~~
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين
وأفضل الصلاة وأتم التسليم
على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
وبعد :
( يا أيها الذين آمنوا لايسخر قوم من قوم ..... )
والفرق بين السخرية واللمز :
أن السخرية التنقيص على وجه الاستضحاك ..
بينما اللمز لايكون على سبيل الاستضحاك
وقد يكون من واحد لا في ملأ ..
فالسخرية فيها ارادة الضحك
بينما اللمز فيه طعن بالشخص ..
" التنقيص بالغير يجيء من وهم الكمال بالنفس "
ويستثنى من السخرية ولايشمل النهي
من نصَّب نفسه للسخرية ( مسخرة )
والباب هنا باب المزاح وينظر ببابه وله مقاديره ..
والهمز يكون باللسان خاصة أو يكون بالخلف ..
والسُخْرَة يسخر منه ... .. سُخَرَة وهو الساخر
هُمْزَةَ .يُهمز ........ هُمَزَةَ الذي يَهْمِز ..
النَبَزْ : لقب السوء ... النَبْز : فعل ذلك ..
والتنابز : التنادي بلقب السوء ..
يستوجب أن يرد عليه بلقب آخر ..
وهذه كانت شائعة في الجاهلية ومن اعرافها ..
وكلها ترجع الى صفة الكِبر .. والعياذ بالله
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
و كان من بين جهات التصدي في الجاهلية أربعة امور :
1- جبهة ظن الجاهلية وهذا دليل على فساد في الاعتقاد .
2- جبهة حمية الجاهلية وهذا دليل على فساد في الارادة ..
3- جبهة تبرج الجاهلية وهذا فساد في العلاقة مع الأنثى .
4- جبهة حكم الجاهيلة وهذا دليل على فساد الأنظمة ..
" نصف شعر العرب هجاء ونصفه اشتهاء ..! "
(قوم ) اسم جمع لا واحد له من لفظه ..
لأن الذكران يقومون بما لايقوم به النساء ..
قال بعض اللغويين : " اذا ذكر القوم دخل معه النساء ..
ولكن خصوصية التنصيص لرفع ايهام التخصيص ..
والنساء يكثر الاستسخار منهم ..
وقال اهل العلم : " الاغتياب مراتع النساء "
والنساء من النَسوة وهو تأخير القيام بالعمل ..
ومنها النسيئة وهي المؤخر من الدين أجلا أو رباً ..
(عسى ان يكونوا خيرا منهم ) جملة اعتراضية ..
لأن ميزان الاعتبار بالشرع لايتعلق بالصور
في مقام الرفع أو الوضع ..
فالنبي صلى الله عليه وسلم قال لبنت عمه دُرة
" يا درة انت ِ مني وانا منكِ "
مقلقة استعيرت الترجية فيها لمعنى تقريب المخوف ..
قال تعالى : " مالكم لا ترجون لله وقارا "
فأطلق الرجاء على الخوف لأنهما متلازمان ..
من باب اطلاق الشيء على لازمه ..
أي إخوانكم الذين هم كانفسكم ..
تمثيل تنفيري في مقام الوعظ ..
وفيه اشارة الى ان الذي يطعن أخاه يستدعي منه ان يلمزه ..
وقال النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك :
" المستبان ما قالا فعلى البادئ منهما ما لم يعتدي المظلوم "
" من عيّر أخاه بذنب لم يمت حتى يعمله .."
وقال احد الصالحين :" لو ضحكت من رجل يرضع ثدي عنز لخشيت أن أصنع مثل صنيعه ..! "
أي بئس اسم التنابذ بالألقاب وقد اسلم ..
أي أن تسميه بلقب سوء أو فسوق ..
(بئس ) فعل جامد خصص للذم وهو أشد انواع الذم ..
( الاسم ) تعود للثلاث المنهيات المذكورة في الآية ..
ومنه أن الثلاثة تسمى فسوقا ..
على تفسير بعد ب " مع " أي بئس ماذكر الفسوق مع الايمان ..
كقوله تعالى :" فإن مع العسر يسرا " أي بعد ..
وفي الآية جواز التلقيب بالألقاب الحسنة ..
قال عليه الصلاة والسلام :
" أحب الأسماء الى الله عبد الله وعبد الرحمن
وأذكر هنا قصة صفية بنت حييّ
زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا ينادونها
باليهودية بنت اليهودية ..
فعلَّمها رسول الله صلى الله عليه وسلم الرد عليهم
بان تقول أبي موسى عليه السلام
وزوجي محمد عليه أفضل الصلاة والتسليم .. ..!
فأعمدة نسبها كلهم انبياء ..
وهذه القصة كانت قبل نزول هذه الآيات ..
( ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون ) :
( أولئك ) بعيدون في الذم لمكانهم المتدني ..
وهو ضمير فصل وعماد لامحل له من الاعراب ..
ومحله في البلاغة .. جاء هنا لتأكيد الحصر ..
أي هم الظالمون لا غيرهم لأنهم جمعوا ظلما ثلاثيا ..
جاء حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم :
والندم ان تستقبح ماصدر منك وتتمنى لو لم تكن فعلت ..
باعتباره تجاوز حدا من حدود الله
وليس خوفا من المرض أو الهلاك فهذا ليس ندما ..
الندم هو ترك المعصية لأنها معصية ...
والناس ينقسمون باعتبار التوبة الى اثنين