إقامته نقضٌ خطيرٌ للحقوق التي نصَّ عليها الإسلام"
علماء دين باكستانيون ينددون ببناء "الجدار الفولاذي" ويعتبرونه إبادة جماعية للفلسطينيين جانب من مظاهرات الباكستانيين المندِّدة بالجدار
انضمَّ علماء دينٍ باكستانيون بارزون إلى نظرائهم في العالم الإسلامي بالتنديد ببناء "الجدار الفولاذي" والإسمنتي الهائل الذي تشيده القاهرة على حدودها مع قطاع غزة، واعتبر هؤلاء العلماء أن هذا الجدار سيخنق القطاع ويؤدي بسكانها إلى المجاعة والموت. فقد حمل جمعٌ من علماء الدين الباكستانيين من مختلف المدارس الفقهية بشدةٍ على القاهرة، معتبرين أنها باتت أداةً في يد واشنطن و"تل أبيب"، وحث العلماء الباكستانيون الأمة الإسلامية على الارتقاء إلى مستوى الحدث، داعين إلى وقفةٍ عاجلةٍ باسم الأخوة والمبادئ الإسلامية لمساعدة المظلومين. ومن المقرَّر أن ينظِّم عددٌ من الجماعات الدينية وعلماء الدين في باكستان احتجاجات خلال الأيام المقبلة للتنديد بالتحرُّك المصري لبناء "الجدار الفولاذي"، في الوقت الذي عقدت فيه بالفعل بعض المؤسَّسات التعليمية الإسلامية الكبرى في باكستان كـ"الجامعة الأشرفية" في مدينة لاهور التابعة لـ"المدرسة الديوبندية الحنفية" سلسلة لقاءات؛ نددت خلالها بموقف القاهرة، واعتبرت إقامة الجدار مخالفة صريحة وانتهاكًا صارخًا لتعاليم الدين الإسلامي، وطالبت بإلغاء القرار فورًا. وقد استكملت القاهرة بالفعل المراحل الأولى من بناء الجدار بطول عشرة كيلومترات وبعمق يتراوح بين 50 - 60 قدمًا في الأرض؛ من أجل سد الأنفاق التي "يتهم" الاحتلال الفلسطينيين باستخدامها في "تهريب" الأسلحة إلى جانب المواد الغذائية إلى قطاع غزة؛ وذلك على الرغم من قيام القاهرة فعليًّا بإغلاق المعابر الحدودية مع القطاع المُحاصَر خلال السنوات الماضية بطلبٍ من "تل أبيب". وتُعَد الحدود بين قطاع غزة والجانب المصري الصلة الوحيدة للقطاع مع العالم الخارجي منذ بدء الاحتلال الصهيوني إقامة جدارٍ مماثلٍ على حدود قطاع غزة مع الأراضي المحتلة؛ الأمر الذي يحوِّل القطاع بحقٍّ إلى معسكر اعتقالٍ. وقال عالم الدين الباكستاني البارز ورئيس "لجنة رؤية الهلال" المفتي منيب الرحمن؛ إن الخطوة المصرية ربما تعطي محفزًا لـ"إسرائيل" على اقتراف إبادةٍ جماعيةٍ بحق الفلسطينيين يمكن أن تؤديَ -لا قدَّر الله- إلى القضاء على الفلسطينيين المسلمين في أرض فلسطين، وتمكين "إسرائيل" من السيطرة على كامل التراب الفلسطيني. وفي حديثه لـ"المركز الفلسطيني للإعلام" اليوم الإثنين (11-1)؛ أكد المفتي منيب الرحمن، أن تداعيات بناء "الجدار المصري"، ربما تكون أكثر كارثية من الجدارَيْن "الإسرائيلي" والألماني؛ حيث إنه يمكن أن يؤديَ إلى تغيير جغرافيا العالم على نطاقٍ واسعٍ. وأضاف المفتي أن "الجدار يتناقض مع مبادئ الأخوة الإسلامية ومساعدة المظلوم"، مستغربًا "ذرائع القاهرة الواهية لتبرير بناء الجدار، كالحديث عن الأمن القومي، وإقامة سجنٍ لمليون ونصف المليون فلسطيني مسلمين يخضعون لحصارٍ "إسرائيليٍّ" - مصريٍّ محكمٍ طيلة السنوات الماضية؛ تسبب بوفاة الآلاف من المرضى والأطفال وغيرهم من الفلسطينيين. ورأى المفتي منيب الرحمن -والذي يرأس كذلك اتحادًا للمدارس الدينية البريلوية في باكستان- أن مصر باتت لا تنفك عن الدوران في فلك السياسات الأمريكية منذ التوقيع على "اتفاقية كامب