عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 03-27-2010, 07:48 AM
 
حرب غزة , بين دماء القلب ودموع التقصير


بسم الله الرحمن الرحيم
ذكـرى حـــرب غــــزة
كلمات من دم القلب
ودموع
التـقصير



*********
فبتّ أقاسي الليـل أرعى نجومه
وبات قــــلبي بالــــهـوى يتقطع
كانت ليلة حراسة .. انطلق الجميع إلى مراكزهم
كان الأخوة مشغولين بتحضير أماكنهم , هو كان
شارد الذهن... مشغول البــــال ... هنا وليس هنا
انطلق إلى ثغره ومعه فرحة
فرحة الربـــاط في سبيل الله
وحزن لا يفـهم معـناه
جلس إلى جـذع شجرة
وارتمى إلـــــى السماء
فإذا ببدر السماء يضئ
الليـل ببيـــاض الجمال
ربي وربك الله .. كنت أراك
قبل حبــــها لا أحمـل أفكارا
كنت جميلا , جمال ورق الزهر الأبيض
وكنت في رمقاتك المضيئة تشبـه النهار
وكنت أيها القمر ملء الوجود
وضـــــائع عـــبر أفـــــــكاري
بعد حبها
أمسيـــت أراك أيـــها القــمر
قدر الله علـــــى أسرار الليل
في صورة وجه فاتـن , ووجه المعشوق
معجزة الله على أسـرار القلب الذي يحبّ
مـــن ضـــوئــــــك وجهها
زينة السماء والسمـاء منك
كمرآة سحرية أطلـــــت منها محبــوبتي
فأمسكت خيال وجهها في لجة من النور
فأنت الخيال والسحر والجمال
أيها القمر مـــــلء السماء أنت
... وملء الحبّ أنت ...
أتذكر وقــد رأيتك ثــمة قـــريبا منها
تصب من نورٍ , خيّل إلي أنها متكئة
في وجنتها على رفرف خضر
وقد وقف لخدمــــــــــتها قمر
؟؟؟
!!!!!!!
تذكر زوجته الغالية
ومنذ زمن بعيد .. كان الغياب
ليلبي نداء الله فــي حـــي على الجـهاد
غاب عنها ليعلي رايـــة الحق والفـلاح
وبكل من كان حــوله من إخوة الطريق
اشتاق إليها .... وهل يـلام المــحبّ إن
نار الشوق ألهــــبت صدره
فانقلبت مـرجل من رصاص
؟؟؟
نظر إلــى القمر , فوجــــده قـــد تنحّى جانبا
لتظهر له زوجـــته , رسمت بريشة المحبين
فـــي جنـــات الخـــلد إبتــــسامة
إبتسم ومدّ يده علّه يصل إليها
وكيف السبيل إلى وصالها
دلني أيها القمر
؟؟؟



إبتسماتك تشعرني بحرارة أفكاري
كلام الفكر من اللسان وكلام القلب من العينين
أما كلام الروح , هو الحركة البــــليغة وحدها
إبتسامة
أليس تألق الألماسة
هو وحده لــــغة معدنها الثمــين
؟؟؟
!!!
لك ابتسامة
يزيد سكون الطرف من غموضها
والأخرى يزيد استطلاق وجهك من صراحتها
والثالثة على استحياء كأن وعدا معلقا بها ولك
ابتسامة
كأنها نشيد وجد
يترقرق فيها صـــوتك الرخيم
إبتسامة ترسم حروف ورنين
ياااااارب .. ضاقت بنا السبل إلا سبيلك
وسدّت الأبواب إلا بابك ... وخاب الرجاء إلا فيك
ياااااارب ... خرجنا جهادا في سبيلك ودفــاعا عن قدسك
وإعلاء لراية دينك
ياااااارب ... ذابت قلوبنا لقلوب خضر معلقة بظل عرشك
يالله
ياااااارب ... لذة النظر إليك أملنا ... وشربة من حوض حبيبك
رجاؤنا ... وحوريات جنتك منهى أشواقنا ...
