II) شهادات على إعدام الاحتلال فلسطينيين أثناء حرب غزة الاحتلال تعمد استهداف المدنيين وقتلهم بدم بارد تحت ركام منازلهم (الجزيرة نت-أرشيف) ضياء الكحلوت-غزة ترك جنود الاحتلال أثناء الحرب الإسرائيلية على غزة الشاب يوسف عمر لبد المقاتل في كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) ينزف لخمس ساعات في مكان إصابته بمنطقة المخابرات غرب مخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزة. ومنع الجنود الإسرائيليون طواقم الإسعاف الفلسطينية والصليب الأحمر الدولي من التقدم تجاه المصاب لبد وعشرات آخرين أثناء الحرب الأخيرة، واستشهد المقاتل القسامي بعد الساعات الخمس التي نزف فيها دماً دون أن تمتد إليه يد لإنقاذ حياته. وقال إبراهيم شقيق المقاوم الفلسطيني للجزيرة نت إن قوات الاحتلال بعد إصابة شقيقه برصاص القناصة في قدمه تعمدت تركه ينزف حتى الموت، مؤكداً أنها لم تستمع للنداءات بإخلاء الجرحى من مكان العمليات العسكرية. نزف حتى الموت وأضاف إبراهيم "أصيب أخي ومقاوم آخر في الثانية بعد منتصف الليل وتركه جنود الاحتلال حتى الساعة السابعة صباحا ينزف"، موضحاً أنه كان بالإمكان معالجة شقيقه ونجاته، لكن الاحتلال أعدمه وعشرات المواطنين مثله. من جانبه قال حسن -وهو شقيق آخر للشهيد لبد- للجزيرة نت إن مواطنين اتصلوا على طواقم الإسعاف والصليب الأحمر عقب إصابة شقيقه والمقاتل الآخر، لكنهم أبلغوهم بأن الاحتلال يرفض السماح لهم بنقل المصابين وحذرهم من الاقتراب من المنطقة بدعوى أنها بمجملها منطقة عمليات عسكرية مغلقة. إعدام عائلات
وفي السياق ذاته روى الأسير المحرر والخبير في شؤون الأسرى عبد الناصر فروانة أن قوات الاحتلال أعدمت خلال الحرب على غزة عائلات بأكملها بعد هدم البيوت فوق رؤوس ساكنيها، رغم علو صرخاتهم ونداءاتهم وظهور ما يؤكد وجود أناس بداخلها. وقال فروانة إن الشهيد شادي حمد من بلدة بيت حانون شمال القطاع اعتقلته قوات الاحتلال مع مجموعة من المواطنين واقتادتهم إلى أطراف الحدود وساروا بهم باتجاه شرق جباليا ثم أطلقوا سراحهم وطلبوا منهم العودة إلى القطاع فساروا غرباً في شارع القرم باتجاه جباليا، وعند اقترابهم من مسجد الصديق أطلقت عليهم النيران بكثافة مترافقة مع قذيفة دبابة، ما أدى إلى استشهاد شادي ونجاة الآخرين بأعجوبة. وأوضح أن طواقم الإسعاف لم تتمكن من انتشال الشهيد شادي حمد وبقي ثلاثة أيام ملقى على قارعة الطريق قبل أن يتمكن المواطنون من سحبه. أميرة قاومت الإصابة وشهدت قتل أبيها وشقيقيها بغزة أميرة في مشفى الشفاء مع والدتها التي لم تكن في البيت لحظة القصف (الجزيرة نت) أحمد فياض-غزة نزف جرحها ثلاثة أيام متوالية والقصف الجوي الإسرائيلي من حولها، لكن الله كتب الحياة للطفلة أميرة فتحي القرم (15 عاماً) لتكون شاهدة على مجزرة مروعة ارتكبها جنود الاحتلال بحق عائلتها في حي تل الهوا جنوب غرب غزة. أميرة الناجية الوحيدة من مجزرة ذهب ضحيتها والدها واثنان من أشقائها، ظلت تزحف من بيت إلى بيت علها تجد من يسعفها وينتشلها من حمم قذائف الجيش الإسرائيلي ونيران أسلحته الرشاشة. ثلاثة أيام وتروى ببراءة