01-23-2010, 11:43 PM
|
|
تجمع عالمي للتضامن مع المقاومة العربية حسين عطوي انعقد في بيروت في الفترة الواقعة ما بين 15 - 17 شهر يناير الجاري، ملتقى عربي دولي لدعم المقاومة، شارك فيه ممثلو أحزاب وقوى، وحركات، وشخصيات، وفعاليات عالمية، وإسلامية، وعربية، ومحلية لبنانية تجاوز عددها الـ 3000 شخصية فيما لم يتمكن الكثيرون من الحضور بسبب عوائق ظهرت في اللحظة الأخيرة لقدومهم إلى بيروت، حيث كان من المقدر أن يتخطى الحضور الـ 5000 شخصية من جميع بلدان العالم في قاراته الخمس. فإلى جانب قادة، وممثلي حركات المقاومة العربية، وقادة أحزاب وحركات وطنية، وقومية ويسارية، إسلامية عربية، كان أبرز الحضور من الشخصيات الدولية، وزير العدل الأميركي السابق رمزي كلارك، والكاتب ستاتلي كوهين، وأيان بيكر من أميركا، والنائب البريطاني جورج غالاوي، والرئيسة السابقة للبرلمان البلجيكي. على أن المهم في الأمر هو أن كل هذا الحشد الكبير، الذي أتى إلى بيروت، كان مشاركاً في الدعوة إلى هذا الملتقى، ليؤكد تبنيه للمقاومة، وضرورة دعمها، ومساندتها باعتبارها حق للشعوب في مواجهة الاحتلال، والاستعمار لتحرير أراضيها من نير الاحتلال، ونيل حريتها، وإنجاز استقلالها الوطني، وتحقيق كرامتها، وعزتها. وإذا كان ذلك يؤشر إلى حجم التأييد المتزايد لنهج، وخيار المقاومة في مجابهة الهجمة الاستعمارية الغربية، وحلفائها التي تستهدف إخضاع شعوب المنطقة، وكسر إرادتها بغية السيطرة نهائياً على ثرواتها، وفي مقدمها النفط، الذي يشكل عصب، وشريان الصناعة، والطاقة الأساسية التي يعتمد عليها العالم، فإن لانعقاد الملتقى في بيروت، والنتائج التي أسفر عنها أهمية كبيرة من حيث التوقيت، والدلالات، والنتائج المرجوة منه. أولاً: في التوقيت: لا شك في أن انعقاد الملتقى في بيروت، في هذا التوقيت بالذات، لم يكن ليتم لو لم يتكرس خيار وشرعية المقاومة على الصعيد الرسمي اللبناني بعد صراع مرير شهدته الساحة اللبنانية بين معسكر المقاومة والقوى التي انضوت تحت لواء المشروع الأميركي، وتوسلت من خلال القرار 1559 نزع سلاح المقاومة، وفرض مشروع أمركة لبنان. وقد تجلى تكريس خيار وشرعية المقاومة، وسقوط المشروع الأميركي في لبنان أخيراً في تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، التي تمثلت فيها المقاومة بوزيرين، ليؤشر ذلك إلى أحد أهم تجليات تثبيت الانتصار التاريخي، والاستراتيجي للمقاومة، والتسليم به حقيقة، لا يمكن القفز فوقها، أو التنكر لها بعدما عجزت القوة الصهيونية، الذراع الأميركية الغربية الأقوى في المنطقة عن القضاء على المقاومة على مدى 33 يوماً من الحرب التي شنتها ضدها عام 2006. ويمكن القول إن هذا التحول السياسي الهام، والكبير الذي نتج عن انتصار المشروع المقاوم في لبنان شكل البيئة، والمناخ الضروري كي تحتضن، وتستقبل بيروت هذا الملتقى الكبير، مستعيدة بذلك وجهها العربي المقاوم، ودورها الرائد في احتضان أحرار العالم الذين قرروا، وعن قناعة، وإيمان، أن يأتوا للوقوف إلى جانب المقاومة، وتكبد عناء السفر، والمجيء إلى بيروت، لأجل المساهمة عملياً في تأكيد هذا الموقف النبيل، والحر، والمساهمة في فضح، وتعرية أهداف الدول الاستعمارية الغربية من الخلط بين المقاومة، والإرهاب، والتصدي للسياسة الأميركية التي تعمل على تشويه صورة، وسمعة المقاومة ضد الاحتلال في فلسطين، ولبنان، والعراق، وأفغانستان بعد أن فشلت واشنطن في القضاء عليها عبر القوة العسكرية، والحصار، والضغوط، كما أن توقيت انعقاد الملتقى يأتي بعد فشل المشروع الأميركي في المنطقة الذي توسل عبر غزو العراق فرض سيطرته على كل المنطقة، وإعادة رسم خارطتها وفق منظور مصالح الولايات المتحدة الإقليمية، وهذا الفشل تجلى في انتصار معسكر المقاومة، والممانعة ممثلاً بسوريا، وإيران اللتين شكلتا القوة الأساسية التي وقفت سداً منيعاً أمام تمدد المشروع الأميركي، وحالتا، من