بقلم / الأخت الحبيبة الأستاذة إيمان القدوسى
ماذا فعلت في حياتي حتي يصيبني هذا البلاء ؟ أصلي وأصوم وأفعل الخير دائما ، يحبني الناس ويشهدون لي بحسن الخلق ، فلماذا أنا ؟ أستغفرك ربي وأتوب إليك ، ولكن هذا الخاطر يتسلل بخبث لكثير من نفوس الصالحين إذا اشتد بهم البلاء ، ورغم أنه من الوساوس التي توجب الاستغفار لما فيه من اعتراض علي حكم الله وإرادته ولما فيه من تعجل وقصر نظر واستسلام لا يليق بالمؤمن الحق ، إلا أن النفس البشرية في المحن تحتاج أن تعرف أين طريق الخلاص ، وكيف تدق أبواب الفرج . الباب الأول : محاسبة النفس غالبا هناك مدخل للتقصير من كثرة اعتياده و تبريره تكيفنا معه ولم يعد يؤرقنا ، مثل إهمال حقوق الوالدين بسبب الانشغال في العمل والحياة الخاصة والاعتماد علي أنهم غير محتاجين ماديا أو أن هناك أخ آخر يقوم بأمرهم ، وهذا لا يعفينا من حقهم علينا أبدا ، هم يحتاجون منا الاهتمام والحب والتواصل وليس الجانب المادي فقط ، مع المحافظة علي وضعهم في المرتبة الأولي دائما ( وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا ) (الإسراء 23 ) حب الأبناء مدخل واسع جدا للتقصير ، نهتم بدراستهم أكثر من صلاتهم ونتغاضي عن الكثير من السلوكيات الخاطئة لضعفنا أمامهم ولأنهم في أعيننا صغارنا الأعزاء مهما كبروا . ثم هناك آفات اللسان الذي لا يكف عن ذكر الناس بما يكرهون وإيذائهم . فليكن الباب الأول الذي تطرقه هو زيارة مودة صافية لوالديك أو من في منزلتهم من الأعمام والخالات ، ثم اتخاذ موقفا حاسما وليس حادا مع الأبناء نعلنهم فيه أن مفاتيح قلوبنا في يد من يطيع الله ورسوله فإن كانوا يحبوننا حقا فلينضموا لموكب الطائعين ، أما اللسان فبالرغم من أن مهمته تبدو سهلة إلا أنها في الحقيقة هي الأصعب . الباب الثاني هو المسارعة في الخيرات : أحيانا يتأخر الفرج بسبب تركيزنا في مشكلتنا الخاصة فقط وإهدار فرص الخيرات التي تمر بنا ولا نلتفت إليها ، فمن ابتلي بمرض الابن مثلا فهو يوقف حياته علي ذلك الأمر لا يريد أن يحيد عنه ، إذا كان الشفاء بيد الله وحده فلماذا لا نسارع للمتاح من الخير ؟ جعل الله المسارعة في الخيرات سببا مقدما للاستجابة للدعاء ، فلنسارع إلي مساعدة أي إنسان وخاصة من الأقارب تمر به ضائقة ويمكننا تخفيفها ، لو فعلنا ذلك جميعا سوف تحل كثير من المشكلات المزمنة ، كثيرا ما نسمع ( لماذا لم يتدخل الأخ للإصلاح بين أخيه وزوجته وهو يمكنه ذلك ؟ ) وتكون الإجابة ( لأنه مشغول بمشكلة ابنه ) إن الله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه . قال تعالي في سورة الأنبياء ( فاستجبنا له ووهبنا له يحيي وأصلحنا له زوجه إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين ) الباب الثالث : قيام الليل والدعاء : كلنا يعرف فضل قيام الليل ، إنه مناجاة بين العبد وربه ، إنه أعظم فرصة للدعاء والاستغفار والتقرب والتلاوة ، ولو اعتدنا الاستيقاظ قبل الفجر بساعة سوف نجمع الحسنيين ، القيام وصلاة الفجر ، الفرج قريب لمن اعتاد ذلك ، يجده راحة وسكينة في نفسه وحلا ربانيا لأزمته . الباب الرابع : الرضا بقضاء الله أحيانا لا تظهر لنا حكمة الأحداث التي تمر بنا إلا بعد زمن طويل ، فنحمد الله أن السفر لم يتم وهو الذي تمنيناه ودعونا به وأنفقنا المال في سبيله وأصابنا الحزن والهم لعدم تيسيره ، وبعد مدة نكتشف أنه لم يكن في صالحنا ، نفس الكلام يقال عن الزواج والعمل والبيع والشراء ، بعد الأخذ بالأسباب والاستشارة والاستخارة ، هناك كنز المؤمن ( قدر الله وما شاء فعل ) عندما تغلق الأبواب يبقي أمامنا الباب المفتوح دائما ، باب رحمة الله وفضله ، لن نمل من اللجوء إليه وإصلاح أنفسنا لنليق بالوقوف علي أعتابه خاضعين تائبين مخبتين داعين راجين ، وذلك دائما وأبدا ما دمنا نحيا( واعبد ربك حتى يأتيك اليقين ) ( الحجر 99 )