03-28-2010, 09:55 AM
|
|
لستُ أنتظرك كما يبدو .. فـ ما كان لي من حيلةٍ سوى البقاء في وجه رحيلك ، أعاين أجزاءه و أمسح عنه شوائب وهمية ما كان لي إلا أن أتفقّد بريدي و أركانَ المخبأ كي لا أجدك فأتظاهر بالنعاس و أغادر مبكراً ما كان لي إلا أن أتسلّق أحاديثك النائمة من العام الماضي ، واختبئ فيها حتى يهدأ هذا الصوت الراعد في رأسي ما كان لي إلا أن أبقى ، و أكتب ، و أكذب ، و أصرخ أنك هنا .. رغماً عنك ، و عن صوتك الذي ماعدت أذكره ، رغماً عن نافذتك الرمادية الموصدة و كلّ هذا البرد الزاحف داخل أعمدة الحنين لأن الراحلين بصمتٍ ، لا يرحلون تماماً بل يتركون لنا مسافة بين الحلم و التصديق لنحتار بينهما ، يتركون تلك الكومة المالحة في منتصف الحلق كـ مانع للدموع ، و الغرق و المضيّ نحو حتف ما لست أنتظرك كما يبدو هل تظنّ الحزن ينمو في جلابيب الإنتظار ! هل تظنّ الصبح حين ألقى ظلّه بيني وبين الغرب و انفضح البكاءَ ، بأنه يكفي لأُشرقَ فيك ؟ هل تظنّ الآن أني واهنة ، أمارس وأد أفكاري المخيفة قبل اكتمالها كي يبدو قدومك ممكناً ! هل تظنّ أني لا أزال اكتب وجهي مفضوحاً بك ، و أنشر فوضايَ ؛ أحاديثاً بيضاءَ ليصلك شيئاً من نورها ، هل تظن بأني لا أزال كما أنا ! لست قريباً حتى .. وحين تكون ، ستجدني مضيتُ أسترقُ الحلم من سماءٍ ماعادت سقفاً مناسباً لكل هذا الخيبة ، ستجدني منهوبةَ الحرف و أنتَ الذي اعتقدتَ أن الكلام لن يصغُر في فمي يوماً ، ستجدني بعيدةً ، ناسيةً ، مكتفيةً من الأرض بترابها ، ومن الغابات بلونٍ ظننته يقربني منك و فجعتُ به لوناً للموت و النهايات فلا تعتقد أبداً بأني انتظرك .. وإن كان هذا ما يبدو ..
__________________
" رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي " |