الحلم المفزع الحلم المفزع * * * * * تأليف : حريز مريم رأيت فيما يرى النائم أني في قفرة جرداء ، لا ماء ولا شجر هنالك ، أمشي أميالا وأميال ولست أدري لي مقرّا ولا مستقرّا ، بل لست أدري إلى أين القصد والمقصد ، فصرت أنادي وأصيح علّني أجد لي دليلا ، ولكن لا مجيب ، لا حياة لمن تنادي ، بقيت لساعات طوال على حالي ، بغتة وما بين لحظة وأخرى لاح لي من على بُعد فراسخ منّي غبار كثيف راح يعانق عنان السماء و هي تطرد وتبعد ، ثم تبيّنت بعد إذن فلمحت نفرا ليسوا من بني الإنسان وجوههم نور على نور ، لا ترى عليهم لا نجاسة ولا رائحة خبيثة ذوي أجنحة ناصعة البياض ، ميزاتهم الأساسية الطهر والنقاء والعفاف ؛ اصطحبوني فوق الجياد ، والله رأيت العجب أرض منبسطة إلى مد البصر ، لا مرتفعات ولا منخفضات لا أحافير ولا حتى أغاوير مستوية كل الإستواء رأيت خلقا لم أرى مثيلا لهم لا يعبؤن بهذا اليوم ، إنه المحشر رأيت من يغني ومن يرقص من يبني ومن ينسج من يصلي ومن يتعبّد ، أجناسا كُثرا لا تعد ولا تحصى عجبت لهم حقا كل العجب ، أما أنا فأنزلت رُُكبتي نحو الأرض و سجدت و كأني في الصلاة وما قمت ، وإنيّ لأعجب لم أسجد ، وبعدها ذكرت بأن الله قبض روحي في الدنيا إلى الملإ الأعلى وقد كنت أصلي العصر ، فهدأت وأيقنت أني أفعل خيرا ، وفي تلك الأثناء أتى نفرٌ عظيم من الملائكة وجعلوا يصففون الخلق ،أي يجعلونهم صفا صفا للحساب ، كانت الشمس على بعد أنمل منا ، ترى الناس تذوب من شدة الحر ، تسبح في عرقها ، أما نحن أتباع رسول صلى الله عليه وسلم فلقد دعانا ليروينا من بئر الكوثر شربة لن نضمأ بعدها أبدا ، كانت الكتب تتطاير ، و كلٌ يحمل كتابه إما بيمينه أو بشماله ، وبعدها وُضع ميزان القسط ، وتربّع الرحمن على العرش واستوى ليحاسب الورى على أماناته التي استودعهن فيهم ، ألا وهي النفس البشرية، ما فعلت ؟ ما قالت؟ ..وما ..وما ، أسئلة و حساب إما أن تنتهي به إلى نار الجحيم أو إلى جنة النعيم ، وقد شاهدت في ذاك الموقف العظيم أن جُلّ الخلق الذي دخل النار النساء ، فارتب في أمري ، يا ترى أمن أهل النّار أم من أهل الجنّة أكون ، وبدأت الوساوس تراودني وتزاولني ، وصرت أطرح الألوف من الأسئلة على نفسي ياترى ما عساني أقول لربي إذا ما سألني عن تقصيري وإهمالي ، وعمّا نسيته أو تناسيته ، وما زلت على تلك الحال حتى سمعت صوتا ينادي باسمي ، وذلك لأعرض أمام رب السماوات والأرض، ولتعرض أعمالي خيرها وشرّها ، لم أتمالك نفسي من شدّة الفزع واستيقظت مضطربة وأصرخ ، وحمدت الله أنه كان مجرّد حلم ، وسبحانه القائل : "يوم يُعرضون لا تخفى منهم خافية " -صدق الله العظيم - |