ياااااارب .... إنها كلمة ... اللهم إني إليك مشتاااااااق
!!!!!
وتعالت صيحات أشواقه وتسابقت دمعاته تحترق
وأتساءل
ماذا لو نزلت هذه الدمعة في البحر
؟؟؟
أظنه يقول ::
سبحانك يــــارب ولك الحمد
تباركت يارب أنا الذي ملأت
ثلاثة أرباع الأرض
قد آلمتني دمـعة محبّ متألم
فهل هو يحــمل ثلاثة أرباع
الهم في الأرض
؟؟؟
!!!
شعر بوقعات خطى صديقه تقطع سكون اللـيل ... تقترب
همسات المخلص الوحيد - الذي اعتاد أن يكون بيت سرّه
وبئر ثقته العميق تنــــــــادي باسمه في ليل أسود
كذنوب البشر القاعدين مع الخوالف عن نصرة
إخوانهم .. في ليل كلّ خلا بنفسه يذكر الله
ويدعوه بالثبات والنصر والتمكين
..
أبو سعد : أبو عبد الله أين أنت
؟؟؟
مسح أبو عبدالله دموع الإخلاص بسرعة
خشية أن يراها صــديقه , ولم يستطع أن
يطفئ آثار نار الشوق على وجهه
********************
أحس أبوسعد بأن اضطــرابا قد أصاب أخاه
ولـم يشأ أن يرهـــــقه بأسئـــلة من الإحراج
أبو سعد .. الســــــــلام ورحـمة الله على من
يجعل الطرف الآخر يشتاق عندما يغيب عنه





أبو عبد الله
( بابتسامة مبللة )
وعليكم السلام ورحمة الله
أبو سعد
أين أنت ؟؟ الكل يسأل عنك ... افتقدناك
أبو عبد الله
بعد انتهاء حراستي أردت أن أكون وحيدا مع نفسي
أحببت أن أبثّ هذا القمر البديع حديث قلبي واعتلاج
صدري أردت منه أن يوصــــل رسالة إلى زوجتي
... لا يستطع أحد أن يوصل معانيها مثل هذا القمر ...
... لايستطيع أحد أن يترجمها سواه ...
إنه مرآة القلب يا أخي أبو سعد




أبو سعد
استمر أبو سعد بممازحة أبي عبد الله لعلّه يخفف عنه وينسيه
لحظات قاسية مرت عليه .. فهو الذي يعلم كيف أن أبا عبد الله
يعاني من مرارة البعد عن الأهل منذ زمن بعيد ... فهو مطرود
وملاحق من الاحتلال وأذنابه , ولم يعد يستطيع ان يعود إلى
أهله وأحبابه .. يعلم أنه يحب الرباط في سبيل الله , فالتحق
بكتائب الجهاد الطيبة الطاهرة , ليدافع عــن راية التوحيد
في زمن الشرك وعبادة الطواغيت .. يعلم أن حبّه للدين
قد بلغ ذروة سنام قلبه , وأن الجنّــة قد ملكت أشواقه
وذهبت ببقية واحة الحــبّ في فــــؤاده ... له تاريخ
طويل من الابتلاء , واليقين بنصر الله أخذ طريقه
شموخا في القلب , كالجبال الراسيات
يعلم أن زوجته أحبّ الناس إليه
بل أحــبّ من أحــب ّ الناس إليه
يُعرف في معسكر المــرابطين
بهذا الحـبّ ... حتى أن رباطه
لا يكون إلا بقميص أهدته إياه
أم عبد الله قـــــبل رحيله بأيام
ويقول للجميع ::
ادعوا الله لي بأن استــــــشهد بهــــذا القميص
ولعلّي ألقى الله وقد خالط دمي طيفها , ويكون
المسك يوم القيامة ممزوجا برائحة يدها
وأبااااااااهي به الأمم يــــــوم القيامة
*******************
ويعلم أبو ســـعد هذا الـــــحبّ
وهو الذي كان ومازال يأخذ
برسائله إلى زوجته في
قريتهم البــــــــعيدة
**********
كيف لا ... وقد اجتـمع القلبان في الله وبالله
كيف لا ... وقد كــــان القـرآن ربيع قلوبهما
والسنة منهج حياتهما
كيف لا ... وقد تعاهدا أن يكــونا فـي الجهاد
وحوض الحبيب صلى الله عليه وسلم يقول
ربح البيع أبا عبد الله
ربح البيع أبا عبد الله
!!!
