فجوة الأجيال وعلاجها من منظور إسلامي بسم الله الرحمن الرحيم هكذا هي سنة الحياة ونواميس الكون وفوق كل ذلك إرادة الخالق عز وجل هي التي تسيّر حياة الإنسانية على وجه هذه البسيطة، فالناس منذ أن خلقهم الله على هذه الأرض متفاوتون في كل شيء.... في الرزق والأجل والسعادة والجمال والجاه وفي الأعمار أيضا فهناك الصغير والكبير وهناك متوسط العمر والكهل والعجوز وهكذا سلسلة بشرية متناسقة متصلة هي السبب الرئيس في نجاح الكون واستمراره، ولم تكن هذه الفروق في يوم من الأيام إلا مصدر قوة للحياة البشرية تزيدها ثراء وغنى بالأفكار والثقافات والخبرات وتزود الأجيال المختلفة بمصادر القوة والاستمرارية، ولكن عندما تنوعت أنماط الحياة واختلفت آفاقها وهبت رياح مختلفة المصادر والاتجاهات عليها بتنا نسمع بمصطلحات جديدة قد يكون غالبها مستورداً من ثقافات وحضارات أخرى كمصطلح فجوة الأجيال الذي شاع كثيرا في العقود الأخيرة والذي يمكننا تعريفه بأنه ذلك المصطلح المستخدم لوصف الاختلافات بين الناس من جيل إلى جيل، وخاصة بين جيل الأبناء وجيل آبائهم. حيث شاع لأول مرة هذا المصطلح في البلدان الغربية خلال الستينات وكان الغاية منه وصف الفروق الثقافية بين الشباب وآبائهم.
أما الرؤيا الإسلامية لهذا الموضوع فهي مختلفة تماما فهي لا ترى أن هناك فجوة بين جيل وجيل لأنها قد عملت على مد جسور التواصل والتفاعل بين الأجيال المختلفة حيث وضحت لنا الشريعة الغراء أساليب التربية الصحيحة وطرق التنشئة السليمة لأبنائنا واستمرارية وديمومة هذا الفعل مما يعني أن هناك تواصلاً دائماً لا ينقطع بين الآباء والأبناء، إضافة إلى أنها علمتنا السلوكيات القويمة للتعامل بين كل جيل وآخر حيث أمرت باحترام الكبير وتوقيره وتقديره والعطف على الصغير والحنو عليه ووضحت معالم الطريق للأسرة الصالحة وأهمية تكاتفها وتكافلها مع بعضها البعض من خلال توقير الوالدين واحترامهم واستخدام أساليب حضارية تقوم على الحوار والنقاش الهادىء بين الأطراف المختلفة في الأسرة الواحدة، وفي هذا أمر من الله عز وجل لنبيه الكريم حيث قال تعالى :» ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة « فإذا كان النبي (عليه الصلاة السلام) مأمور باستخدام هذا الأسلوب فما بال الآباء والأمهات لا يتخذون من نبيهم قدوة وأسوة حسنة ؟؟؟، وهذا يعني أن السبل لا تنقطع والطرق لا تسد بين جيل وآخر في الإسلام بل إن كل الطرق ممهدة ومفتوحة لا يغلقها شيء ولا يحول دونها مانع على عكس الثقافات الأخرى والأمم البعيدة عن طريق الإسلام وشرعه القويم، لذا فان مفهوم وجود الفجوة بين الأجيال لم تعرفه الثقافة الإسلامية ولم يتجسد واقعا ملموسا في الفكر الإسلامي لان مقوماته غير موجودة وسبله منقطعة .هايل عبد المولى طشطوش |