واجه المشكلةَ و حطِّمها!
أو غيِّر طريقك و اهرب منها!
افعل أي شيء و لكن إياك إياكَ أن تدحرجَها أمامك!
فجأةً تعكَّر إيقاعُ العمل الرائع في مملكة النمل العظيمة! ماذا حدث؟ ما هذه الضوضاء و التجمعات!؟ تفرقوا هيا!
سيدتي! لقد سقطت في المستعمرةِ صخرةٌ ضخمة و سدت الممر إلى جناحِ الملكة!
ماذا؟!..لا! جلالتها في موسم الإباضة و لا يمكننا الإخلالُ أبداً بوجباتِ غذائها!!
فلتحضر رئيسات العاملات الخبيراتِ إلى هنا فوراً و لندفع هذه الصخرةَ إلى الممر الجانبي! كانت الصخرةُ حسنةَ الاستدارة و إذاً لم يكن مستحيلاً على العاملات دحرجتها إلى مفترق الممرات و إزاحتها جانباً إلى دهليزٍ آخر...
و بعدَ جهدٍ هائل وصل الطعامُ إلى الملكةِ في موعده!
لم تكد الملكة تنهي طعامها حتى علا الصراخ مجدداً... كارثة! النجدة النجدة!
ما الأمر الآن؟! سيدتي لقد عرقلت الصخرة التي أزحناها جريانَ الهواء في الممر المؤدي إلى غرفة الحضانة و بدأت الحرارة بالارتفاع و إذا لم نزح الصخرةَ فوراً فإن الجيل الجديد سيهلك كله و نهلك معه!!
نادوا رئيسات العاملات من الحقول حتى يزحن الصخرة! و إلى أن يحضرن دعوا الذكورَ الكسالى يحركون الهواء بأجنحتهم قدر استطاعتهم هيا هيا!... مرَّت الدقائق عصيبةً و كأنها دهور ثمَّ انجلت الكارثة!
في اليوم التالي صدرَ قرارٌ بتقليدِ رئيسة العاملات وسامَ المبادرة الأعلى و جرايةَ غذاءٍ إضافية دائمة و نالت فرقُ الدحرجةِ مكافآتٍ سخيةً أيضاً و أعفيت من الخروجِ إلى الحقول مؤقتاً حتى تفرِّغَ جهودها لإنهاء مشكلةِ الصخرة.
كانت الصخرةُ ضخمةً شديدة الصلابة و كان البريقُ الباهتُ لسطحها الصلد إشارةَ تحذير تردعُ أشجعَ العاملات عن تجريبِ فكوكها فيها... و كانت استدارتُها و إمكانيةُ دحرجتها - بالرغم من مشقَّتها- عاملاً آخر يغري كلَّ من يخشى تأذيَ فكوكه بالاستمرار في الدحرجةِ إلى الأبد.... و بانتظارِ ولادة النملةِ المخلِّصة الشجاعة ذاتِ الفكوكِ المُعجِزة فإنَّ دحرجة الصخرة كانت تزدادُ قبولاً و جمالاً يوماً بعد يوم.
إنها رياضة جسدية تقوي العضلات، و هي رياضةٌ عقلية تبرزُ مواهب التخطيط و سرعةَ اتخاذ القرار للعثور على أفضل مسارٍ للدحرجة، و هي اختبارٌ حقيقي للولاء و المثابرة و تجربةٌ عملية رائعة تنمي روح التعاون و الثقة بينَ أعضاء فرق الدحرجة، كما أنها أوجدت العديدَ من الوظائف في عمليةِ الدحرجةِ ذاتها و في الصناعاتِ الداعمةِ لها من أدواتٍ و روافعَ بسيطة و من وسائلِ السلامة و الحماية و الرقابة و السيطرة إلخ إلخ.... فلندحرج إذاً حتى تُفرج....
مرت أيامٌ و سنين و الصخرةُ رائحةٌ غاديةٌ في الدهاليز و لم يعدٌ أحدٌ يتذكر و لم يعد أحدٌ يسأل متى وجدت و كيف وجِدت ولماذا وجِدت! لقد أصبحت الدحرجة أسلوب حياة و اندمجت الصخرة بوجود المستعمرةِ و أهلها....