كيف لا ... وقد كانا كـــذرتين متجاورتين في
طينة الخلق الأزليّ ... هي بروعتـها ودلالها
وسحرها , وهو بقوته وثباته وجهاده
فكان منهما شئ إلى شئ كما توضع
زجاجة الحبر الأسود إلى جانب
الألماسة اليتيمة وأُجيد نحتها
وتكسرت أشــعة الشمس
على جوانبـها , فإذا هي
من كل جهـــة ثغر يتلألأ
وإذا بالزجاجة ولو كان
ألماس أسود
!!!!



كانا في الحبّ نصفين من التاريخ واحد
رأى في وجهها من النور والصفاء ما جعلها
بيــن عــينيه , وبــين فــلك المــعاني السامية
كمـــرآة المــــــرصد السماوي المشرق
************************
قاطع أبو سعد الصمت : قائد المعسكر ... يقول
أن حشود بني صهيون قد ازدادت على حدودنا
وأن احتمال الاقتتال بات قائما
أبو عبد الله :
توقعنا ذلك , وأنت تعلم , ولكن لا نـعرف الوقت المحدد ,لكن
لا يهمنا متى وأين ... فقد أعددنا لهم ما استطعنا , وسنريهم
بإذن الله ويلات وويلات وسنفتح عليهم بابا من جهنم ليذوقوا
حرّها وليعلموا أيّ منقلب سينقلبون
...
أبو سعد :
بإذن الله سنشفي صدور قوم مؤمنين
يالله يا أبا عبد الله ما أجمل العيش في سبيل الله
وما أجمل أن يكون محيــاك في الله ... تلك نعمة
نسأل الله أن يرزقنا شكرها
أبو عبد الله :
كلنا يعيش من أجل الجنة ونعيمها المقيم
وذلك جزاء من قام علـــى دين الله داعيا و ومدافعا
أريد أن تجيبني ولتتخيل معي .. إذا رزقنا الله الجنة
من تحلم أن يكون جارك
؟؟؟
أراد أبو سعد التكلّم فمنعته
غصّة وقــــــــعت في الحلق
لتعلن اختناق الروح من أشواقها
آآآآآآآه وألف آآآآآآآآه ولم السؤال
؟؟؟
قد توقعت منك العــــجيب الغريب
وأنك تجيد مخاطبة القلوب بطرق
تثير براكينها الخامدة
أبو عبد الله :
نحن في رباط وفي كنف الله ورعايته
فلعلّ الله يطّلع على صدق قلوبنا فيرزقنا
ما نتمنى وأريد أن نعيش لحظات في الاخرة
تنسينا الدنيا وكدرها
أبو سعد :
أحلم أن أكون
جار الحبيب
النبي محمد
صلى الله عليه وسلم
وصحابته وآل بيته الكرام
!
!!!!
!!!!!!
!!!!!!!!!
!!!!!!!!!!



