45- باب من سب الدهر فقد آذى الله
}وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ{([1]) س: اشرح هذه الآية وبين مناسبتها لهذا الباب؟ جـ: يخبر الله تعالى عن دهرية الكفار ومن وافقهم من مشركي العرب في إنكارهم المعاد أنهم يقولون ما حياة إلا حياتنا الدنيا التي نحن فيها ولا حياة سواها "نموت ونحيا" أي يموت قوم ويعيش آخرون وما ثم معاد ولا قيامة وما يفنينا إلا مرور الليالي والأيام وطول العمر إنكارًا منهم أن يكون لهم رب يفنيهم ويهلكهم. ومناسبة الآية للباب: أن الله ذم فيها من نسب الإهلاك إلى الدهر. في الصحيح عن أبي هريرة عن النبي r قال: قال الله تعالى «يؤذني ابن آدم يسب الدهر وأنا الدهر أقلب الليل والنهار» وفي رواية «لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر» متفق عليه. س: اذكر معنى هذا الحديث وبين مناسبته للباب وما حكم سب الدهر مع التعليل؟ جـ: معناه أن العرب في جاهليتها إذا أصابهم شدة أو بلاء أو نكبة جعلوا يسبون الدهر ويقولون يا خيبة الدهر فيسندون إليه تلك الأفعال وإنما فاعلها هو الله تعالى فكان مرجع سبها إليه لأنه هو المتصرف فيها كما قال: «أقلب الليل والنهار» وتقليبه تصرفه تعالى فيه بما يحبه الناس ويكرهونه. وقوله «فإن الله هو الدهر» فسر هذه الكلمة بالكلمة الأخرى وهي قوله #
«وأنا الدهر أقلب الليل والنهار» يعني أن ما يجري فيه من خير وشر بإرادة الله تعالى وتدبيره وعلمه وحكمته لا شريك له في ذلك. فسب الدهر محرم لأنه مسبة لله وأذية له لقوله: «يؤذيني ابن آدم يسب الدهر وأنا الدهر». فساب الدهر بين أمرين أما مسبة الله أو الشرك به فإن اعتقد أن الدهر فاعل مع الله فهو مشرك. وإن اعتقد أن الله وحده هو الفاعل لذلك وهو يسب من فعله فقد سب الله تعالى. ومناسبة الحديث للباب: أن من أضاف إلى الدهر فعلاً من الأفعال أو أمرًا من الأمور فقد آذى الله تعالى ولا يضر الله شيئًا. والله سبحانه وتعالى أعلم.
([1]) سورة الجاثية آية (24).