في يومٍ من الأيام مزقَ اللحنَ المألوفَ صوتٌ ناشزٌ غريب لقد كانت عاملةً متدربة قطع صوتها نداءات التنسيق التي توجِّه عملية الدحرجة الدقيقةَ و الخطيرة...سيدتي سيدتي!
توقفوا فوراً! فليجمدِ الجميعُ في أماكنهم!... ماذا الآن !؟ ألم أقل لكم إن عملية الدفع لا تعطي مفعولها الأمثل إلاَّ مع التركيز الذهني و الجسمي و حبس النفس و إغلاق الفم!
أجل أجل أنا آسفة و لكن خطرت ببالي فكرة!
ماذا؟ تعرقلين العمل لأجل فلسفة!... هيا قولي بسرعة يجبُ أن تزاحَ هذه الصخرةُ من هنا خلال أربع دقائق و خمسينَ ثانية على الأكثر! تكلمي بسرعة! أو... انتظري انتظري سأضع بديلاً عنك و أسمعك و الويلُ لكِ إن كنتِ حمقاء!
سيدتي لقد رأيتُ الكثير من ميداليات الشرف و تذكارات الأبطال من الجرحى و الشهداء الذين قضوا تحتَ الصخرة وسمعتُ الكثير عن عبقريات المتفوقين في نقلها بأفضل مسار و بأسرعِ وقتٍ ممكن، و لكنني لم أرَ و لم أسمع هنا عن محاولةِ واحدة لتحطيمِ الصخرة!
لماذا لا نجرب تحطيمها؟! ليسَ لدينا فكٌّ واحد مكسور في المستعمرةِ كلها أمعقولٌ هذا!؟ ثمَّ لماذا لا يبحثُ المهندسون عن مكانٍ ملائم نحفرُ فيه بين الممرات تجويفاً يستوعب الصخرة ندفعها إليه و..؟
أوه... لقد أخطأتُ التقدير هذه المرة! أنت لستِ حمقاء بل أنت حمقاء بامتياز! اذهبي و تابعي الدحرجة هيا!..
دبت النملة بهدوءٍ خطوات قليلة ثم توقفت...:
سيدتي! شكراً لكِ لقد تعلمتُ اليومَ أهمَّ درسٍ في حياتي!... الحمدُ لله أنا عمياء و لستُ حمقاء!
ماذا؟! أجل عمياء! لماذا لم أرَ من قبلُ أن الصخرةَ التي تسد الطريق هي داخل الرؤوس و ليست في الممرات!
---------------------------------------
مختـــــــارات
في كلِّ مرةٍ تتشابك فيها الأزمات و تضيعُ الدروب لا بدَّ من أن يكتشفَ أحدهم مخرجاً و يتزعم المسيرة نحوه و في معظم الحالات لا بدَّ من أن يكون مجنوناً. داف باري – كاتب فكاهي Dave Barry
لا أريدكم أن تتبعوني و لا أن تتبعوا أي إنسانٍ آخر. و إذا كنم تنتظرونَ مخلِّصاً ليخرجكم من تيه الرأسمالية فأبشروا بخلودكم فيه. لن أقودكم إلى أرض الميعاد حتى لو كان ذلك باستطاعتي لأنني إن فعلتُ فإنَّ ذلك يعني أنَّ إنساناً آخر سيأتي و يقودكم خارجها. يوجين ديبس زعيم سياسي و نقابي. (1855-1926) Eugene V. Debs
وحده من يخاطر بالتحليق عالياً جداً يمكنه أن يعرفَ إلى أي ارتفاعٍ يمكنه أنه يحلِّق. ت.س. إليوت ناقد و أديب أمريكي (1888-1965) T. S. Eliot
إنَّ أي وقتٍ هو الوقت الصحيح للقيام بالفعل الصحيح. مارتن لوثر كينغ (1929-1968) Martin Luther King
يرى المتشائم الخطر في كلِّ فرصة و يرى المتفائل الفرصة في كلِّ خطر ونستون تشرشل Winston Churchill (1874-1965) منقول التنمية البشرية وتطوير الذات - طاقات بلا حدود طاقتي الغير محدودة