الطفولة للجزيرة نت أصعب ثلاثة أيام قضتها وحيدة في حياتها، لم تجد أمامها سوى التوجه إلى الله والدعاء لينقذها بعد أن أقفلت كل الأبواب في وجهها، ففي مساء الثلاثاء من الأسبوع الثالث للحرب ومع دخول آليات الجيش الإسرائيلي حي الزيتون حاول والدها إخراج عائلته من البيت لكن الطيران والقصف المكثف حال دون ذلك. وتقول أميرة "بينما كان والدي يحاول الخروج، إذا بصاروخ إسرائيلي يباغته هو وأحد أصدقائه ويرديهما مضرجين بدمائهما علي الأرض، وما إن همّ كل من أختي عصمت (16 عاماً) وعلاء (15 عاماً) للخارج لطلب الإسعاف إذا بقذيفة دبابة إسرائيلية ترتطم بجسديهما وتمزقهما وتصيبني بجروح بالغة في قدمي". وبعدما تضرجت العائلة في بركة الدم، تمكنت أميرة من ربط جرحها بقطعة قماش، لكن سرعان ما سقطت مغشياً عليها من شدة إصابتها وهول ما رأت، ولم تفق إلا صباح اليوم التالي. ومع اشتداد وطأة القصف، لم تجد أميرة سوى الزحف علي الأرض خمسمائة متر إلى منزل مجاور تحتمي فيه رغم إصابتها البالغة بساقها، لتجد أن الحي بأكمله خال من السكان البحث عن مأوى ومع حلول الليل شرعت أميرة في البحث عن مأوى وهي تجر قدمها تحت القصف المتواصل، فلم تجد ملاذاً سوى جذع شجرة نخيل لتبيت ليلتها دون غطاء يحميها من البرد القارس. ومع صباح الخميس واستمرار النزف الذي أوصلها إلى درجة الإنهاك، ظلت أميرة تزحف حتى عثرت على منزل خالٍ هو لمدير مكتب وكالة (معا) للأنباء ومراسل فضائية المنار عماد عيد. وزحفت أميرة بين ركام البيت الذي أصيب مدخله بالقصف، وعثرت داخله على زجاجة ماء بلت بها ريقها، وتمكنت من لف نفسها ببطانية وبقيت مستلقية متهالكة القوى حتى صبيحة السبت لتفاجأ بصوت الصحفي عيد الذي حضر لتفقد منزله بعد تراجع الآليات الإسرائيلية، وحملها سريعاًً إلى مشفى الشفاء حيث ترقد الآن. فلسطيني يروي تفاصيل مجزرة إسرائيلية بحق عائلته في غزة خالد عبد ربه فقد ابنتين وينتظر أنباء طفلته المشلولة وأمه المصابة بجروح بليغة (الجزيرة نت) أحمد فياض-جباليا بعد انقضاء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة لا زالت مشاهد المجازر تسيطر على أذهان كثير ممن حسبهم أقاربهم وجيرانهم شهداء، لكن مشيئة الله قضت أن يكونوا شهودا على تفاصيل مجازر إسرائيلية مروعة بحق أقرب الأقربين إلى قلوبهم. خالد عبد ربه (40 عاما) من عزبة عبد ربه، شاهد مجزرة ارتكبها أحد جنود الاحتلال بحق ثلاثة من بناته ووالدته، لا يزال يعيش حسرة مقتل اثنتين من بناته وإصابة الثالثة بالشلل إلى جانب أمه التي ترقد في غرفة العناية المركزة في مشفى كمال عدوان بين الحياة والموت. ويروي الأب المكلوم، تفاصيل المجزرة قائلا "كنا نعيش في بيتنا المكون من أربع طبقات بسلام، إلى أن تمركزت فجأة إحدى الدبابات الإسرائيلية على مقربة من المنزل بعد ظهر اليوم الرابع من الاجتياح البري للقطاع في السابع من مطلع الشهر الجاري". الأب المكلوم ومعه المتبقون من عائلته قرب منزلهم المدمر (الجزيرة نت) راية بيضاء ويضيف، بدأ الجنود الإسرائيليون ينادون علينا بالخروج من المنزل، وعندما هممت بالخروج أنا وأمي وزوجتي وثلاث من بناتي وفي أيدينا قطع