أبو عبد الله ( مقاطعا) :
تلك أمنية كل مسلم يا أخي
ولن نتردد في ذلك ولكن أريد
شخصا له مكانة قريبة من مكانة
ما ذكرت من الأحبّة
أبو سعد :
لقد تكنيّت بأبي سعد
لأزداد شرفا وبركة باسم
صحابيّ اهتزّ له عرش الرحمن بموته
صحابيّ حملته الملائكة إلى قبره .. قائد من
قادات هذا الدين ... مناديله في الجنة أجمل من
حرير الدنيا ... إنه سعد بن معاذ ... اللهم ارزقني
جوار سعد بن معاذ يااااارب العالمين ... آآآآآآآآآآمين
؟؟
أبو عبد الله :
آمين يا رب
أنا أسأل الله أن
يرزقني جوار ناصر السنة
إمام أهل الحديث ... العالم الرباني العظيم
إنه محمد بن اسماعيل البخاري ... أريد أن
أسمع قصة السنة وحبّـــها ... أن أرى قلبه
يحدثني عن مكانة الحـــديث النبوي من قلبه
!
!!!
!!!!!
ولكن أريد جارا فاضلا طاهرا
أريد ألا أقارقه في الجنة ... أمشي
معه وأكل وأشرب معه من طيبات الجنة
أفاخر به المؤمنين في ظلال العرش العظيم
أبو سعد :
أخبرني بالله عليك .. ومن هذا الذي سيملي عليك
وقتك في الجنة
؟؟؟
أبو عبد الله :
أنت يا أبا سعد ... نعم أنت
أريدك جارا , وأنعم به من جار
!!!
سبقت عبرات العيون لسان أبي سعد
وأخذ صوت بكائه يطرب سكون الليل برقة
وصدق يعجز اللسان عن وصــفه بكلمات بشر
فقام إلى أبي عبد الله وقبّل رأسه وضمّه ضمة لو
وضعت مقاييس الزلازل بجانب تلك القلوب لقال لك
المقياس هذا الذي لا يُدرك
!!!!



ذلك الحبّ في الله الذي لا يبدأ إلا من آخر الدنيا
فهو دائما في طرفها , ولو نصب ميزان الآخرة
للمتحابين في الله ووضعت كرة الأرض بكنوزها
وممالكها في كفة ثم وضع الحبيب في الله في كفة
أخرى لرجحت هذه لأن فيها الحبيب والأخ والصديق
وبقيت الأخرى وكأن لم يكن فيها شئ , وإن كان فيها
المشرق والمغرب
*********
أوقف تلك اللحـظات الإيمانية الرائعة
نداء من قائد الكتــائب لاجتماع طارئ
والمعلوم للجميع في هذا المعسكر أن
هكذا اجتماعات لا تكون إلا في حالات
الخطر الكبير ... اجتــــمع الأبطال في
همة وحماس تنطق به العيون
وتصدقها الحركات
***********
وقف الأمير خاطبا :
وصلتنا أنباء بأن أعداء الله قد حشدوا لنا كل قوة وعتاد
وسيقتحمون الحدود ليزيدوا من سواد تاريخهم صفحات
جديدة , سيأخذ كل منكم موقعه ولينتظر أوامره من قائده
المباشر ... اعلموا أحبتي أنكم مقبلون على الله فيا هناء
من أسعده الله بلقائه ... ويا لســعادة من حظي بنصر الله
جـــددوا النيّــة واستحضــروا الإخـــــلاص لله في قلوبكم
حركوا الأشواق في الأرواح ... واجعــلوا الدماء تغلي في
القلوب لنصرة هذا الدين , سدد الله رميكم وثبتكم ونصركم
************
تعالت صيحات التكبير
ومشى الجميع يمسك البعض
بيد الآخر والكــــــل ينشدون
في سبيل الله نمضي
نبتــغي رفـــع اللواء
أبي سعد وأبي عبد الله في ثغر واحد
وذلك تنفيذا لعهد , ألا يفرّق بينهم في
ساحات الوغى
