بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله واله وصحبه ومن والاه
أما بعد :
[ صلاة الضحى , صلاة الأوابين ]
أولاً : فضل صلاة الضحى :
وردت أحاديث في فضل صلاة الضحى ، أذكر منها الأحاديث التالية :
1 - عن أبي ذر ،عن النبي صلى الله عليه وسلم ؛ أنه قال:
يصبح على كل سلامى [1] من أحدكم صدقة ؛ فكل تسبيحة صدقة ، وكل تحميدة صدقة ، وكل تهليلة صدقة ، وكل تكبيرة صدقة ، وأمر بالمعروف صدقة ، ونهي عن المنكر صدقة ،ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى" .
أخرجه مسلم.[2]
2 - عن أبي الدرداء و أبي ذر،عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ،عن الله عز وجل؛ أنه قال :
ابن آدم اركع لي من أول النهار أربع ركعات ؛ أكفك آخره.
أخرجه الترمذي.[3]
3 - عن أبي هريرة ؛قال : عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
لا يحافظ على صلاة الضحى إلا أواب . قال: "وهي صلاة الأوابين".
أخرجهابن خزيمة والحاكم.[4]
ثانيا ً : حكم صلاة الضحى:
الأحاديث السابقة وأمثالها تبين أن الصلاة وقت الضحى حسنة محبوبة.[5]
وفيها ما يدل على مشروعية المداومة عليها.[6]
ولم يثبت ما يدل على وجوبها .
ثالثا ً : وقت صلاة الضحى:
يبدأ وقت صلاة الضحى من طلوع الشمس إلى الزوال .
وأفضله وقت اشتداد الشمس .
الدليل على ذلك ما يلي:
أما أول وقتها ؛ فيدل عليه حديث أبي الدرداء و أبي ذر السابق ، ومحل الشاهد فيه : "اركع لي من أول النهار أربع ركعات
وكذا ما جاء عن أنس رضيالله عنه : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" من صلى الغداة في جماعة ، ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس ، ثم صلى ركعتين[7]؛ كانت له كأجر حجة وعمرة ، تامة تامة تامة " .
أخرجه الترمذي.[8]
وعن أبي أمامة ؛ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" من صلى صلاة الصبح في مسجد جماعة ، يثبت فيه حتى يصلي سبحة الضحى ،كان كأجر حاج أو معتمر ؛ تاماً حجته وعمرته".
أخرجه الطبراني .
وفي رواية :" من صلى صلاة الغداة في جماعة ، ثم جلس يذكر الله حتى تطلع الشمس…"
أخرجها الطبراني.[9]
أما خروج وقتها بالزوال ؛ فلأنها صلاة الضحى .
أما وقت الفضيلة فيها ؛ فيدل عليه ما جاء عن زيد بن أرقم ؛ أنه رأى قوماً
يصلون من الضحى ، فقال: أما لقد علموا أن الصلاة في غير هذه الساعة أفضل، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" صلاة الأوابين حين ترمض[10]الفصال".
أخرجه مسلم.[11]
رابعاً : عدد ركعات صلاة الضحى وصفتها:
يشرع للمسلم أن يصلي صلاة الضحى ركعتين أو أربع أو ست أو ثمان أواثني عشرة ركعة.
يصليها ركعتين ركعتين إن شاء .
أما أنها تصلى ركعتين؛ فيدل عليه حديث أبي ذر: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"يصبح على كل سلامى من أحدكم صدقة… (الحديث وفيه : ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى".
أخرجه مسلم[12]
أما أنها تصلى أربع ركعات ؛ فيدل عليه حديث أبي الدرداء و أبي ذر ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، عن الله عز وجل ؛ أنه قال : "ابن آدم! اركع لي من أول النهار أربع ركعات؛ أكفك آخره".
أخرجه الترمذي[13].
أما أنها تصلى ست ركعات ؛ فيدل عليه حديث أنس بن مالك " أن النبي صلى الله عليه وسلم
كان يصلي الضحى ست ركعات ".
أخرجه الترمذي في "الشمائل"[14].
أما أنها تصلى ثمان ركعات ؛ فيدل عليه حديث أم هانئ ؛ قالت: "لما كان عام الفتح، أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بأعلى مكة ، قام رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى غسله ، فسترت عليه فاطمة ، ثم أخذ ثوبه ، فالتحف به ، ثم صلى ثمان ركعات سبحة الضحى"[15].
أخرجه الشيخان.[16]
أما أنها تصلى اثني عشرة ركعة ؛ فيدل عليه حديث أبي الدرداء رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من صلى الضحى ركعتين ؛ لم يكتب من الغافلين ، ومن صلى أربعاً ؛ كتب من العابدين ، ومن صلى ستاً ؛كفي ذلك اليوم ، ومن صلى ثمانياً؛ كتبه الله من القانتين ، ومن صلى ثنتي عشرة ركعة؛ بنى الله له بيتاً في الجنة ، وما من يوم ولا ليلة إلا لله من يمن به على عباده صدقة، وما من الله على أحد من عباده أفضل من أن يلهمه ذكره".