قماش بيضاء إشارة إلى أننا بيت مسالم، لاحظت أن جنديين كانا يقفان على ظهر دبابة على مقربة من المنزل يأمراننا بالتوقف. وما هي إلا لحظات، يروي عبد ربه للجزيرة نت، حتي خرج جندي ثالث من بطن الدبابة وفي يده بندقية ويشرع بإطلاق النار مباشرة وبشكل جنوني صوب البنات. وتابع الأب في شهادته "سارعت بشكل جنوني إلى حمل بناتي وأمي إلى داخل المنزل، وشرع إخواني في الاتصال بالإسعاف، وما هي إلا لحظات حتى سمع الجميع صوت سيارة تقترب من المنزل وفجأة خفت صوتها وحينما نظرت من نفاذة المنزل لاحظت أن طاقم الدبابة أنزلوا سائق الإسعاف من سيارته واعتدوا عليه بالضرب ثم أجهزوا بالدبابة على سيارة الإسعاف. وذكر عبد ربه أنه في تلك الأثناء صعدت كل من روح أمل (عامين) وسعاد (سبعة أعوام) إلى بارئهما، بينما استمرت والدته (68 عاماً) وابنته سمر (أربعة أعوام ) تئنان من شدة الألم والنزف. وبعد انقضاء ساعتين فشلت خلالهما كل مساعي الاتصال بالصليب الأحمر وسيارات الإسعاف بدأت سمر تطلب ماء، وتسأل ببراءة "أليس من يصاب يحضرون له الإسعاف يا أبي" وحينها لم يتردد الأب في حملها والخروج بها إلى حيث مدخل المنزل لعله ينقذ حياتها أو يستشهد معها. حطام سيارة إسعاف حاولت إنقاذ أسرة عبد ربه بعد المجزرة (الجزيرة نت) حياة أو شهادة ويواصل عبد ربه الحكاية قائلا: ما إن خرجت من مدخل المنزل إلا ودبابة إسرائيلية ثانية تقف محل الأولى وبعد أن لاحظ أحد الجنود أن ابنتي تقطر دماً على الأرض لوح لي بالخروج، وحينها عدت إلى المنزل وطلبت من جميع من في المنزل الخروج فإما أن يكتب الله لنا الحياة جميعاً أو الشهادة جميعاً. وبعد ذلك خرجت وزوجتي حاملين جثتي سعاد وأمل، بينما أخي إبراهيم كان يحمل سمر الجريحة، وباقي إخوتي أحضروا سريرا صغيرا ووضعوا عليه أمنا، وبيننا أطفالنا الصغار، وبدأنا نسير باتجاه المشفى وسط إطلاق نار كثيف كان يطلقه الجنود أسفل أقدمنا وفوق رؤوسنا ومن حولنا. وقال الأب المكلوم: لدى مرورنا قرب منزل في طرف المنطقة هم أحد أصحاب ذلك المنزل بإحضار عربته التي يجرها حصانه للمساعدة في إيصالنا إلى المشفى، لكن جنود الاحتلال أطلقوا النار وأصابوه وأصابوا حصانه. وأضاف: حينها أيقنا أنه ليس أمامنا سوى المشي مسافة كيلو متر إلى أن وصلنا إلى قلب بلدة جباليا التي سارع أهلها لنجدتنا وإسعاف مصابينا. وللمأساة أوجه متعددة, بالرغم من أن الرابط بينها هو لون الدم
تحمل ابنة أخيها بين ذراعيها وتهرول إلى مستشفى الشفاء في مدينة غزة, لتجد جثث الشهداء ملقاة على طرقات المستشفى الوحيد بغزة, فلا سرير فارغ يتكفل الطفلة الرضيعة التي تعاني من حروق شديدة.
تقول عمتها: "بيت شقيقي (أحمد البوريني) مُلاصق لأحد المقرات الأمنية وحين تم قصفه انهار المنزل على من فيه.. أخي استشهد وزوجته مُصابة بإصابات خطيرة ترقد في غرفة العناية المُركزة.. ورحل ابنهم سامي الذي لم يتجاوز سبعة أعوام.. هذه الطفلة تُعاني من حروق شديدة..".وبينما كانت تُحاول التخفيف من وجع الرضيعة استدركت والدموع تخنقها: "ما ذنبها أن تستيقظ على هذا الواقع.. بلا أب ولا أم..", ثم هزت رأسها واكتفت بحسبنا الله ونعم الوكيل".
