قديماً ومنذ حوالى العشر سنوات كنت ماهراً جداً فى قراءة الفنجان ، وكانت متعة لى أن أتعامل مع فنجان أحد أصدقائى وكنت أحياناً أصف له أحد أقاربه عن طريق الفنجان ، لم أكن أبداً أتحدث عن أشياء مستقبلية ولكنى كنت فقط أحكى عن أشياء حدثت فى الحاضر القريب وأحياناً الماضى ، كان أحياناً أصدقائى يشيرون إلىَّ حتى أتوقف ولا أكمل الحديث أو القراءة معتبرين أنى سأفضح أحداث يومهم وكان هذا شىء يسلينى جداً ولكن تبقى المشكلة وهى أنى كنت أرى دائماً المواقف المؤسفة أو الحزينة ، كنت أرى المشاكل التى حدثت وأفرادها وفاعليها !! لم أرى أبداً فى أى فنجان مشهداً سعيداً لأحدهم !!
الحقيقة أنه لم يعلمنى أحد قبلاً قراءته أو أسلوبه ولم يشر أحدهم بتفاصيل أسراره ولكنى فقط هكذا كنت أنظر فى الفنجان فأرى أشياء أحكى عنها وتكون حقيقية ،
ولكن كان رؤيتى للأشياء السيئة فقط هو مايضايقنى ، كنت أحياناً أفكر فى هذا الأمر فأقول هل تكون قراءة الفنجان تعتمد فى المقام الأول على نفسية القارىء ! هل أنا شخصية ممتلئة بالضيق والإنزعاج وهذا مايسبب أنى لاأرى إلا الأشياء السيئة فى الفناجين !
وهكذا ولضيقى الشديد وانزعاجى ووضوح أن أصدقائى أنفسهم مع رغبتهم كل مرة أن أقرأ لهم ولكنهم كانوا ينزعجون إذا كشفت أسرار حقيقية لهم أخذت قراراً بالتوقف عن هذا الأمر تماماً ، لم أكن وقتها يشغلنى كثيراً إن كان الشرع يُحرمه أم لا ، ولكنى أوقفته وعندما أرى الآن شخصاً يقلب الفنجان أو امرأة تحاول القراءة ، أشعر بحرارة ورغبة شديدة جداً فى أن أنزعه من يديها واقرأه أنا .. ولكن والحمد لله وفقت فى أن أظل على عهدى مع نفسى ...
ولكن أهم مايشغلنى أحياناً عندما أرى أحد المسئولين يشرب فنجان من القهوة فى وسائل الإعلام . حينها أتخيل نفسى أتحصل على هذا الفنجان لأقرأه وكما علمتم فأنا لا أرى إلا السىء !!
فأتخيل ماذا سأرى فى حياة هذا المسئول من زلات ومن عقبات ومن كذبات ومن اتفاقات . والمصيبة أن حياة أغلب المسئولين على الملأ مليئة بالنواقص فكيف ستكون رؤيتى إذن بعد كل هذه النواقص هل سيوجد أبشع من هذا ؟؟؟!
حقيقة لا أدرى ..
ولكن الحقيقة أن تعرية الإنسان أمام نفسه وأمام الناس مهما كان من السوء ليست بالشىء اللطيف!
قرأت ذات مرة أن العرب فى الأندلس كانت لديهم طريقة أقوى من موضوع القهوة هذا كانت تسمى بلوح كتف الشاة .. كان الشخص الذى يريد قراءة خريطة حياته الماضية والحاضرة والمستقبلية؛ يشترى خروف أو شاة ثم يرعاها فى بيته ثلاثة أيام ثم يذبحها ويطهيها فى الماء حتى ينسلخ لحمها وجلدها عن لوح الكتف ومن ثم يأخذها القارىء ويبدأ فى القراءة تبعاً لقطع اللحم المنتوفة على اللوح والخدوش الموجودة وشكل العظم وكسوره او أثارها ، ويقولون أنها كانت طريقة شهيرة جداً لدرجة أن الأوربيين نقلوا عنها كتب بعد إستيلائهم على الأندلس ورسموا صوراً للوح الكتف مع شرح تفصيلى لمعنى كل جزء فيه !!
ولكنى أعتقد أن بعض الناس فى أيامنا هذه لن يفلح معهم كتف الشاة .. بعضهم سنحتاج معهم إلى كتف جمل ... وربما مع المسئولين إياهم سنبحث عن حيوان منقرض كالديناصور !