ديفيد"، وتنفيذ أجندة واشنطن في المنطقة. وأشار منيب الرحمن إلى أن سكان غزة المُحاصَرين لا يهدِّدون الأمن المصري إطلاقًا عبر "تهريبهم" كميات يسيرة من الطعام والحليب والدواء وغيرها عبر الحدود المصرية، وهم يحاولون بذلك تقليص الشح الخطير للمواد التموينية الضرورية. من جانبه صرَّح الحافظ فضل الرحيم رئيس "الجامعة الأشرفية" في مدينة لاهور لـ"المركز الفلسطيني للإعلام" قائلاً: "إن الخطوة المصرية لإقامة جدارٍ مماثلٍ للجدار "الإسرائيلي" ضد الفلسطينيين يُدمي أفئدة الأمة الإسلامية جمعاء، وإننا في باكستان نشعر بأسًى عميقٍ لما يجري، ولا نملك الكلمات المناسبة لإدانة الإدارة المصرية برئاسة مبارك". وأضاف فضل الرحيم أن القاهرة لم تقم فقط بمجرد إعطاء ظهرها لإخوانها المسلمين، "بل إنها خانت الله سبحانه وتعالى بتخلِّيها عن القبلة الأولى لأعداء الإسلام بدلاً من إعلان الجهاد لتحرير المسجد الأقصى". أما مولانا عبد المالك العالم البارز ورئيس "جمعية اتحاد العلماء" فقد وصف "الجدار المصري" بأنه "ضد الإسلام وضد الإنسانية"، معتبرًا إقامته نقضًا خطيرًا للحقوق التي نصَّت عليها تعاليم الإسلام، "وكذلك نقضًا واضحًا لما يتردَّد كثيرًا حول الحقوق الأساسية للإنسان". وأشار عبد المالك إلى أن هذه الخطوة التي تسمح لأعداء الإسلام بارتكاب القتل الجماعي للمسلمين، خطوةٌ تبعث على التنديد بأشد عبارات الشجب والاستنكار، وعلى الأمة رفع صوتها عاليًا ضد بناء "الجدار الفولاذي". وقد ساوى مولانا عبد المالك بين الخطوة المصرية والخطوة الباكستانية بتغيير سياساتها تجاه أفغانستان وتقديم العون إلى القوات الأمريكية للإطاحة بنظام الحكم الإسلامي لـ"حركة طالبان" في أفغانستان على خلفية أحداث 11 من أيلول (سبتمبر)، قائلاً: "إن ما قام به حسني مبارك يشابه الدعم اللوجستي والإستراتيجي الذي قدَّمه الجنرال برويز مشرف إلى القوات الأمريكية الغازية لأفغانستان؛ الأمر الذي أدَّى إلى مجزرةٍ راح ضحيتها أكثر من مليون مسلم". كما انتقد عبد المالك فتوى "الأزهر" التي برَّرت بناء الجدار تحت ذريعة الأمن القومي، قائلاً: "إن أية فتوى تتناقض مع ما جاء في القرآن الكريم والسنة النبوية وتتناقض مع مبادئ الأخوة الإسلامية، بل وكذلك حقوق الإنسان؛ فتوى باطلة، ولا وزن لها في نظر علماء المسلمين، وإن أي شيء من هذا القبيل ربما صدر تحت ضغط من الحكومة". من جانبه قال المرجع الشيعي العلامة عبد الجليل النقوي: "إن مساعدة القاهرة الخطيرة لاقتراف مجزرةٍ مرجَّحةٍ بحق الملايين من المسلمين الفلسطينيين وصمة عار للأمة بأسرها". وأوضح النقوي -والذي يترأس أكبر حزبٍ سياسيٍّ شيعيٍّ في باكستان، في حديثٍ لـ"المركز الفلسطيني للإعلام"- أن "مصر كانت دومًا شريكًا لـ"إسرائيل" والولايات المتحدة في ارتكاب جرائم الإبادة بحق الفلسطينيين؛ وذلك على الرغم من الاحتجاجات الجادة للأمة المسلمة". واعتبر النقوي أن الخطوة المصرية لبناء جدارٍ مماثلٍ للجدار الذي يبنيه الاحتلال الصهيوني على ما تبقَّى من الحدود مع قطاع غزة، ليس سوى عداءٍ محضٍ للإسلام. وتساءل النقوي عن ماهية الشريعة التي ساق من خلالها "الأزهر" تبريره مساعدةَ المخططات الصهيونية لإبادة السكان الفلسطينيين في غزة، معربًا عن اعتقاده أن "الأزهر" بات يعمل تحت عبودية النظام الحاكم في القاهرة بدلاً من الله سبحانه وتعالى.