رائحة الموت
وسريعا ما امتلأت ثلاجة الموتى في مستشفى الشفاء التي تتسع لأقل من ثلاثين جثة وسط اندفاع عشرات المسعفين والمدنيين وهم يحملون جثث وأشلاء شهداء في ممرات المستشفى الذي أضحت رائحة الموت تفوح في كل جنباته.وتندفع الشابة ندين محمد بشير حافية القدمين وتحتضن بين يديها جثة الطفل عدي أبو المنسي ذي الأعوام السبعة, وقد أصيب للتو بشظايا قاتلة في الوجه, بينما كان مع والده عبد الحكيم الذي استشهد أيضا في غارة إسرائيلية استهدفت مقرا للشرطة في دير البلح.
وعمت الفوضي قسم الاستقبال في المستشفى مع وصول عشرات من سيارات الإسعاف والمركبات المدنية تقل شهداء وجرحى.وفجأة تتعالى صرخات أسماء (40 عاما) التي كانت تجول بين جثث القتلى: "ولداي الاثنان استشهدا".
وقالت المرأة المفجوعة في فلذتَيْ كبديها والتي لم تتوقف عن البكاء وهي حافية القدمين ومكشوفة الرأس: "خلي.. خلي الحكام العرب ينبسطوا".وعلى نقالة الموتى وضعت جثة الشهيد محمد أبو شعبان وهو من أفراد الشرطة, وبجانبه جثة طفلة مجهولة.
أبو جهاد البالغ من العمر 65 عامًا وهو من سكان حي الزيتون شرق غزة, كان يتنقل ببطء بين الجثث دون أن يجد ابنه الذي يعمل في الشرطة , وقد أبلغه أحد أصدقائه للتو أنه استشهد, وما زال تحت ركام مقر جمعية الأسرى الذي استهدف في الغارة.لكن الحظ حالف ابن عمه أبو عبد الله حمود الذي علم لتوه أن ابنه محمد (38 عاما) تم انتشاله من تحت ركام مبنى جمعية الأسرى المكون من عشر طبقات والذي حولته الصواريخ الإسرائيلية إلى كومة من ركام.
"ودعت نور عيني"
وبعيدا عن المستشفى, سقط عليان مغشيا عليه عندما قال أحد أبنائه صارخا: "أبي.. لقد استشهد عز الدين", وبعد برهة استيقظ الرجل ليبكي بحرقة أصغر أبنائه الذي قضى نحبه في قصف مقر "الجوازات", وما هي إلا لحظات حتى باغتته أخبار أخرى مُحملّة برائحة الموت: "نجلك البكر أنور رحل.. وابن شقيقك (مُحمد) استشهد هو الآخر..".هذه المرة الإغماءات كانت من نصيب العائلة كلها, ويصرخ "رفيق" صاحب الثلاثة الأعوام: "بابا.. حبيبي بابا.. وين رحت (أين ذهبت)...".أنور ترك خلفه زوجة و"رفيق" الذي لا يكف عن السؤال عن والده, أما نجله الأصغر "أنس", في الشهر الرابع, فلا يعي فاجعة ما جرى حوله.وبصعوبة بالغة قالت أم أنور": "فقدت أكبرهم وأصغرهم.. لم أُودع أولادي.. لقد ودعت نور عيني.. والله انطفأ هذا النور.. انطفأ..".وللمأساة أوجه متعددة, بالرغم من أن الرابط بينها هو لون الدم, فقبل أسبوع كانت ريم زوجة "علي أبو ريّالة" ترتدي فستانها الأبيض, أما اليوم فارتدت رداء أسود حدادا على عريسها الشهيد.وتقول: "لم أتصور أن يغادرني على عجل.. لقد كان يُمازحني: ستسمعين خبر استشهادي يوما.. ولكن بهذه السرعة.. يا الله".أما والدتها فألقت بكامل غضبها على الأنظمة العربية: "هل ما يجري في عروقنا ماء.. إننا نموت في أبشع وأقذر حرب عرفها التاريخ.. وخارج جدران بيت أبو ريّالة, تتعالى أصوات النحيب من كل مكان, فلا يخلو زقاق من شهداء.. ورداء الحداد أضحى زيا رسميا لسيدات غزة.".
III) إستهداف إسرائيل لطواقم الإسعاف
الجيش الإسرائيلي تعمد تصفية طواقم الإسعاف في غزة رن جرس الهاتف في مكتب الطوارئ بقسم الإسعاف في وزارة الصحة الكائن في حي الشجاعية، شرق مدينة غزة، وأبلغ المتحدث، الموظف المناوب أن هناك عدداً من القتلى والجرحى من الأهالي جراء قصف مدفعي شرق الشجاعية، وتحديداً عند آخر شارع بغداد، الذي يقسم الحي الى نصفين. على الفور اندفع طاقم الإسعاف المناوب في سيارة الإسعاف لإجلاء القتلى والجرحى، عندما اقترب الطاقم المكون من ياسر شبير ورأفت عبد العال وأنس نعيم من المكان أوقفوا السيارة واتجهوا وهم يرتدون الملابس والإشارات التي تميزهم كمسعفين صوب المكان مسرعين، لكنهم ما ان أوشكوا على الوصول للجرحى فإذا بدبابة إسرائيلية متمركزة على الخط الفاصل بين القطاع ومصر تطلق قذيفة صوبهم، فتقتلهم على الفور.
إحدى السيدات التي كانت تراقب ما يجري من نافذة منزلها، تؤكد أن كل مسعف كان يضع على ملابسه يافطة فوسفورية يمكن رؤيتها من مكان بعيد للتدليل على أنهم رجال اسعاف، لكن هذا لم يحل دون قيام الجيش الاسرائيلي باستهدافهم. وأكد شهود عيان أن مقتل المسعفين الثلاثة أدى إلى تأخر إنقاذ الجرحى الذين كانوا في المكان، وتسبب في وفاة اثنين منهم. وكان الدكتور ايهاب المدهون وزميله المسعف محمد أبو حصيرة في طريقهما في سيارة إسعاف لإنقاذ عدد من الأشخاص اصيبوا بقصف صاروخي استهدفهم في منطقة جبل الريس، شرق مدينة غزة، وعندما شاهدا مجموعة المصابين أسرعا إليهما، لكن صواريخ طائرة استطلاع إسرائيلية كانت اسرع اليهما، فقتلتهما، ليصلا اشلاء الى الجرحى الذين كانوا يهمان بإنقاذهم. المسعف عرفة عبد الدايم كان ضمن فريق من المسعفين اتجهوا لإنقاذ عدد من الأشخاص تم الإبلاغ عن تعرضهم للقصف قرب المقبرة الشرقية شرق مخيم جباليا، شمال القطاع. وعندما وصلت سيارة الإسعاف الى المكان الذي تم الإبلاغ عن وجود المصابين فيه، انطلق عبد الدايم مسرعاً لتقديم الإسعاف لهم، بينما كان زميلاه يخرجان بقية العتاد الطبي اللازم من السيارة، فإذا بمدفعية الاحتلال المتمركزة على بعد كيلومتر من المكان تطلق قذيفة صوبه فتقتله وتصيب الجرحى الذين جاء لإنقاذهم فيتوفى اثنان منهم على الفور. وأطلقت المدفعية الاسرائيلية قذائفها على بيت عزاء عبد الدايم، فقتلت اربعة من المعزين؛ اثنان منهم من اقاربه، وجرح عشرات آخرين. واللافت إلى أن استهداف المسعفين والممرضين والأطباء على هذا النحو الممنهج جعل المسعفين يرتدعون عن الوصول لإنقاذ المصابين الذين يوجدون في الأماكن الزراعية التي تقع قبالة قوات الاحتلال في مناطق التماس القريبة من الخط الحدودي الفاصل بين قطاع غزة وإسرائيل. في احدي الليالي تعرضت الخيام التي تؤوي عائلة محمد العر البدوية في المنطقة الريفية التي تقع في المنطقة الفاصلة بين غزة وبلدة بيت حانون، شمال القطاع، للقصف من قبل دبابة اسرائيلية، مما ادى الى اصابة جميع أفراد العائلة الثمانية، بعض العائلات التي تقطن للغرب من خيمة العائلة أبلغوا دائرة الاسعاف، لكن طاقم الإسعاف لم يكن بوسعه التقدم صوب الخيمة، حيث أنها كانت على مسافة قريبة من الخط الحدودي الذي تتمركز عنده الدبابات الإسرائيلية، وعند ذلك لم يكن هناك ثمة مفر أمام ناهض نجل العائلة، الذي اصيب بجراح خفيفة من القصف إلا أن يزحف وهو يقطر دماً غرباً حتى وصل الى دوار حموده، فتم انقاذه، بينما لا يدري أحد مصير بقية أفراد عائلته.
