السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
تذكر أنَّ الدنيا أيام معدودة، مستعارة مردودة، وأنَّكَ فيها في ابتلاء، وأنَّه لا مفرَّ لك من نهاية الأجل، وأنَّ القبر فتنة وحساب فإمَّا نعيم وإمَّا عذاب، وأنَّ المرء يموت على ما عاش عليه، ويبعثُ على ما مات عليه. ففريق في الجنة وفريق في السعير. فهل أعددت للموت عدته؟ وهل فكرت يومًا في وحشة القبور؟ وهل تأملت في أهوال الحشر والنشور؟.
فتذكر -أخي الكريم- عسر هذه اللحظات، وتذكر ما يحصل فيها من ابتلاءات، فوالله إنَّها لأحرى بالتذكر والتأمل، والاستعداد والتشمير عن ساعد الجد بالانتهاء عما حرّم الله، وفعل ما افترضه وأوجبه، والإكثار من الخيرات وما ينفع في الدار الآخرة. فإن ذلك من أعظم ما يسهل على المرء سكرة الموت، ويجعله ثابتاً موقناً في دينه ساعة الاحتضار. فهذا شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- تعالى يحتضر ويقرأ: ﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ﴿54﴾فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ﴾ [القمر:55،54]. وهذا عمر بن عبدالعزيز -رحمه الله-، عند موته يقول: أجلسوني، فأجلسوه، فقال: «أنا الذي أمرتني فقصّرت، ونهيتني فعصيت، ولكن لا إله إلا الله، ثم رفع رأسه فأحدَّ النظر. فقالوا له: إنك لتنظر نظرًا شديدًا يا أمير المؤمنين. قال: إني أرى حضرة ما هم بإنس ولا جن» ثم قبض -رحمه الله- وسمعوا تاليًا يتلو: ﴿تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾ [القصص:83]
نسال الله العلي القدير حسن الخاتمة