اسوة حسنة خرج أبو دهبل الجمحي يريد الغزو وكان رجلا جميلا صالحا, فلما كان بجير ون * جاءته امرأة فأعطته كتابا, فقالت له: اقرأ هذا ! فقراه لها , ثم ذهبت, فدخلت قصرا , ثم خرجت إليه , فقالت له : لو بلغت معي إلى هذا القصر فقرات الكتاب على امرأة فيه كان لك اجر , إن شاء الله . فبلغ معها القصر . فلما دخل , إذا فيه جوار كثيرة , فأغلقن عليه باب القصر , فإذا امرأة جميلة قد أتته فدعته إلى نفسها , فأبى , فأمرت به فحبس في بيت من القصر , واطعم وسقي قليلا قليلا حتى ضعف وكاد يموت , ثم دعته إلى نفسها, فقال : إما في الحرام فلا يكون ذلك أبدا , ولكن أتزوجك. قالت : نعم ! فتزوجها , وأمرت به فأحسن إليه حتى رجعت نفسه إليه , فأقام معها زمانا طويلا لم تدعه يخرج من القصر , حتى يئس منه أهله وولده , وزوج أولاده وبناته واقتسموا ميراثه . وأقامت زوجته تبكي, ولم تقاسمهم ماله, ولا أخذت من ميراثه شيئا, وجاءها الخطاب, فأبت وأقامت على الحزن والبكاء عليه. فقال أبو دهبل لامرأته الشامية يوما : انك قد أثمت في وفي أولادي , فإذني لي أن اخرج إليهم , وارجع إليك . فأخذت عليه أيمانا الايقيم إلا سنة حتى يعود إليها , وأعطته مالا كثيرا . فخرج من عندها بذلك المال حتى قدم على أهله, فرأى زوجته, وما صارت إليه من الحزن, ونظر إلى ولده ممن اقتسم ماله, وجاءوه فقال: ما بيني وبينكم عمل ! انتم ورثتموني وإنا حي, فهو حظكم, والله لا يشرك زوجتي احد في مادمت به. وقال لزوجته : شأنك بهذا المال فهو كله لك , ولست اجهل ماكان من وفائك . وبعد مدة أراد العودة إلى زوجته الشامية فبلغه خبر موتها. فأقام في مكانه . |