في منطقة زراعية شرق حي الزيتون الواقع شرق مدينة غزة اصيب 5 من افراد اسرة حسين العوضي بشظايا قذيفة مدفعية اطلقتها القوات الاسرائيلية الغازية على منزلها المنزوي، بعيد بدء الهجوم البري على غزة . وظل الجرحى ينزفون دون تمكن سيارات الاسعاف من الوصول اليهم، لعشرين ساعة من دون كهرباء او ماء او تدفئة. والجرحى هم سيدتان في الثمانينات من العمر اطفال تتراوح اعمارهم ما بين 14 0 سنوات. وفي كل مرة يخرج من لم يصب من افراد العائلة لنقل بعض الماء لغسل الجروح، كان الجنود يطلقون النار عليهم. ولم ينقذ هؤلاء إلا بعد اتصالات مع صحافية إسرائيلية قامت بدورها بالاتصال بمنظمة انسانية. وتؤكد شهادات موثقة للعديد من الفلسطينيون أن اسرائيل قررت استهداف القطاع الصحي الفلسطيني، مشيرين الى أن كبار المسؤولين الإسرائيليين يحاولون تقديم المسوغات لضرب القطاع الصحي في انتهاك مفضوح للقوانين الدولية،. واستهدفت الطواقم الطبية، ما أدى إلى استشهاد أكثر من 21 مسعفا وطبيبا ومتطوعا، وإصابة العشرات، خلال فترة العدوان علي غزة. وثيقة عسكرية إسرائيلية تتضمن تعليمات للجنود باستهداف طواقم الإسعاف
عثر عليها في منزل احتله الجيش الإسرائيلي شرق غزة خلال الحرب
غزة: صالح النعامي
في ما يعد دليلا آخر على أن قيادة الجيش الإسرائيلي أصدرت تعليماتها بقتل المدنيين الفلسطينيين بدم بارد خلال الحرب الأخيرة على قطاع غزة، كشفت منظمة حقوقية فلسطينية النقاب عن أنها عثرت على وثيقة عسكرية تؤكد أن قيادة الجيش أصدرت تعليماتها لإطلاق النار على فرق الإسعاف والإنقاذ خلال الحرب بقصد القتل. وأكد «المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان»، ومقره في مدينة غزة لـ«الشرق الأوسط» أن باحثين تابعين له عثروا على الوثيقة في منزل المواطن الفلسطيني سامي دردونه في منطقة جبل الريس، شرق مخيم جاليا شمال غزة، الذي حوله الجنود إلى قاعدة عسكرية مؤقتة. وجاء في الوثيقة أن التعليمات نصت بشكل واضح على وجوب إطلاق النار بقصد القتل على طواقم الإسعاف والإنقاذ الفلسطينية التي تعنى بإسعاف الجرحى وإجلاء جثث القتلى. ودعت الوثيقة التي صدرت في 16 يناير (كانون الثاني) الماضي أي قبل 6 أيام من انتهاء الحرب، على وجوب إطلاق النار على كل من يتجاوز شارع صلاح الدين الذي يصل جنوب القطاع بشماله ويتجه شرقا صوب المناطق التي توجد فيها القوات الإسرائيلية. وتدلل الوثيقة على أن الجيش لم يقل الحقيقة عندما ادعى أنه لا يستهدف فرق الإنقاذ وطواقم الإسعاف، وأن أوامر إطلاق النار الفعلية التي كان يصدرها الجيش للجنود تتناقض مع ما تدعيه القيادة التي تزعم أن التعليمات الصادرة تنص على أنه أولا يتوجب إطلاق النار في الهواء بشكل تحذيري، وبعد ذلك إطلاق النار على الجزء الأسفل من الجسم. وقال إياد العلمي نائب مدير «المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان» لـ«الشرق الأوسط» إن ما خلفه الجيش الإسرائيلي من قرائن تدلل بما لا يدع مجالا للشك أنه ارتكب جريمة حرب كبيرة خلال الحرب على قطاع غزة مؤخرا. وأشار العلمي إلى أن آثار التدمير والقتل المتعمد فضلا عن الشهادات التي جمعت في أعقاب الحرب، تنسف الرواية الإسرائيلية حول حقيقة ما جرى. وأشار إلى أن الجيش الإسرائيلي تعود على إنكار أي علاقة له بجرائم الحرب، مع أن كل الدلائل تؤكد ارتكاب هذه الجريمة. وشدد العلمي على أنه لو توفرت إرادة دولية لكان من الممكن الشروع في محاكمة مجرمي الحرب الإسرائيليين على ما اقترفوه من جرائم ضد الإنسانية خلال العدوان على القطاع.
