اليوم الرابع : بسم الله الرحمن الرحيم ( وانّ ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم ) آية .. من سورة .. حبيبة الى قلبي .. اعتاد أبي رحمه الله أن يؤّمنا فيها حين نصلّي الجماعة خلفه أيام رحلاتنا الى البر .. لم أكن أيامها أنتبه لمعاني تلك السورة .. ولا أتمعّن فيها أو في سواها .. أطأطئ راسي خلف أبي .. وأتظاهر بالخشوع .. وعقلي مشغول بآلاف المشاغل .. محمد الى جواري ... ألمح بطرف عيني .. دموعا تسيل على لحيته الجميلة .. من فرط تأثّره في الصلاة .. لم أكن مثله يوما .. سورة الرعد .. الآن .. قرأتها .. لأول مرة .. سمعتها لأول مرة .. فهمتها لأول مرة ... كم هي سورة مؤثّرة ..، سرحت بها في ملكوت الله .. وعظمته .. ورحمته ... وحكمته .. لأول مرة منذ أن لوّثت يدي بدم محمد .. لأول مرة ... أشعر ببعض الراحة بين أضلعي .. هل حقا سيغفر الله لي ؟؟ لظلمي لأخي .. لظلمي لأمي .. وظلمي لنفسي ؟ كيف هنت عليّ يامحمد ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ واصلت قرآءة المصحف .... حتى حلول الظلام في الخارج أما هنا .. بين الضلوع .. الكسيرة ... فقد أشرق النور .... وأضاءت النفس بضوء جديد .. استطعت النوم الليلة .... بنفس أكثر هدوءا .. ولكني حلمت به ... وبأمي .. وأبي .. جميعهم ..... ينظرون اليّ بعتاب قاتل ... وفزعت من نومي .. وبحثت عنهم .. فلم أجد سوى الظلام المحيط بي .. وفي لحظة ... أدركت مصيري .. قريبا أموت ......، قريبا ... سيخترق السيف عنقي .. ويطيح به أمام الأعين الغاضبة .. زوجته التي زيّنت لي حبها ... وأغرتني بنفسها .. ودفعتني دون أن تدفعني ... الى قتله .. رفضت التنازل عن حقها في دمي !!!!! ربما خشيت أن أفضحها ؟ عموما لايهم .. ممتن أنا لها .. فلم اكن أرغب بعيش ... بعده .. أأعيش وأتنفس وأضحك .. وقد قتلت بيديّ شباب أخي وزهرة حياته ؟ هل يؤلم قطع الرأس ؟ هل سأشعر به ؟؟ أم هو كالحادث العنيف الذي تعرّضت له وأحد أصدقائي ذات مرة ؟ يومها تعرّضت لجروح خطيرة ... ولكني لم أشعر باي شيء .. فقد أغشي علي لحظة الارتطام .. ولم أفق الا في المستشفى .. هل سيحدث الشيء نفسه ؟ وسأدخل في سبات عميق هادئ.. لحظة مصافحة السيف لجلد عنقي ؟
__________________ ربي لك الحمد العظيم لذاتك حمداً و ليس لواحدٍ إلاكَ ... يا مُدرك الأبصار و الأبصار لا تدري له و لِكُنههِ إدراكا إن لم تكن عيني تراكَ فإنني في كل شيءٍ أستبين عُلاكَ ... |