الأتراك قادمون – فهمي هويدي
رؤساء الوفود العربية الذين شاركوا في قمة «سرت» لاحظوا أنه كان في استقبالهم بمقر إقامتهم سرب من الفتيات الجميلاتممشوقات القوام، اللاتي كن يرددن عبارات الترحيب بعربية مكسرة، أوبإنجليزية أفضل حالا، كانت مهمتهن مقصورة على الحفاوة بالضيوف وتوزيعالابتسامات عليهم، ثم اصطحابهم إلى حيث يريدون، سواء أكانت أجنحة الإقامةأم قاعات الطعام، حيث كان يتسلمهم هناك فريق آخر من الشبان ذوي القاماتالطويلة والبشرة البيضاء والعيون الزرقاء، الذين كانوا يرددون نفس عباراتالترحيب بالعربية المكسرة، في حين أن إنجليزية بعضهم أفضل بصورة نسبية.
لم يمض وقت قصير حتى اكتشف أحد الضيوف أنهم يتبادلون الحديث فيما بينهمباللغة التركية، وجاءه من يؤكد المعلومة، مشيرا إلى أن شركة تركية فازتبمناقصة تقديم الخدمات لجميع المشاركين فى مؤتمر القمة (مقابل عشرة ملاييندولار). وشملت هذه الخدمات تقديم وجبات الطعام. ولذلك فإن الشركة جلبت منتركيا 90 ٪ من المواد الأولية المطلوبة لإطعام الوفود. وكان مما أحضروهزيت الزيتون والمخللات والألبان والعصائر والخضراوات والأسماك واللحوم. وهي الخامات التي استخدمها طهاة أتراك في تقديم الأكلات التركية التيأبدعوا وتفوقوا فيها.
من المعلومات التي ذكرت في هذا الصدد أن الشركة التركية استقدمت ألفشاب وفتاة لتقديم الخدمات للضيوف، وكان من بين هؤلاء 64 شابا كانت مهمتهمتنظيف الملابس وكيها.
نشرت صحيفة «الحياة» تقريرا فى 27/3 حول مظاهر الحضور التركي الأخرى فيالمؤتمر، قالت فيه إنها لم تقتصر على الخدمات والإجراءات، ولكنها شملتأيضا البنية التحتية، التي فازت بها شركة «ناليتكو» ووقعت عقدا بهذاالخصوص قيمته نحو 150 مليون دولار. وبمقتضاه قامت الشركة ببناء القصوروأماكن الضيافة والفنادق في مدينتي سرت وطرابلس. وهي المهمة التي تمإنجازها خلال تسعة أشهر. إذ بنت فندق ركسوس الذي ضم نحو 150 غرفة إضافةإلى 22 فيلا في طرابلس، ومجمع سكني ضم نحو مائة فيلا إضافة إلى 450 شقة فيسرت.
وكان القرار السياسي الليبي قد استقر على عقد القمة في سرت مسقط رأسالعقيد القذافي ومعقل قبيلته، بدلا من طرابلس العاصمة، بعدما تبين أنالترتيبات الأمنية والتنظيمية أفضل في الأولى، إضافة إلى وجود 24 جناحارئاسيا قرب قاعة «واغة دوغو» التي استضافت أعمال القمة.
خلال الأشهر التسعة سابقة الذكر أقيمت بنايات شاهقة وقصور فخمة،والفارق كبير بين القصور التي أقامت فيها الوفود الرسمية والشقق التي خصصتللمراقبين والصحافيين. لكن القاسم المشترك بين هذه وتلك تمثل في «الجسرالتركي»، ذلك أن الطعام والأثاث والأدوات الصحية والملاعق والسكاكينوالشوك والصحون والثلاجات والنوافد والأبواب، جاءت كلها من بلاد الأناضول.
أضاف تقرير الحياة أن تلك هي المرة الخامسة التي فازت فيها الشركةالتركية بعطاءات تنظيم وتقديم قمة أو حدث كبير في ليبيا خلال السنواتالأخيرة. أسهم في ذلك لا ريب أن البلدين ألغيا تأشيرات الدخول فيما بينهماقبل أشهر قليلة، الأمر الذي فتح الأبواب لتدفق انتقال الأشخاص والبضائعووسع من نطاق تبادل المصالح بينهما.
وهناك خطة لرفع قيمة التبادل التجاريمع ليبيا إلى عشرة بلايين دولار في السنوات الخمس المقبلة، بعدما وصل إلى 1.6 بليون العام الماضي. علما بأن حجم التجارة بين البلدين كان في حدود 225 مليونا فقط في سنة 2003، ولعلمك كانت تركيا قد ألغت في العام الماضيتأشيرات الدخول مع دول عربية أخرى مثل سورية ولبنان والأردن.
وقد زار وفدديبلوماسي تركي القاهرة قبل أكثر من أسبوع لترتيب العلاقة بين أنقرةوالجامعة العربية، تمهيدا لعقد مؤتمر كبير بإسطنبول في شهر يونيو المقبل،يشترك فيه وزراء الخارجية ورجال الأعمال.
إذا أضفت إلى ما سبق التحركات السياسية النشطة التي تقوم بها تركيا فيالعالم العربي، فسوف تجد أنها تتقدم بخطى حثيثة في فراغنا المخيم، وإن دولالمنطقة وفي المقدمة منها مصر، ستتحول إلى «كومبارس» في نهاية المطاف،لأسباب عدة أهمها أنها رسبت في اختبارات الحضور.
........................