أخرجه الطبراني.[17]
وقلت : وعلى هذه الأحاديث يحمل إطلاق السيدة عائشةرضي الله عنها لما سألتها معاذة : كم كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي صلاة الضحى؟ قالت: "أربع ركعات، ويزيد ما شاء الله".
أخرجه مسلم.[18]
أما أنهاتصلى ركعتين ركعتين ؛ فيدل عليه عموم قوله عليه الصلاة والسلام :
" صلاة الليل والنهار مثنى مثنى"[19].
وللمسلم أن يصلي الأربع متصلات ؛ كالصلاة الرباعية ، ويدل عليه إطلاق لفظ الأحاديث الواردة في ذلك ؛ كقوله صلى الله عليه وسلم : " اركع لي من أول النهار أربع ركعات" ، وكقوله :" من صلى أربعاً ؛ كتب من العابدين". والله أعلم.أ هـ
من رسالة بعنوان ( بغية المتطوع في صلاة التطوع )
للشيخ الدكتور / محمد عمر سالم بازمول - حفظه الله تعالى –
لتحميل الرسالة اضغط على الرابط ( الرسالة كاملة )
هذا وصلى الله على رسوله محمد وعلى اله وصحبه وسلم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
([1]) سلامى : مفرد ، جمعه : السلاميات ، وهى مفاصل الأصابع ، ثم استعمل في جميع عظامالبدن ومفاصله. "شرح مسلم للنووي" (5/233). ([2]) حديث صحيح . أخرجهمسلم في (كتاب صلاة المسافرين وقصرها ، باب استحباب صلاة الضحى و أن أقلها ركعتانوأكملها ثمان ركعات وأوسطها أربع ركعات أو ست والحث على المحافظة عليها ، حديث رقم 720) 0 وانظر: "جامع الأصول" (9/436). ([3]) حديث حسن . أخرجه أحمدفي "المسند" (6/440، 451) ، و أخرجه الترمذي في (كتاب الصلاة ، باب ما جاء في صلاةالضحى ، حديث رقم 475). والحديث قال عنه الترمذي :" حسن غريب" ، وصححه الشيخأحمد شاكر في " تحقيقه" للترمذي، والألباني في "صحيح سنن الترمذي" (1/147) ، وحسنهمحقق " جامع الأصول" (9/437) . ([4]) حديث حسن . أخرجه ابن خزيمة (2/228)، والحاكم في "المستدرك" (1/314) واللفظ لهما ، و أخرجه الطبراني في "الأوسط" (2/279 – مجمع البحرين) ؛ دون قوله :" وهي صلاة الأوابين" . والحديث صححه الحاكم على شرط مسلم ، وحسنه الألباني في "سلسلة الأحاديثالصحيحة" (حديث رقم 1994). ([5]) "مجموع الفتاوى" (22/284). ([6]) هذا هو ظاهر ما تدل عليه الأحاديث السابقة . "نيل الأوطار" (3/77). أماالشيخ ابن تيمية ؛ فإنه رحمه الله بعد أن قرر اتفاق أهل العلم بسنته على أن النبيصلى الله عليه وسلم لم يكن يداوم على صلاة الضحى ، ثم قرر استحبابها ؛ قال :"بقي أنيقال: فهل الأفضل المداومة عليها؟ أو الأفضل ترك المداومة اقتداء بالنبي صلى اللهعليه وسلم ؟ هذا مما تنازعوا فيه . والأشبه أن يقال : من كان مداوماً على قيامالليل ؛ أغناه عن المداومة على صلاة الضحى ؛ كما كان النبي صلى الله عليه وسلم ،ومن كان ينام عن قيام الليل ؛ فصلاة الضحى بدل عن قيام الليل ". اهـ. "مجموعالفتاوى" (22/284) قلت : لكن ظاهر النصوص استحباب المداومة على الإطلاق ،وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدع العمل وهو يحب أن يعمل به خشية أن يعملبه الناس فيفرض عليهم ؛ فهذا علة عدم مداومته عليه الصلاة والسلام، فتبقى النصوصعلى إطلاقها وقد أشارت إلى شيء من هذا السيدة عائشة رضي الله عنها. انظر: "جامعالأصول" (6/108-109) ([7]) قال الطيبي :" وهذه الصلاة تسمى صلاة الإشراق ،وهي أول صلاة الضحى". نقله في "تحفة الأحوذي" (1/405). قلت: وقد قدمت لك ذلكبأبسط من هذه الإشارة ؛ فانظر (1-4 صلاة الإشراق). ([8]) حديث حسن لغيره . أخرجه الترمذي في (كتاب الصلاة ، باب ذكر ما يستحب من الجلوس في المسجدبعد صلاة