يذكر أن الجيش الإسرائيلي قتل خلال الحرب على القطاع سبعة عشر عنصرا من طواقم الإسعاف والإنقاذ، وجرح العشرات، منهم أطباء وممرضون وسائقو سيارات إسعاف. وأدى استهداف طواقم الإسعاف إلى وفاة عشرات الجرحى الذين أصيبوا لعدم تمكن طواقم الإسعاف من الوصول إليهم، بعدما تبين أن الجيش يتعمد استهداف عناصرها. وجراء هذه المخاوف والسياسة الإسرائيلية بقيت بعض جثث القتلى الذين سقطوا في مناطق التوغل الإسرائيلي خلال الحرب أكثر من 14 يوما دون أن تتمكن طواقم الإسعاف من الوصول إليها لإجلائها، الأمر الذي جعل هذه الجثث فريسة للكلاب الضالة.
يشار إلى أن وسائل الإعلام الإسرائيلية عرضت خلال الأيام الماضية عشرات الشهادات لجنود إسرائيليين شاركوا في الحرب على القطاع التي تؤكد أن قيادة الجيش أصدرت تعليمات واضحة باستهداف المدنيين بغرض القتل. وعرضت القناة العاشرة في التلفزيون الإسرائيلي فيلما وثائقيا يظهر فيه قائد إحدى الوحدات وهو يطلب من جنوده تدمير المنازل على رؤوس ساكنيها. وروى جنود آخرون أن التعليمات صدرت بقتل العجائز والأطفال خلال الحرب. وفي تطور آخر، أكدت مؤسسة «الضمير» لحقوق الإنسان في قطاع غزة أن استخدام إسرائيل خلال الحرب على القطاع، أسلحة كيميائية مشعة ومحرمة دوليا ألحق أضرارا شاملة وخطيرة بالبيئة الفلسطينية. وفي تقرير صادر عنها، أكدت «الضمير» أن إسرائيل استخدمت الفسفور الأبيض واليورانيوم المخصب والعناصر المشعة وأسلحة استخدمت لأول مرة وتجرب على المواطنين المدنيين الفلسطينيين.
جريدة الشرق الأوسط
IV) استهداف اسرائيل المتعمد للمستشفيات
مواطنون يتفقدون الدمار في مستشفى القدس في غزة بعد استهدافه
V)استهداف لمنشآت وموظفي وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الدولية (أونروا) واصلت قوات الاحتلال الإسرائيلي استهدافها المنظم لمنشآت وموظفي وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الدولية (أونروا)، حيث قصفت عدة مدارس حولتها الوكالة إلى مراكز لإيواء المدنيين المهجرين قسرياً، وقصفت سياراتها مرات عدة، كان آخرها قصف سيارة تابعة للوكالة يقودها موظف الوكالة نضال الوحيدي. كما استهدفت قوات الاحتلال مقر الوكالة الرئيس في الشرق الأوسط، الكائن بمدينة غزة، ومخازن المواد الغذائية التي توزعها على الأسر الفقيرة والمعوزة من اللاجئين. وقد عادت تلك القوات صباح اليوم السبت الموافق 17/01/2009 لتقصف مدرسة جديدة في بلدة بيت لاهيا تأوي الوكالة فيها أكثر من ألف وثمانمائة من المدنيين المهجرين. وبذلك يرفع عدد المدارس المتضررة في قطاع غزة إلى (67) مدرسة من بينها (36) مدرسة تابعة لوكالة الغوث الدولية، ومن بين المدارس المتضررة هناك (8) مدارس كانت محلاً للهجوم المباشر. وجاء تصعيد قوات الاحتلال بقصف مدرسة ذكور بيت لاهيا ليقطع الشك، وليؤكد أن استهداف الوكالة ومنشآتها يدخل في إطار التعمد حيث قصفت بقذائف