صور ومواقف محفورة في الذاكرة
فتيانٌ يستذكرون طفولتهم مع شيخهم ياسين (تقرير) [ 22/03/2010 - 01:19 م ] ست سنواتٍ مضت ولا يزال فتيان غزة وشبابها يستذكرون شيخهم ياسين حينما كانوا أطفالاً يحنو عليهم ويُعلمهم أمور دينهم ودنياهم.. هؤلاء الشباب كبروا وترعرعوا في أحضان الإيمان في حضرة شيخهم القعيد أحمد ياسين مؤسِّس حركة المقاومة الإسلامية "حماس" في فلسطين. كان الشيخ ياسين معروفًا بمرحه وملاطفته للأطفال؛ فكان يحبهم كثيرًا ويعطف عليهم، وكانوا هم يَعُدُّونه بمثابة الأب الحنون. مراسل "المركز الفلسطيني للإعلام" استذكر الشيخ ياسين من هذا الباب، فكان له لقاءات مع عددٍ من الشباب الذين كانوا أطفالاً لحظة استشهاد الشيخ ياسين بعد أدائهم معًا صلاة الفجر في مسجد المجمع الإسلامي بحي الصبرة وسط مدينة غزة حيث كان يسكن. الندوة المُفضَّلة
الطفل مصباح الشغنوبي (15 عامًا) تعود إليه الذكريات عندما كان طفلاً في الثامنة من عمره حين كان الشيخ ياسين يداعبه هو وأطفال حيهم، فاعتبروه بمثابة جدهم الكبير رحمة الله عليه؛ "فهو كان أبًا لكل الشعب الفلسطيني وجدًّا لأطفاله". ويضيف: "كنا نحن وأطفال حارتنا دائمًا نرافق الشيخ، سواءٌ في المسجد أو في بيته الصغير، وكان كثيرًا ما يعطينا الهدايا والجوائز إذا صلينا الفجر وحفظنا أجزاءً من القرآن الكريم". ويتابع الشغنوبي: "أنا صراحة كنت لا أحب أن أسمع ندوات إلا للشيخ أحمد ياسين؛ لا لأنه ياسين، ولكن لأن كلماته كانت تخرج من قلبه، وكانت مليئة بالضحك والمرح والمزاح، وقد كان يحث الجميع على العلم والمثابرة والتنويع في التعلُّم". وتحدَّث مصباح عن لحظة استشهاد الشيخ ياسين؛ فقد كان نائمًا هو وعائلته، واستيقظوا جميعًا على صوت الانفجارات المروعة التي أدت إلى استشهاد الشيخ والعديد من المواطنين برفقته، وقال: "حزنا كثيرًا لحظة استشهاد الشيخ ياسين؛ فهو عندي أغلى من أهلي، وأنا أعتبره جدي وقائدي ومثلي الأعلى الذي لم أجد أفضل منه ولن أجد". بشهادته.. يحب جيرانه
وعن عشق الشيخ ياسين للشهادة تحدَّث الفتى أحمد المزيني: "كان الشيخ ياسين يعشق الشهادة في سبيل الله، ولكن ليس على فراشه، والسبب أنه لا يريد الإضرار بالجيران بفعل عملية الاغتيال التي من الممكن أن تسبِّب وقوع الكثير من الضحايا". وأضاف المزيني: "رحل الشيخ رحمه الله وأسكنه فسيح جناته، وسيبقى كل شباب مسجد المجمع الإسلامي يسيرون على نهجه في كل شيء". ولا يزال الشيخ رمزًا إسلاميًّا ووطنيَّا واجتماعيًّا محفورًا في وجدان كل فلسطيني ومسلم على هذه البسيطة، لا سيما أن المقربين منه يستذكرونه بحجم أكبر؛ لما له من فضلٍ عليهم من كل النواحي في حياتهم؛ فرحم الله الشيخ ياسين وثبَّت أهل فلسطين والمسلمين في العالم على السير على خطاه؛ فنعم القدوة الحسنة ياسين. تفاصيل الشهادة
الفتى عبد القادر عبد العال (19 عامًا) يقطن في بيتٍ مجاورٍ لمنزل الشيخ أحمد ياسين، يقول: "كنت مع الشيخ أحمد ياسين قُبَيل استشهاده بلحظات؛ حيث صلينا الفجر معًا في مسجد المجمع الإسلامي القريب من بيتنا، وبعدها بدقائق طلب الشيخ من كافة الشباب الموجودين بالمسجد أن يذهبوا إلى بيوتهم، فغادروا المسجد، وما إن وصلوا بيتهم حتى صعقوا بأصوات الانفجارات التي نالت من جسد الشيخ ياسين الطاهر المُقعد". وذكر عبد العال بعض الأنشطة التي كان يقوم بها ياسين في مسجد المجمع الإسلامي المجاور لبيته، وقال: "كان الشيخ أحمد ياسين يشجِّعنا كأشبال على ممارسة الرياضة، ويعطينا الهدايا ويقيم حلقات القرآن، كذلك كان ينظم الكثير من الأنشطة التي تشجع الشباب والأطفال على حب المسجد؛ فكان الأطفال والشباب يشعرون بأنهم كبار ويجب عليهم تحمُّل المسؤولية بعد أن يشعل فيهم روح المنافسة فيما بينهم، وكان الشيخ كريمًا ولا يرد سائلاً طرق باب بيته، علاوة على ذلك كان يعشق الجهاد والمقاومة، ويتمنَّى أن يجاهد لتحرير فلسطين من الاحتلال". وعن لحظات قبل استشهاد ياسين، روى الشاب عبد العال وعيناه تقطر دمعًا: "كنت أجلس أنا وابن عمي الشهيد أمير عبد العال والشهيد مؤمن اليازوري حيث استُشهدا مع الشيخ، وكان خلف الشيخ اثنان من حراسه، فسألهما الشيخ: كيف الجو بالخارج؟ فما كان إلا أن خيَّم الصمت على الجميع، إلا أن أحدهم قال: الجو بارد جدًّا يا شيخ؛ فلا تخرج حتى لا تمرض، وللعلم هذه كانت حيلة من الشباب حتى لا يخرج الشيخ فتضربه الطائرات". ويتابع بألم: "كانت السماء ملبدة بعشرات الطائرات بكافة أنواعها إن لم أبالغ، والتي علمنا فيما بعد أنها كانت تنتظر خروج الشيخ من المسجد لتنقضَّ عليه، وقلت أنا للشيخ: إن السماء مملوءة بالطائرات يا شيخ والوضع خطير، فأجاب الشيخ بكل طمأنينة: يا ابني.. المكتوب ع الجبين راح تشوفه العين". ويبيِّن الفتى الفلسطيني أن الشيخ ألحَّ على كل الشباب الموجودين في المسجد بالذهاب إلى بيوتهم خوفًا على أرواحهم، وانتظر الشيخ حتى انفضَّ الشباب كلٌّ إلى منزله، وبقي معه مؤمن اليازوري وأمير عبد العال والحراس، وخرجوا من المسجد، وما هي إلا لحظات معدودة حتى باغتتهم الصواريخ الصهيونية، فاستشهد الشيخ دون أن يحرِّك ساكنًا، ورافقه في الشهادة مؤمن وأمير، وأوضح أنه رغم أنه أصيب كان يتمنَّى أن يلقى الشهادة بصحبة الشيخ.