مع عاشوراء أريد أن أصوم عاشوراء هذه السنة ، وأخبرني بعض الناس بأن السنة أن أصوم مع عاشوراء اليوم الذي قبله ( تاسوعاء ) . فهل ورد أن النبي صلى الله أرشد إلى ذلك ؟. الحمد لله روى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قال : حِينَ صَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ يَوْمٌ تُعَظِّمُهُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ صُمْنَا الْيَوْمَ التَّاسِعَ قَالَ فَلَمْ يَأْتِ الْعَامُ الْمُقْبِلُ حَتَّى تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . رواه مسلم 1916 قال الشافعي وأصحابه وأحمد وإسحاق وآخرون : يستحب صوم التاسع والعاشر جميعا ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم صام العاشر , ونوى صيام التاسع . وعلى هذا فصيام عاشوراء على مراتب أدناها أن يصام وحده وفوقه أن يصام التاسع معه وكلّما كثر الصّيام في محرّم كان أفضل وأطيب . فإن قلت ما الحكمة من صيام التاسع مع العاشر ؟ فالجواب : قال النووي رحمه الله : ذَكَرَ الْعُلَمَاءُ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ فِي حِكْمَةِ اسْتِحْبَابِ صَوْمِ تَاسُوعَاءَ أَوْجُهًا : ( أَحَدُهَا ) أَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ مُخَالَفَةُ الْيَهُودِ فِي اقْتِصَارِهِمْ عَلَى الْعَاشِرِ , وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ .. ( الثَّانِي ) أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ وَصْلُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ بِصَوْمٍ , كَمَا نَهَى أَنْ يُصَامَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ وَحْدَهُ .. ( الثَّالِثَ ) الاحْتِيَاطُ فِي صَوْمِ الْعَاشِرِ خَشْيَةَ نَقْصِ الْهِلالِ , وَوُقُوعِ غَلَطٍ فَيَكُونُ التَّاسِعُ فِي الْعَدَدِ هُوَ الْعَاشِرُ فِي نَفْسِ الأَمْرِ . انتهى وأقوى هذه الأوجه هو مخالفة أهل الكتاب ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : نَهَى صلى الله عليه وسلم عَنْ التَّشَبُّهِ بِأَهْلِ الْكِتَابِ فِي أَحَادِيثَ كَثِيرَةٍ مِثْلُ قَوْلِهِ .. فِي عَاشُورَاءَ : ( لَئِنْ عِشْتُ إلَى قَابِلٍ لأَصُومَنَّ التَّاسِعَ ) . الفتاوى الكبرى ج6 وقال ابن حجر رحمه الله في تعليقه على حديث : ( لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع ) : " ما همّ به من صوم التاسع يُحتمل معناه أن لا يقتصر عليه بل يُضيفه إلى اليوم العاشر إما احتياطاً له وإما مخالفةً لليهود والنصارى وهو الأرجح وبه يُشعر بعض روايات مسلم " انتهى من فتح الباري 4/245 . عاشوراء .. يوم عظيـم منأيام الله الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .. أما بعد:
فإن من نعم الله على عباده أن يوالي عليهم مواسم الخيرات على مدار الأيام والشهــور ليوفيهــم أجورهم ويزيدهم من فضله فما إن انقضى موسم الحج إلا وأتبعه شهر الله المحرم وبهذه المناسبة يسرنا أن نوصل إليكم هذه النبذة عن الشهر المبارك عسى الله أن ينفعنا وإياكم بها. فضل الصوم في شهر محرم
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" أفضــل الصيام بعـد شهـر رمضان شهر الله الذي تدعونه المحرم ، وأفضل الصلاة بعد الفريضة قيام الليل ". (رواه مسلم). فضل صوم يوم عاشوراء
عاشوراء هو اليوم العاشر من شهر الله المحرم ويستحب صيامه لحديث أبي قتادة أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن صيام يوم عاشوراء فقال:" أحتسب على الله أن يُكفر السنة التي قبله" (رواه مسلم). سبب صوم النبي صلى الله عليه وسلم لعاشوراء
جاء في الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فوجد اليهود صياماً ليوم فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ه1ا اليوم الذي تصومونه قالوا : هذا يوم عظيم أنجى الله فيه موسى وقومه وأغرق فرعون وقومه فصامه موسى شكراً لله فنحن نصومه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فنحن أحق وأولى بموسى منكم فصامه النبي صلى الله عليه وسلم وأمر بصيامه. حكــمه
فصيام يوم مستحب لحديث معاوية رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:" هذا يوم عاشوراء ولم يكتب الله عليكم صيامه وأنا صائم فمن شاء فليصم ومن شاء فليفطر ".(متفق عليه). استحباب صوم التاسع من محرم لمن صام العاشر
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: حين صام رسول الله صلى الله عليه وسلم عاشوراء وأمر بصيامه قالوا يا رسول الله أنه يوم تعظمه اليهود والنصارى فقال صلى الله عليه وسلم :" فإذا كان العام المقبل إن شاء الله صمنا التاسع". أي صمناه مع العاشر مخالفة لأهل الكتاب.
__________________ اللهم إنك أعطيتني خير أحباب في الدنيا دون أن أسألك فلا تحرمني صحبتهم في الجنه وأنا أسألك فاللهم أسعدهم وفرج همهم وحقق لهم ماتمنوا وإجعل الجنه مقرا لهم !! اللهم لاترد دعواتي لهم فإني فيك أحبهم |