خلال احتضانهما للمقاومة، ودعمهما لها، دون تمكن هذا المشروع من تحقيق أهدافه الاستعمارية. وتولد عن ذلك نشوء موازين قوى جديدة في المنطقة لصالح مشروع المقاومة، والممانعة، الذي تعزز، وازداد قوة، ومناعة بعد التحول الكبير، والهام في السياسة التركية، والتي عبر عنها في انتقال تركيا من موقع الحليف للكيان الصهيوني عسكرياً، وسياسياً، إلى موقع الداعم، والمناصر للعرب ضد العدوان الصهيوني، والرافض لنهج الهيمنة على شعوب المنطقة، وشكل هذا التحول في موقف تركيا إخلالاً مهماً في موازين القوى لصالح المشروع المقاوم، والممانع لما تشكله تركيا من قوة إقليمية هامة في المنطقة، وموقع جغرافي، وصلة وصل هامة بين الشرق والغرب، وجمهوريات آسيا الوسطى. وانطلاقاً من هذا التحول، كان الحضور التركي أساسي وهام، ومميز في الملتقى العربي الدولي لدعم المقاومة، ليتجسد بذلك إقران المواقف التركية الرسمية بمزيد من الأفعال على أرض الواقع. ثانياً: الدلالات: لقد كان لانعقاد هذا الملتقى في بيروت دلالات عديدة هامة أبرزها: 1- تأكيد الحركات والقوى، والهيئات، والشخصيات الدولية المشاركة على مواصلة الكفاح، والنضال إلى جانب العرب ضد الاحتلال، والاستعمار، وانتقال هذه الفعاليات إلى مستوى، وطور جديد من هذا النضال المتمثل بانخراطها، ومشاركتها العملية في دعم نضال الشعب العربي، ومقاومته في لبنان، وفلسطين، والعراق، والذي تجلى بوضوح في: - المساهمة الأساسية، والهامة بتنظيم التظاهرات، والفعاليات الشعبية في دولها، والمنددة بالعدوان الصهيوني على لبنان سنة 2006، وخلال العدوان على غزة سنة 2008 - 2009. - استمرارها في دعم صمود الشعب الفلسطيني المحاصر في قطاع غزة، ومساندته عبر تنظيم قوافل المساعدات لكسر الحصار المفروض على القطاع، والتي كان آخرها قافلة شريان الحياة التي تمكنت من تجاوز كل الصعاب التي زرعها في طريقها النظام المصري لمنعها من الوصول إلى غزة عبر معبر رفح، واستطاعت بفضل الإصرار، والإرادة بلوغ هدفها، ودخول غزة، وإيصال المساعدات التي حملتها معها من البلدان الأوروبية. 2- التطور الهام في عملية التنسيق، والتواصل، والتفاعل، والتعاون بين الحركات الشعبية التقدمية في العالم مع حركات المقاومة العربية، والقوى، والأحزاب التحررية التقدمية التي تجمعها قضية مشتركة، وهي التحرر من نير الاحتلال، والاستعمار، والتبعية، وتحقيق الاستقلال الوطني، وإقامة علاقات، إنسانية بين شعوب العالم تقوم على التعاون، والتفاعل الحضاري، والإنساني. 3-ـ إن الحضور الكثيف في الملتقى كماً، ونوعاً أشر على دلالة هامة، وهي تراجع مشروع الهيمنة، والسيطرة الاستعمارية في المنطقة، والعالم، وتقدم، وانتعاش مشروع المقاومة، والممانعة، والتحرر، والحركات المناهضة للعولمة الامبريالية غير الإنسانية. فهذا الملتقى يحصل في وقت تعاني فيه الولايات المتحدة الأميركية من مأزق كبير في العراق، وأفغانستان بفعل المقاومة الضارية، والقوية التي تتعرض لها قواتها المحتلة مما أدى، ويؤدي إلى استمرار نزفها المادي، والبشري، ورفع كلفة احتلالها الأمر الذي يزيد، ويفاقم أزمتها الاقتصادية، والمالية العاصفة بها، والتي أدت إلى إسدال الستار على مشروع هيمنتها الأحادية على القرار الدولي، لينشأ بديلاً عنه نظام دولي جديد يقوم على التعددية الدولية، والإقليمية مما أسهم في تعزيز المشروع التحرري، والمقاوم للهيمنة الاستعمارية، والتبعية الاقتصادية في كل أنحاء العالم، وتعزيز الفرص أمامه لأجل تحقيق المزيد من المكاسب، والانجازات. 