الصبح حتى تطلع الشمس). والحديث قال عنه الترمذي :" حسن غريب" اهـ، وحسنه بشواهد المباركفوري في "تحفة الأحوذي" (1/406)، ووافقه الشيخ أحمد شاكرفي تحقيقه للترمذي (2/481) ، وحسنه الألباني في "صحيح سنن الترمذي" (1/182) ، وحسنهبشواهده محقق " جامع الأصول" (9/401). قلت : ومن شواهده الحديث التالي . ([9]) حديث حسن . أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (8/174، 181،( 209). والحديث جود إسناده المنذري والهيثمي ، وحسنه الألباني في "صحيحالترغيب والترهيب" (1/189) . وانظر: "مجمع الزوائد" (10/104). ([10]) قالالنووي في "شرح مسلم" (6/30): "الرمضاء: الرمل الذي اشتدت حرارته بالشمس ؛ أي: حينيجد الفصيل حر الشمس ، والفصيل : الصغار من أولاد الإبل ". اهـ. وانظر: "نيلالأوطار" (2/81) ([11]) حديث صحيح . أخرجه مسلم في (كتاب صلاةالمسافرين وقصرها ، باب صلاة الأوابين حين ترمض الفصال، حديث رقم 748). ([12]) سبق قبل قليل تخريجه ([13]) سبق قبل قليل تخريجه ([14]) حديث صحيح لغيره . أخرجه الترمذي في (كتاب الشمائل ، بابصلاة الضحى ، حديث رقم 273) والحديث صححه لغيره في "مختصر الشمائل المحمدية" (56) ، وذكر شواهده وطرقه في "إرواء الغليل" (2/216). ([15]) فيه رد علىمن زعم أن هذه الصلاة هي صلاة الفتح وليست صلاة الضحى : انظر: "زاد المعاد" (3/410)، و "عون المعبود" (1/497). ([16]) حديث صحيح . أخرجه البخاري فيمواضع منها في (كتاب التهجد ، باب صلاة الضحى في السفر ، حديث رقم 1176) ، ومسلم في(كتاب الحيض ، باب تستر المغتسل بثوب ونحوه ، حديث رقم 336) واللفظ له. وانظر: "جامع الأصول" (6/110) ([17]) أورد هذا الحديث الهيثمي في "مجمع الزوائد" (2/237) ، وقال :" رواه الطبراني في "الكبير" ، وفيه موسى بن يعقوب الزمعي؛ وثقهابن معين وابن حبان وضعفه ابن المديني وغيره ، وبقية رجاله الثقات". اهـ. قلت : موسى بن يعقوب صدوق سييء الحفظ ؛ كما في "التقريب" (ص 554) ، وقدأخرج البزار "كشف الأستار" (2/334) ما يشهد له عن أبي ذر ، أورده المنذري في "الترغيب" وحسن الألباني حديث أبي الدرداء و أبي ذر في "صحيح الترغيب والترهيب" (1/279). ([18]) حديث صحيح . أخرجه مسلم في (كتاب صلاة المسافرينوقصرها ، باب استحباب صلاة الضحى و أن أقلها ركعتان وأكملها ثمان ركعات وأوسطهاأربع ركعات أو ست والحث على المحافظة عليها ، حديث رقم 719) ([19]) حديثصحيح . تقدم تخريجه ، انظر : المسألة الثانية في (2-2-2). =تنبيه : جاءت رواية لحديث أم هانئ المتقدم بلفظ :" إن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلىسبحة الضحى ثمان ركعات ؛ يسلم من كل ركعتين "، وحديث أم هانئ أصله في "الصحيحين" ،ولكن بغير هذا اللفظ. و أخرجه به أبو داود في (كتاب الصلاة ، باب صلاة الضحى، حديث رقم 1234، 2/234). وفي السند عندهما : عياض بن عبد الله ، والراويعنه : عبدالله بن وهب؛ قال أبو حاتم عن عياض : "ليس بالقوي " وذكره ابن حبان في "الثقات" . وقال الشاجي: "روى عنه ابن وهب أحاديث فيها نظر". وقال يحيى ابن معين : "ضعيف الحديث". وقال أبو صالح : "ثبت ، له بالمدينة شأن كبير ، في حديثه شيء". وقالالبخاري :" منكر الحديث". "تهذيب التهذيب" (8/201). قلت: حديثه هنا يرويهعنه ابن وهب ، والظاهر من حال الرجل أنه لا يحتمل تفرده ، وهذا اللفظ تفرد به. والله أعلم .
والحديث بهذا اللفظ ضعفه الألباني في تعليقه على "صحيح ابنخزيمة" (2/234) ، وفصل في بيان علته في "تمام المنة" (58- 259) .