السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وددت اليوم أن آخُذَكم فى رحلة عبر التاريخ الزاهر ..والماضى الشامخ .. رحلة بين ربوع الأندلس .. منارة العلم والثقافة والتحضر .. فى الوقت الذى كانت أوروبا تقبع فى ظلام العصور الوسطى .. وذلك من خلال قصيدة أحزان فى الأندلس للشاعر نزار قبانى .. والتى تنقلها معها نقلة نوعية عبر الزمن .. إلى تلك الحضارة التى لم يبقى منها سوى .. رفات المجد الشامخ .. رفات حضارة ظلت تشع بنور العلم والسمو لقرابة نحو ثمانية عقود من الزمن .. وذلك مع إسقاطات على الواقع ..
والآن أترككم مع القصيدة الرائعة ..
......................
أحزان في الأندلس
كتبتِ لي يا غاليه..
كتبتِ تسألينَ عن إسبانيه
عن طارقٍ، يفتحُ باسم الله دنيا ثانيه..
عن عقبة بن نافعٍ
يزرع شتلَ نخلةٍ..
في قلبِ كلِّ رابيه..
سألتِ عن أميةٍ..
سألتِ عن أميرها معاويه..
عن السرايا الزاهيه
تحملُ من دمشقَ.. في ركابِها
حضارةً وعافيه..
لم يبقَ في إسبانيه
منّا، ومن عصورنا الثمانيه
غيرُ الذي يبقى من الخمرِ،
بجوف الآنيه..
وأعينٍ كبيرةٍ.. كبيرةٍ
ما زال في سوادها ينامُ ليلُ الباديه..
لم يبقَ من قرطبةٍ
سوى دموعُ المئذناتِ الباكيه
سوى عبيرِ الورود، والنارنج والأضاليه..
لم يبقَ من غرناطةٍ
ومن بني الأحمر.. إلا ما يقول الراويه
وغيرُ "لا غالبَ إلا الله"
تلقاك في كلِّ زاويه..
مضت قرونٌ خمسةٌ
مذ رحلَ "الخليفةُ الصغيرُ" عن إسبانيه
ولم تزل أحقادنا الصغيره..
كما هيَه..
ولم تزل عقليةُ العشيره
في دمنا كما هيه
حوارُنا اليوميُّ بالخناجرِ..
أفكارُنا أشبهُ بالأظافرِ
مَضت قرونٌ خمسةٌ
ولا تزال لفظةُ العروبه..
كزهرةٍ حزينةٍ في آنيه..
كطفلةٍ جائعةٍ وعاريه
نصلبُها على جدارِ الحقدِ والكراهيه..
مَضت قرونٌ خمسةُ.. يا غاليه
كأننا.. نخرجُ هذا اليومَ من إسبانيه..
أتمنى أن تكون القصيدة قد نالت على إعجابكم ..
مع خالص شكرى واحترامى
سفير الأمل