ماهي إلا ساعات حتى بدأت المــعركة القاسية بقصف جوي
وهجوم بريّ ورصاص هنا و قنابل هناك , افترقت الجموع
وضاعت معــــالم الأرض ولكن لـــم يبتعد اليقين بالنصر عن
قلوب المجاهدين ... ولم تكن تســـــــمع مــع أزيز الرصاص
إلا صيحات التكبير والتحريض على الثبات في وجه الأعداء
******
ساعات قاسية مرت على قلوب الجميع .. ساعات لم تكن تعدّ
بالزمن ولكن بفناء القلوب ... انتهت المعركة الأولى وهدأت
الأحوال على جبهة القتال ولكن لم تهدأ قلوب الأخوة وهي
تبحث عن شركاء الثغور .. مضى أبو سعد متثاقلا على
جرحه يسعى هنا وهناك .. يسأل فلانا ويرجو فلانا
يرجوه إن وجد أبا عبدالله أن يخبره ... لم يكن
يشعر أن قلبه سوف ينوب حرقة في البعد عنه
وعندما بدأت أثقال التـعب تلقي به إلى الأرض
سمع صوت إنسان يرتل القرآن بصوت ملائكي
إنه أبو عبد الله ... نعممم إنه هو ... جمع قواه
وهمّ مسرعا إليه ... اقترب منه فإذا به قد أصيب
إصابة بالغة قد أعلـــمت أبا سعد أن توأم روحه قد
بدأ يجهز نفسه للرحيل ... حمله بين يديه , قربه إلى
صدره يبكيه ويرثيه
أبو عبدالله :
لاتجعل للبكاء طريقا إليك يا أبا سعد ... أولم ننتظر هذه
اللحظات سوية ؟؟؟ ألــــم ندعو الله ليل نهار أن يرزقنا
الشهادة في سبيله , وأن يأخذ من دمـــائنا حتى يرضى
؟؟
مدّ يده إلى خد أبي سعد ومسح دمعته وقال له :
أرد منك خدمة بسيطة
أبو سعد :
لو طلبت مني أن أعبر القارات لفعلت
فأنت ما أنت يا أخي
أبو عبد الله :
أريدك أن تثبت على ما أنت عليه .. فنحن على حق
وعلى صراط العزيز الحميد .. أثبت على قتال المحتلين
ولا تضعف أبدا .. أرجوك ... هذه أرضنا وأرض الأنبياء
لعل دمائنا تسقى أرضها فتخرج لنا أجيال النصر والتمكين
أنتظرك يا جاري الحبيب ... أنتظرك في الجنان
********
بدأت قوى أبي عبد الله تتهاوى وتفنى وفي لحظات
عاد إلى ابتسامة الرضا التي رسمت لوحات الإيمان
على وجهه بريشة الإخلاص فأردف قائلا : أما
وصيتي العظيمة فهي لزوجتي ... أريدك
أن تزف إليها خبر موتي
أبو سعد ( مقاطعا ) بل خبر استشهادك
أبو عبد الله : ياااااااااااارب تقبلي
أخشى الله أن يحرمــني أجرها بذنوبي
الكثيرة ولكن حسن ظــني بربي عـظيم
بعظم رحمته سبحانه وتعالى ... أريدك
أن تخبرها أني تمنيت أن أراها وأجلس
إليها لأحدثها بأحــاديث لا يفهمها إلا قلبها
الطيب ... شكرا لها .. شكرا لحبها ... شكر
لصبرها ... شكرا لحنانها وعطفها .. شكرا
للسعادة التي غمــرتني بها ... قل لها : أني
أنتظرها على باب الجنة
يا أبا سعد
والله , إني أرى مقعدي في الجنة
ياااااارب اشتقت إليك
أشهــــد ألا إله إلا الله
وأن محمدا رسول الله
فاضت روحه إلى باريها
وابتسامة السحر الجميل التي لو
اطلعت عليها حوريات الجنان , لغارت
من حسنها وجمالها
************
تعالى نحيب أبي سعد وبكى بمرارة
... مرارة الفقد ... أم مرارة الوحدة ...