4- شكل انعقاد الملتقى بحد ذاته دليلاً إضافياً جديداً على مستوى الوعي المتنامي لدى شعوب العالم، والذي يدفعها إلى تشكيل هذه الظاهرة العالمية الأممية التي ما كانت لتأخذ طريقها إلى النور، وتتطور لولا الانتصارات التي حققتها نضالات المقاومة ضد المشروع الاستعماري في المنطقة، وأدت إلى انكساره، وإحباط أهدافه، وجعله يترنح، وينزف، ويضطر إلى البحث عن مخارج لمأزقه المتفاقم، وهو ما برز في تغيير أسلوبه، واضطراره مكرها إلى فتح قنوات الحوار مع دول الممانعة، سوريا، وإيران، ما أدى إلى تعزيز موازين القوى لصالح الدول الممانعة، وازدياد قوة، ومكانة سوريا عربيا إقليميا لم يعد ممكنا تجاهلها في معالجة أية ملفات أساسية في المنطقة، وقد أدى ذلك إلى إصابة دول ما يسمى حلف الاعتدال العربي بصدمة كبيرة، كون رهانها على المشروع الأميركي، والقوة الأميركية قد مني بالفشل الذريع، ومن الطبيعي أن ينعكس ذلك إرباكاً في جبهة هذا الحلف، وإلى دفع بعض دوله إلى إعادة النظر بالموقف من سوريا، والانفتاح عليها، والبحث معها في سبل التنسيق، والتعاون لمواجهة التحديات المتزايدة في المنطقة العربية، وخصوصاً في اليمن، والعراق، وفلسطين. وهذا الوعي الذي يبرز في أوساط الرأي العام الغربي، والذي أشرت إليه استطلاعات الرأي الدولية تجلى بوضوح في حجم المعارضة الشعبية في الغرب للسياسات العدوانية الصهيونية، والاستعمارية الغربية، وهو أمر أسهم، ويسهم فيه الإعلام المقاوم، والمتحرر من فلك السيطرة الاحتكارية الأميركية، والأنظمة التابعة لواشنطن، الأمر الذي يفسر الأسباب الحقيقة الكامنة وراء إصدار القانون الأميركي لمعاقبة أصحاب الأقمار الاصطناعية العربية التي تبث عبرها قنوات فضائية عابرة للحدود، تدعم خيار المقاومة، وتقف ضد السياسات الأميركية الداعمة للاحتلال الصهيوني، والساعية إلى إعادة فرض الاستعمار القديم، والجديد على المنطقة العربية، والعالم حيث يكشف هذا القانون عن محاولة خبيثة وفاضحة لقمع حرية التعبير، وكل صوت إعلامي لا يتفق مع السياسة الأميركية، وإلى التدخل في شؤون الدول, وانتهاك سيادتها بغية حجب الحقائق عن الرأي العام العالمي، وجعله ينصت لما تقوله، وسائل الإعلام الأميركية الغربية فقط. النتائج: من دون أدنى شك، فإن هذا المؤتمر هدف إلى تنسيق الجهود لمواجهة، وفضح السياسة الأميركية لتشويه سمعة المقاومة، وذلك عبر سياسة القوة الناعمة التي جرى اعتمادها أسلوباً بديلاً عن سياسة القوة الصلبة التي فشلت في القضاء على المقاومة. ويمكن القول إن الملتقى نجح في الإضاءة على هذا الجانب من جميع الزوايا السياسية، والقانونية والإعلامية، والثقافية، إضافة إلى أن كلمات السيد حسن نصر الله قائد المقاومة الإسلامية في لبنان، ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل، ورئيس تجمع العلماء المسلمين في العراق حارث الضاري قد ركزت جميعها على مسألة التصدي للخطة الأميركية لتشويه صورة المقاومة باعتبار ذلك مهمة أساسية ينبغي التصدي لها من قبل المشاركين. ولقد كان هناك وعي متبلور لدى المشاركين إلى أهمية خوض نضال على كل المستويات للدفاع عن المقاومة المسلحة، وحقها الشرعي، والقانوني، والإنساني في مواجهة الاحتلال، والدفاع عن النفس، وهو حق كفلته القوانين، والمواثيق الدولية، وتجلى ذلك بشكل واضح في الأصوات الكثيرة التي دعت إلى تشكيل لجنة متابعة للتنسيق، والمتابعة لتنفيذ التوصيات التي توصل إليها المشاركون، وفي مقدمها العمل على مواجهة المحاولات المسمومة التي تهدف إلى النيل من صورة، وسمعة المقاومة، وإحباط أهداف الحرب النفسية التي تشن ضدها على كل المستويات بغية إجهاض انتصاراتها التاريخية، والاستراتيجية. فالنضال اليوم ضد المفاهيم والمصطلحات التي تبثها وسائل الإعلام الأميركية، والغربية، وتلك المأجورة، لتلويث سمعة المقاومة، وفضح وتعرية الأعمال الإرهابية التي ينفذها عملاء السي أي أيه، والموساد ضد المدنيين في العراق، وباكستان، والتي تهدف إلى تحميل مسؤوليتها للمقاومة، إنما هو نضال لا يقل أهمية عن نضال المقاومة في ميدان القتال، والانتصار فيه يكمل انتصاراتها العسكرية ضد المحتل والمستعمر، ويقطع الطريق عليه للخروج من أزماته ومآزقه التي نتجت عن إخفاقاته المتتالية، وفشله في تحقيق أهدافه عسكرياً وسياسياً.
__________________ |