عرض مشاركة واحدة
  #201  
قديم 12-22-2009, 07:39 PM
 
المحاضرة التاسعة

~~



بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين
وأفضل الصلاة وأتم التسليم
على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

وبعد :
( يا أيها الذين آمنوا لايسخر قوم من قوم ..... )

والفرق بين السخرية واللمز :
أن السخرية التنقيص على وجه الاستضحاك ..
بينما اللمز لايكون على سبيل الاستضحاك
وقد يكون من واحد لا في ملأ ..
فالسخرية فيها ارادة الضحك
بينما اللمز فيه طعن بالشخص ..
وكما قال العلماء
" التنقيص بالغير يجيء من وهم الكمال بالنفس "
ويستثنى من السخرية ولايشمل النهي
من نصَّب نفسه للسخرية ( مسخرة )
أي لا يتأذى بها ..
والباب هنا باب المزاح وينظر ببابه وله مقاديره ..
والهمز يكون باللسان خاصة أو يكون بالخلف ..
والسُخْرَة يسخر منه ... .. سُخَرَة وهو الساخر
هُمْزَةَ .يُهمز ........ هُمَزَةَ الذي يَهْمِز ..
النَبَزْ : لقب السوء ... النَبْز : فعل ذلك ..
والتنابز : التنادي بلقب السوء ..
وخُصَّ بالتفاعل ..
لأن الذي ينادي اخاه بلقب
يستوجب أن يرد عليه بلقب آخر ..
أي التداعي
وهذه كانت شائعة في الجاهلية ومن اعرافها ..
وكلها ترجع الى صفة الكِبر .. والعياذ بالله
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" بطر الحق غمط الناس "
أي الخفض من اقدارهم ..
و كان من بين جهات التصدي في الجاهلية أربعة امور :
1- جبهة ظن الجاهلية وهذا دليل على فساد في الاعتقاد .
2- جبهة حمية الجاهلية وهذا دليل على فساد في الارادة ..
3- جبهة تبرج الجاهلية وهذا فساد في العلاقة مع الأنثى .
4- جبهة حكم الجاهيلة وهذا دليل على فساد الأنظمة ..
وقد قيل ..
" نصف شعر العرب هجاء ونصفه اشتهاء ..! "
(قوم ) اسم جمع لا واحد له من لفظه ..
وسمي القوم قوما ..
لأن الذكران يقومون بما لايقوم به النساء ..
ومنه القوامة ..
( ولانساء من نساء ) :
قال بعض اللغويين : " اذا ذكر القوم دخل معه النساء ..
ولكن خصوصية التنصيص لرفع ايهام التخصيص ..
والنساء يكثر الاستسخار منهم ..
وقال اهل العلم : " الاغتياب مراتع النساء "
والنساء من النَسوة وهو تأخير القيام بالعمل ..
فجواب حالهم من اسمهم ..
ومنها النسيئة وهي المؤخر من الدين أجلا أو رباً ..
(عسى ان يكونوا خيرا منهم ) جملة اعتراضية ..
عسى لتقريب الحصول ..
لأن ميزان الاعتبار بالشرع لايتعلق بالصور
في مقام الرفع أو الوضع ..
بل يتعلق بالاعمال
فالنبي صلى الله عليه وسلم قال لبنت عمه دُرة
لما دخلت في الاسلام :
" يا درة انت ِ مني وانا منكِ "
وهي بنت أبي لهب ...!!
( عسى )
مقلقة استعيرت الترجية فيها لمعنى تقريب المخوف ..
قال تعالى : " مالكم لا ترجون لله وقارا "
أي لا تخافون لله عظمة !
فأطلق الرجاء على الخوف لأنهما متلازمان ..
من باب اطلاق الشيء على لازمه ..
(ولاتلمزوا انفسكم )
أي إخوانكم الذين هم كانفسكم ..
أيعيب الانسان نفسه ..!!
تمثيل تنفيري في مقام الوعظ ..
وفيه اشارة الى ان الذي يطعن أخاه يستدعي منه ان يلمزه ..
وقال النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك :
" المستبان ما قالا فعلى البادئ منهما ما لم يعتدي المظلوم "
وقد جاء في صحيح الترمذي
" من عيّر أخاه بذنب لم يمت حتى يعمله .."
وقال احد الصالحين :" لو ضحكت من رجل يرضع ثدي عنز لخشيت أن أصنع مثل صنيعه ..! "
( بئس الاسم )
أي بئس اسم التنابذ بالألقاب وقد اسلم ..
فالمخصوص بالذم هو الفسوق
أي أن تسميه بلقب سوء أو فسوق ..
(بئس ) فعل جامد خصص للذم وهو أشد انواع الذم ..
( الاسم ) تعود للثلاث المنهيات المذكورة في الآية ..
ومنه أن الثلاثة تسمى فسوقا ..
وأنها لا تليق بالمؤمن ..
على تفسير بعد ب " مع " أي بئس ماذكر الفسوق مع الايمان ..
وهما " بعد , مع "
تتعاوران في لغة القرآن
كقوله تعالى :" فإن مع العسر يسرا " أي بعد ..
وفي الآية جواز التلقيب بالألقاب الحسنة ..
قال عليه الصلاة والسلام :
" أحب الأسماء الى الله عبد الله وعبد الرحمن
وأصدقها حارث وهمام " ..
وأذكر هنا قصة صفية بنت حييّ
زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا ينادونها
باليهودية بنت اليهودية ..
فعلَّمها رسول الله صلى الله عليه وسلم الرد عليهم
بان تقول أبي موسى عليه السلام
وعمي هارون عليه السلام
وزوجي محمد عليه أفضل الصلاة والتسليم .. ..!
فأعمدة نسبها كلهم انبياء ..
وهذه القصة كانت قبل نزول هذه الآيات ..
( ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون ) :
( أولئك ) بعيدون في الذم لمكانهم المتدني ..
( هم ) حرف في صورة الاسم
وهو ضمير فصل وعماد لامحل له من الاعراب ..
ومحله في البلاغة .. جاء هنا لتأكيد الحصر ..
أي هم الظالمون لا غيرهم لأنهم جمعوا ظلما ثلاثيا ..
جاء حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم :
" التوبة الندم "
والندم ان تستقبح ماصدر منك وتتمنى لو لم تكن فعلت ..
باعتباره تجاوز حدا من حدود الله
وليس خوفا من المرض أو الهلاك فهذا ليس ندما ..
الندم هو ترك المعصية لأنها معصية ...
والناس ينقسمون باعتبار التوبة الى اثنين
" تائب وظالم "
ولاثالث لهما ..
والحمد لله رب العالمين
~~

__________________
..

المغالطة الرابعة
في فهم قوله تعالى :"إن الله لا يغير مابقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم "

المحاضرة العشرون

..