أم مرارة الشوق المرتقب
معان تشابكت في العيون
سبحانك يارب ولك الحمد
إني أرى أنــــــاسا يحييون بالدموع
وآخرون يموتون بها , ولعلّ عين
الإنسان ملئت بالـدموع من أصل
الفطرة لتكون خنادق مستفيضة
حول الروح فلا يقتحمها الفكر
ولا يرى أبــــدا إلا ظاهرها
ولولا ذلك لما بقيت
الروح من أمــر الله
وداعا أيها البطل , لفقــــدك تدمع المقل
لئن تنآءت بنا الأجساد , فالأرواح تتصل
!
!!!
!!!!!!
!!!!!!!!
!!!!!!!!!!!
خمار أم عبدالله
وقفت أم عبد الله أمام مرآتها تستر نفسها بخمارها الأسود
الجميل ... ذلك الخمار الذي زادت به جمالها جمالا بعين
حبيبها الغائب , الذي أهدته هذا الخمار بعد الخطوبة
كعربون وفاء , ولتثبـت أن العفة تزداد نضرة
بهذا الخمار ... بـــــدأت تفحصه من كل جانب
وهي التي تعرف غيرته عليها حتى من نفسها
غيرة المحبّ على جوهرته الثمينة
**********************
خرجت تشقّ شوارع القرية إلى بيت أبي سعد - الذي وصل
إلى القربة البارحة وقد علمت من إحداهن بوصوله -فلم
تمتلك نفسها وطارت فرحا بقدوم رسول الحبيب إليها
فكتبت رسالة إلى زوجها وجعلتها في ظرف أبيض
كقلبها ... قطعت الطرقات طائرة بجناحي شوقها
تمشي علـى استحياء ... واهٍ لقــلبي من الحياء
حياء كنجوى النسيم للزهر , وكأنه آهة رقيقة
انبعثت من حوريـــــة حسناء فأرسلتها الملائكة
إلى الأرض , تتصفح كل وردة حتى رأتها وهي
تبتسم فاختبأت في وجــــهها وما أشك من نوره
في الجنة
!!!!!



رأى أبو سعد زوجة أخيه قادمة إليه وقد عرفها بمشيتها
الخجولة ... ماذا يقول لها ؟؟؟ ماذا يحدثها ؟؟؟ اعتاد
أن يزّف إليها أخبارا جميلة ولكن اليوم ليس للفرحة
طريقا إلا فرحة الشــــــهادة لزوجها
اقتربت منه وأخذت طرفا من الشارع
وقالت :
السلام عليـــــكم يا أخي
والحمد لله على سلامتك
أبو سعد : وعليكم السلام
سلمك الله مــــــن كل سوء
أم عبد الله :
سمعت أنك في القرية فلم أستطع إلا أن أثقل عليك
كعادتي في حمل مرسالي إلى زوجي إن لم يكن يضايقك
كيف حال زوجــي ؟؟؟ كيف صـــــحته ؟؟ هل يأكل جيدا ؟؟
هل ينام براحة ؟؟ هل يحتاج إلى شئ يكن أن نرسله إليه ؟؟؟
علم أبو سعد أن الصمت أبلغ في تلك اللحظات , أطرق الرأس
والتزم ما كان أبلغ من مئات المفردات
أم عبد الله :
مالك يا أخي لا تجيبني ؟؟؟ مالك تلتزم الصمت وأنت تعلم
أني أحترق لأصل لهذه اللحظات , لأطمــــئن القلب وأريحه
من مرارة الفراق ... هل حدث له مكروه ؟؟؟ هل هو مريض؟؟
أرجوك يا أخي أخبرني
أبو سعد :
إنه يرسل لك سلام قلبه الحار , ويوصيك بالثبات على الحق
وأنه ينتظرك على باب الجنة ليأخذ بيدك إلى قصورها
لقد استشهد زوجك يا أختاه في معركة الأسبوع
الماضي , وقد أسلم روحه لله
***********************
ضاقت الدنيا
بمـــا رحبـــت بقــلب أم عبـــد الله
وكادت تختنق من هـــول المفاجأة
رحـــــل أبو عبـــــــدالله وتـــركها
رحل أملها الجميل , ورفيق دربها
... رحل إلى ربه ..



