اجن من العسل ولا تكسر الخلية
د . عائض القرني
الرفق ما كان في شئ الا زانة , وما نزع من شئ إلا شانه , اللين في الخطاب , البسمة الرائقة على المحيا , الكلمة الطيبة عند اللقاء . هذه حلل منسوجة يرتديها السعداء , وهي صفات المؤمن كالنحلة تأكل طيبا وتصنع طيبا , وإذا وقعت على زهرة لا تكسرها , لان الله يعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف . إن من الناس من تشرئب لقدومهم الأعناق وتشخص إلى طلعاتهم الأبصار , وتحييهم الأفئدة و تشيعهم الأرواح
لأنهم محبوبون في كلامهم , أخذهم وعطائهم , في بيعهم وشرائهم , في لقائهم ووداعهم .
إن اكتساب الأصدقاء فن مدروس يجيده النبلاء الأبرار , فهم محفوفون دائماً وأبدا بهالة من الناس , إن حضرو فالبشر والأنس , وإن غابوا فالسؤال والدعاء .
إن هؤلاء السعداء لهم دستور أخلاق عنوانه
{ ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم } فهم يمتصون الأحقاد بعاطفتهم الجياشة , وحلمهم الدافئ , وصفحهم البرئ يتناسون الاساءة ويحفظون الإحسان , وتمر بهم الكلمات النابية فلا تلج آذانهم , بل تذهب بعيدا هناك بلا رجعة . هم في راحة , والناس منهم في أمن , والمسلمون منهم في سلام [ المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده , والمؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم ]
[إن الله امرني ان اصل من قطعني وأن أعفو عمن ظلمني وأن اعطي من حرمني ] { والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس }
بشر هؤلاء بثواب عاجل من الطمأنينية والسكينة والهدوء .
وبشرهم بثواب أخروي كبير في جوار رب غفور في جنات ونهر
{ في مقعد صدق عند مليك مقتدر }