المدفعية (التي يعتقد أنها فسفورية حارقة) عند الساعة 6:30 صباح السبت الموافق 17/1/2009، لتسقط غرب مدرسة ذكور بيت لاهيا التي حولتها وكالة الغوث الدولية إلى مركز إيواء لعدد من المواطنين الذين غادروا منازلهم في منطقة الغبون في بيت لاهيا. وقد أجبرت إدارة مركز الإيواء على البدء بإخلاء اللاجئين من داخل المدرسة، وأثناء عملية الإخلاء سقطت قذيفة من النوع نفسه داخل ساحة المدرسة وأعقبتها بقذيفة مدفعية عادية - وفقاً لإفادة شهود العيان – حيث سقطت على سطح أحد الفصول الدراسية التي يمكث فيها اللاجئين، ويقع في الطبقة الثانية من المبنى الغربي للمدرسة. وحسب معاينة باحثو مركز الميزان لحقوق الانسان فقد اخترقت القذيفة السطح وتطايرت شظاياها داخل الفصول المدرسية وتسببت في قتل الطفلين بلال محمد شحدة الأشقر، (5 أعوام) وشقيقه محمد محمد شحدة الأشقر، (4 أعوام)، فيما أصيبت والدتهما نجود شعبان نصر الأشقر، (25 عاماً) إصابات بالغة تسببت في بتر ساعدها وساقها. ثم عاودت قوات الاحتلال قصفها المدفعي بقذيفة رابعة من النوع المشتعل سقطت داخل المدرسة نفسها وتسببت في إصابة (14) شخصاً من اللاجئين، من بينهم (6) أطفال. وقد أدت هذه الهجمات إلى فرار اللاجئين هرباً من جحيم القصف، حيث لجأوا إلى مستشفى كمال عدوان القريب من مقر المدرسة. ثم فتحت لهم وكالة الغوث مركزاً جديداً للإيواء في مدرسة أسامة بن يزيد في منطقة جباليا النزلة، ويضم الملجأ (320) عائلة، يبلغ عدد أفرادها (1863) فرداً، كما أفاد باحث المركز أن عدد من اللاجئين عادوا للمدرسة التي تم استهدافها نفسها بسبب عدم وجود ملجأ آخر.
مؤسسات حقوق الإنسان إذ تعبر عن استنكارها الشديد لاستهداف قوات الاحتلال المتواصل والمتصاعد لمنشآت وكالة الغوث الدولية ولاسيما مدارسها، فإنها تؤكد على أن ما ترتكبه قوات الاحتلال بحق السكان المدنيين وممتلكاتهم في قطاع غزة منذ أن شرعت في عدوانها في السابع والعشرين من كانون الأول (ديسمبر 2008)، جرائم حرب شديدة الوضوح تمثل انتهاكات جسيمة ومنظمة لقواعد القانون الدولي الإنساني. كما تشدد المراكز على أن هذه الانتهاكات ولاسيما تلك الموجهة للوكالة الدولية تعبر بوضوح عن مدى استخفاف دولة الاحتلال بالمجتمع الدولي والمؤسسات الدولية وفي مقدمتها الأمم المتحدة.
وكررت العديد من مؤسسات حقوق الانسان دعوتها وكالة الغوث الدولية، ومنظمة الأمم المتحدة، على ملاحقة الإسرائيليين الذين ارتكبوا، أو أمروا بارتكاب، هذه الفظائع غير الإنسانية كمجرمي حرب بسبب استهدافهم المتعمد للمدنيين والمنشآت المدنية المحمية وفقاً لقواعد القانون الدولي الإنساني.
كما ترحب مؤسسات حقوق الانسان بالجهود الحثيثة التي تبذلها وكالة أونروا لمساعدة اللاجئين الفلسطينيين خلال هذه الأزمة، وتدعو المجتمع الدولي إلى عدم التهاون في توفير الحماية لها، ولمنشآتها وطواقمها، وللمدنيين الذين يلجئون إلى مدارسها.