استدارت عائدة إلى بيتها وقـــد أفلتت يدها رسالتها التي كانت
سترسلها فوقعت على الأرض وبدأت تتلاعب بها الريح بدأت
تحبس دموعها لتري زوجها إن اطلع عليها أنها ثابتة
وقد رضيت بحكم الله ولكن تفكيرها بفراق زوجها
أفشلت آخر محاولة للثـبات أمام أعاصــيرالصبر
لا تريدها أن تغـادر عينها في تـلك الحظات حتى
لغة الدموع أفصــح من دواوين شعر ...لــم تكن
تريد أن يرى أحد أشعة كثيرة من ألوان الأسرار
******************************
زوجي وأبي وأمي يا أخي
يا أمل اللـــــقاء في الجنة
اشتقنا إليك وأنت الذي رحلت
وكأن الـروح قد خرجت ... آه
رحلـت وتركـــــت لقلبي الآلام
آلام الــــفراق التي ــــــ لو تجسدت
لصهرت الحديد في موج من لهيب النار
وتحطم الصخر في زلزلة من ضربات المعاويل
رحلت ... وتركتني أتأوه لا بالأنين كغيري من الناس
ولكن برعد الأرواح يرتجف إذ ينفجر كبرياؤها .. وأبكي
لا بالدموع ولكن بسحاب المــــعاني التي ـــ يؤلفها القدر
فيسوقها لتمطر على ناحية من القمم الأبدي
***************************
يارب رحمة بالمحب الذي يتوجع بآلامه
ومعانيها في روحه وأمانيه ثم بالصبر
ثلاثة آلام كلما ضــاقت نفسي جلست
إلى ذكرياتنا الجميلة , أتفيأ ظلالها
********************
وقعت في يدي بطاقة كتب عليها بخط يدك
مع وردة جميلة من جنات قلبك ... أتذكرها ؟؟؟
إنها لحظة أعلنت لكِ اكتمال حفظي لكتاب الله عزوجل
زوجتي الحبيبة ::
أنار الله قلــــــــــــــــــــــــــبك بالقرآن
ورزقك الإخلاص في القول والعمل
وألبسك تاج النور يوم القيامة
وأقول في هذه المناسبة :
كم أسأل الدرّ عن معـــــناك باسمة
والورد عن لفظة قـــــد أطبقت فاكِ
لا الدرّ يدري ولا في الورد لي خبر
أرويه عــــــــــــــن ثغرك أو ثناياكِ
يا نجمـــــــة أنا في أفـــــــلاكها قمر
من جذبها لــــــي قد أضللت أفلاكي
أبو عبدالله
*********
اللقاء في الجنة
فتاة : أتبكي يا عماه ؟؟
أبو سعد : نعم يا إبنتي
فتاة : وهل يبكي الرجال ؟؟؟
أنا أبكي فقط عندما أبتعد عن أمي
أبو سعد : بعض الأوقات نحتاج للبكاء
************************
مدت يدها الناعمة بحنان الأم ومسحت دمعه
وقالت :
قم يا عماه
فقــدسنا ينادي
الأقصى ينادي
الأقصى ينادي
ابتسم أبو سعد
والفتاة تبتعد تلحق بصاحبتها
فصاح عاليا : ما اسمك أيتها الطاهرة
الفتاة : اسمي عائشة
اللقاء في الجنة ... اللقاء في الجنة
اللقاء في الــجنة
بمشيئة الله تعالى
***********
م . بتصرف