عرض مشاركة واحدة
  #81  
قديم 03-26-2010, 01:01 AM
 
ثمرة العبودية لله


العبودية لله وحده هي النوع الوحيد من انواع العبودية الذي فيه عزة للأنسان وتكسير لكافة انواع القيود التي يكبل الإنسان نفسه بها عندما يتعبد غير الله .

فعندما يقول الحق سبحانه وتعالى في محكم آياته
" وما خلقت الجن والأنس الا ليعبدون "
فانه يؤكد لنا ان الأنسان مفطور على العبودية وبالتالي فاذا لم تكن عبوديته لله فانه ولاشك سيعبد شيئا آخر وهذا الشي سيكون انسان او مادة او حزب اوالعلم بالضبط كما حصل للحضارة الغربية مصداقا لقوله تعالى
" وما تفرق الذين أوتوا الكتاب الا من بعد ما جاءتهم البينة "
اي عندما انبهروا بالعلم وجعلوه بديلا للأيمان .

غير ان العبودية لمخلوقات الله فيها اذلال للأنسان لأنه يعبد مخلوقا مثله

بدل ان يكون متساويا مع هذا المخلوق امام الله سبحانه وتعالى .

وسعادة الإنسان بعبوديته لله لا تتوقف عند مساواته بالآخرين وانما تتعداها الى مجالات أخرى . فالأنسان عندما يعبد الله وحده فانه بهذه العبودية يحصل على اجابات واضحة عن قضايا هامة في هذه الحياة لايمكن ادراكها بالعقل . فعلى سبيل المثال تاهت الحضارة الغربية في البحث عن ايجابات حول اصل الأنسان وغاية وجوده في هذا الكون ومصيره بعد الموت وتعددت النظريات وتضاربت والذي يتضح ان هذه الجهود لم تأتي باجابات مقنعة وبدأت تعود الى دائرة الدين للحصول على هذه الأجابات
" الايعلم من خلق وهو اللطيف الخبير" .




ولايعني هذا ان الله يطلب منا تعطيل العقول وانما هو تأكيد لنا على ضرورة اعمال هذه العقول في ما تستطيع ان تدركه كتدبر نواميس الكون وقوانينه والأستفادة منها في عمارة الأرض وسعادة الأنسان اما الأمور المتعلقة بخلقنا وبعثنا وما شابهها فقد كفانا الله البحث عنها بتوضيحها في آيات من القرآن كقوله تعالى


" يا ايها الناس ان كنتم في ريب من البعث فانا خلقناكم من تراب
ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة لنبين لكم ونقر في الأرحام ما نشاء الى اجل مسمى
ثم نخرجكم طفلا ثم لتبلغوا اشدكم ومنكم من يتوفى
ومنكم من يرد الى ارذل العمر لكيلا يعلم من بعد علم شيئا
وترى الأرض هامدة فاذا انزلنا عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت
من كل زوج بهيج . ذلك بأن الله هو الحق وانه يحي الموتى وأنه على كل شيء قدير. وأن الساعة آتية لاريب فيها
وأن الله يبعث من في القبور"(الحج ، 5-7
) .


لقد تعجب احد علماء الأجنة غير المسلمين في احد المؤتمرات العلمية من هذا الوصف الدقيق لخلق الأنسان وتساءل عن ما اذا كانت لدى الرسول وصحابته اجهزة متطورة مكنتهم من توصيف الجنين بهذه الدقة ! واضاف مؤكدا ان العلم الحديث الذي استخدم احدث الوسائل والمبتكرات العلمية خلال الخمسين سنة الأخيرة لم يكن بدقة هذه الآيات في وصف خلق الأنسان بل وانه يروى انه قرر ان يستخدم هذه المصطلحات القرآنية في توصيف تكون الجنين في احد كتب المقررات الدراسية التي يؤلفها وتبارك الله أحسن الخالقين. وأخبرنا احد الخطباء في مسجد في الولايات المتحدة أن شخصا اسلم عندما قرأوا عليه الآية السابقة وحدها . وهذا ليس بالغريب حيث ان المفكرالأسلامي محمد اسد صاحب " الطريق الى مكة" يذكر رحمة الله عليه في احد مقابلاته ان سورة " التكاثر" كانت هي سببا لأعتناقة لدين الله الحنيف .

ومن ثمرات العبودية لله ان الحق سبحانه وتعالى وضع لنا خارطة للطريق الذي يربط بين ميلادنا ومماتنا وهذه الخارطة هي عبارة عن الأوامر والنواهي التي جاءت بها الرسل والتي تنسجم مع طبيعة الأنسان وتوجه طاقاته وغرائزة نحو عمارة الأرض وسعادة الأنسان وتجنبه الأفراط والتفريط . وهذه الأوامر والنواهي فيها ما هو ثابت كالأخلاق والعقائد وفيها ما هو متغير لمواكبة تطور الحياة وتراكم المعرفة الأنساينة وتنوع حاجات الأنسان .

وتؤكد تجارب البشرية منذ بعث الله الرسل انه كلما انحرفت حضارة أو امة عن هذه الأوامر والنواهي كلما ادى ذلك الى شتى صور المعاناة وعدم الأستقرار مصداقا لقوله تعالى

" فمن اتبع هدايا فلا يضل ولايشقى ومن اعرض عن ذكري فان له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة اعمى " .

ومن ثمرات العبودية لله ان هذه الحياة ليست البداية والنهاية وانما هي ارض اختبار ومزرعة للآخرة التي فضلها الله على هذه الدنيا الزائلة بقوله
"
بل تؤثرون الحياة الدنيا والآخرة خير وابقى "(الأعلى،16-19) .

وبالتالي فان المؤمن يعيش حياته وهو يتطلع الى لقاء الله والفوز بجنته وهذا الشعوريدفعه دائما الى عمارة الأرض وتحقيق العدل والأستعداد للتضحية وغيرها من الفضائل التي تؤدي الى استقرار المجتمعات

وازدهارها في آن واحد .


وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين

__________________
رد مع اقتباس