الحلقة الثانيه : النبي المنتظر
الأن هيا بنا أيها الكرام ننظر إلى العالم بأجمعه وهم في انتظار خروج النبي المنتظر ونسطف مع الجموع
انتظر العالم بأجمعه وأهل الكتاب خاصة ميلاد نبينا - – بشغف حتى إن اليهود تمركزوا في المدينة المنورة (يثرب) ليكون منهم نبينا- – عن عاصم بن عمرو قال عن رجال من قومه قالو : كنا نسمع من رجال يهود وكنا أهل شرك وكانوا أهل كتاب وكانت لا تزال بيننا وبينهم شرور , فإذا نلنا منهم قالوا لنا: إنه قد تقارب زمان نبي يبعث الآن نقتلكم معه قتل عاد وإرم فكنا كثيرا ما نسمع ذلك منهم , فلما بعث الله رسوله أجبناه وعرفنا ماكنوا يتوعدوننا به فبادرنهم إليه فآمنا به وكفروا به وسلمان الفارسي رضي الله عنه عَلِم من الرهبان في فارس والشام تلك الحقيقة وظل يجوب الفيافي والوديان وينتقل بين البلدان، وتحمل الرِّق ليصل إلى نبينا - – ويقف على دلائل نبوته التي أخبره بها الرهبان، وهذا طبع كل إنسان نبيل صادق مع نفسه يبحث عن الخير أينما كان ومن أي شخص كان فسلمان رضي الله عنه بحث عما يخرجه من الظلمات إلى النور، من الخيانة إلى الأمانة، من الذل إلى العزة، من الدناءة إلى الكرامة، من الجَور إلى العدل. وهكذا.. هاهو سيد هذه الأمة أذن له أن يخرج إلى العالمين فبولدته تغير العالم وتحقق حلم المنتظرين ..
وهذه نبذة عن ولادته :
اختار عبد المطلب لولده عبد الله آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب،
وهي يومئذ تعد أفضل امرأة في قريش نسبًا وموضعًا، وأبوها سيد بني زهرة نسبًا وشرفًا، فزوجه بها، فبني بها عبد الله في مكة، وبعد قليل أرسله عبد المطلب إلى المدينة يمتار لهم تمرًا، فمات بها، وقيل : بل خرج تاجرًا إلى الشام، فأقبل في عير قريش، فنزل بالمدينة وهو مريض فتوفي بها، ودفن في دار النابغة الجعدى، وله إذ ذاك خمس وعشرون سنة، وكانت وفاته قبل أن يولد رسول الله ، ولد سيد المرسلين بمكة صبيحة يوم الإثنين في شهر ربيع الأول عام الفيل
قال ابن إسحاق : فلما وضعته أمه أرسلت إلى جده عبد المطلب : أنه قد ولد لك غلام فأته فانظر إليه فأتاه فنظر إليه وحدثته بما رأت حين حملت به وما قيل لها فيه وما أمرت به أن تسميه .
وروي أن ام الرسول قالت لما ولدته خرج مني نور أضاءت له قصور الشام . ولما ولدته امه ارسلت إلى جده عبد المطلب تبشره بحفيده فجاء مستبشراً ودخل به الكعبة ودعا الله وشكرله وأختار له اسم محمد وهذا الإسم لم يكن في العرب . رضاعته :
اما الأن تعالوا بنا نقف وقفة مثيره اثناء رضاعته ونستمع الى الأحداث العجيبة الذي حصلت في تلك الفتره
كانت من العادة عند الحاضرين من العرب أن يلتمسوا المراضع لأولادهم ابتعاداً عن أمرض الحواضر ولتقوي أجسامهم وتشتد أعصابهم ويتقنوا اللسان العربي في مهدهم فالتمس عبد المطلب لرسول الله عليه السلام المراضع واسترضع له إمرأة من بني سعد وهي حليمة بنت ابي ذؤ يب وزوجها الحارث ابن عبدالعزبي ورأت حليمة من بركته ما قضت منه العجب ولنتركها تروي ذلك .. حدثت عن حليمة ابنة الحارث أنها قالت : قدمت مكة في نسوة من بني سعد نلتمس بها الرضعاء ، وفي سنة شهباء فقدمت على أتان لي قمراء ، كانت أذمت بالركب ، ومعي صبي لنا ، وشارف لنا ، والله ما تبض بقطرة ، وما ننام ليلتنا ذلك أجمع مع صبينا ذاك ما نجد في ثديي ما يغنيه ولا في شارفنا ما يغذيه ولكنا كنا نرجوالغيث والفرج فخرجت على أتاني تلك فلقد أذمت بالركب حتى شق ذلك عليهم ضعفا وعجفا ،فقدمنا مكة فوالله ما علمت منا امرأة إلا وقد عرض عليها رسول الله فتأباه إذا قيل : إنه يتيم تركناه وقلنا : ماذا عسى أن تصنع إلينا أمه ؟ إنمانرجو المعروف من أبي الولد فأما أمه فماذا عسى أن تصنع إلينا ؟ فوالله ما بقي من صواحبي امرأة إلا أخذت رضيعا غيري فلما لم نجد غيره وأجمعنا الانطلاق قلت لزوجي الحارث بن عبد العزى : والله وإني لأكره أن أرجع من بين صواحبي ليس معي رضيع لأنطلقن إلى ذلك اليتيم فلآخذنه . فقال : لا عليك أن تفعلي فعسى أن يجعل الله لنافيه بركة ، فذهبت ، فأخذته فوالله ما أخذته إلا أني لم أجد غيره فما هو إلا أن أخذته فجئت به رحلي فأقبل عليه ثدياي بما شاء من لبن فشرب حتى روي وشرب أخوه حتى روي وقام صاحبي إلى شارفنا تلك فإذا إنها لحافل فحلب ما شرب وشربت حتى روينا فبتنا بخير ليلة فقال صاحبي حين أصبحنا : يا حليمة والله إني لأراك قد أخذت نسمة مباركة ألم تري ما بتنا به الليلة من الخير والبركة حين أخذناه ! فلم يزل الله عز وجل يزيدنا خيرا ثم خرجنا راجعين إلى بلادنا فوالله لقطعت أتاني بالركب حتى ما يتعلق بها حمار حتى أن صواحبي ليقلن : ويلك يا بنت أبي ذؤيب هذه أتانك التي خرجت عليهامعنا ؟ فأقول : نعم والله إنها لهي فيقلن : والله إن لها لشأنا حتى قدمنا أرض بني سعد ، وما أعلم أرضا من أرض الله أجدب منها فإن كانت غنمي لتسرح ثم تروح شباعا لبنا فتحلب ما شئنا وما حوالينا أو حولنا أحد تبض له شاة بقطرة لبن ، وإن أغنامهم لتروح جياعا حتى إنهم ليقولون لرعاتهم أو لرعيانهم ، ويحكم انظروا حيث تسرح غنم بنت أبي ذؤيب فاسرحوا معهم فيسرحون مع غنمي حيث تسرح ، فتروح أغنامهم جياعا ما فيها قطرة لبن ، وتروح أغنامي شباعا لبنا نحلب ما شئنا فلم يزل الله يرينا البركة نتعرفها حتىبلغ سنتين ، فكان يشب شبابا لا تشبه الغلمان فوالله ما بلغ السنتين حتى كان غلام اجفرا فقدمنا به على أمه ونحن أضن شيء به مما رأينا فيه من البركة .فلما رأته أمه قلنا لها : يا ظئر دعينا نرجع بابننا هذه السنة الأخرى فإنا نخشى عليه وباء مكة فوالله ما زلنا بها حتى قالت : فنعم فسرحته معنا فأقمنا به شهرين أوثلاثة ، فبينما هو خلف بيوتنا مع أخ له من الرضاعة في بهم لنا جاءنا أخوه ذلك يشتد فقال : ذاك أخي القرشي جاءه رجلان عليهما ثياب بيض ، فأضجعاه ، فشقا بطنه فخرجت أناوأبوه نشتد نحوه فنجده قائما منتقعا لونه ، فاعتنقه أبوه وقال يا بني ما شأنك ؟ قال : جاءني رجلان عليهما ثياب بيض أضجعاني وشقا بطني ثم استخرجا منه شيئا ، فطرحاه ثم رداه كما كان فرجعنا به معنا فقال أبوه : يا حليمة لقد خشيت أن يكون ابني قد أصيب فانطلقي بنا نرده إلى أهله قبل أن يظهر به ما نتخوف قالت حليمة : فاحتملناه فلم ترع أمه إلا به ، فقدمنا به عليها فقالت : ما ردكما به فقد كنتما عليه حريصين ؟ فقالا : لا والله إلا أن الله قد أدى عنا ، وقضينا الذي علينا ، وقلنا نخشى الإتلاف والأحداث ، نرده إلى أهله فقالت : ما ذاك بكما فاصدقاني شأنكما فلم تدعنا حتى أخبرناها خبره فقالت : أخشيتما عليه الشيطان ؟ كلا والله ما للشيطان عليه من سبيل والله إنه لكائن لابني هذا شأن ألا أخبركما خبره قلنا : بلى قالت : حملت به فماحملت حملا قط أخف منه ، فأريت في النوم حين حملت به كأنه خرج مني نور أضاءت له قصورالشام ثم وقع حين ولدته وقوعا ما يقعه المولود معتمدا على يديه رافعا رأسه إلى السماء ، فدعاه عنكما ..
وقال ابن إسحاق حدثني ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن أصحاب رسول الله أنهم قالوا له أخبرنا عن نفسك قال : نعم أنا دعوة أبي إبراهيم وبشرى عيسى عليهما السلام ورأت أمي حين حملت بي أنه خرج منها نور أضاءت له قصور الشام واسترضعت في بني سعد بن بكر فبينما أنا في بهم لنا أتاني رجلان عليهما ثياب بيض معهما طست من ذهب مملوء ثلجا ، فأضجعاني فشقا بطني ثم استخرجا قلبي فشقاه فأخرجا منه علقة سوداء فألقياها ثم غسلا قلبي وبطني بذلك الثلج حتى إذا أنقياه رداه كما كان ثم قال أحدهما لصاحبه : زنه بعشرة من أمته ، فوزنني بعشرة فوزنتهم ثم قال : زنه بمائة من أمته فوزنني بمائة فوزنتهم ثم قال : زنه بألف من أمته فوزنني بألف فوزنتهم فقال : دعه عنك فلو وزنته بأمته لوزنهم وهذا إسناد جيد قوي .
من نفس المصدر